وجد حزب العدالة والتنمية نفسه وحيدا في معارضته لمقترح احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في الانتخابات وليس على أساس الأصوات الصحيحة. فهل احتساب القاسم الانتخابي بهذا الشكل يخالف المقتضيات الدستورية والمنطق الانتخابي السليم، كما عبر البيجيدي عن ذلك في بلاغ لأمانته العامة؟ دستوري/ غير دستوري السؤال نفسه نقلته جريدة "العمق" لأستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، محمد زين الدين، الذي قال إن الأمر يتعلق باختلافات بين الفاعلين السياسيين. وأوضح زين الدين أنه لا يمكن أن نقول عن هذا المقترح بأنه غير دستوري، مشيرا إلى أن جميع القوانين الانتخابية يقع فيها توافق بين الأحزاب السياسية، والوثيقة الدستورية لا تنص على هذا الأمر. وتابع أن هذه الاختلافات تبقى حاضرة بشكل كبير، إذ أن هناك اختلاف في نظام العتبة وغيرها من الآليات، مضيفا أن هذه النقاشات تحسم بالتوافق بروح إيجابية بين الأطراف، في نهاية المطاف، كما عودنا الفاعل السياسي. في الاتجاه ذاته ذهب أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، عبد الرحيم العلام، معتبرا أنه لا علاقة لهذا النقاش بالدستوري وغير الدستوري، مسترسلا أن كل شيء دستوري مادام لا يهدف إلى الغاء الانتخابات أو التأثير عليها. "هذا يبقى مجرد نقاش"، يقول العلام في تصريح لجريدة "العمق"، ويضيف، "فهناك من يفضل أكبر بقية وهناك من يفضل أقل بقية، وهناك من يفضل النظام الانتخابي بدورتين وهناك من يفضل دورة واحدة.. فهو مجرد نقاش بين الفرقاء السياسيين". معيار الديمقراطية واعتبر العلام أن ما يمكن الحديث عنه في هذا الصدد هو؛ ما النظام الأقرب للديمقراطية؟ مستدركا بأنه أيضا تقييم يمكن الاختلاف حوله لأنه تقييم ذاتي لا يمكن الجزم فيه. من جهته شدد زين الدين على أن لكل نمط اقتراع سلبيات وإيجابيات، سواء بالتمثيل النسبي أو التمثيل الأحادي، متابعا أن السؤال هو ما الذي نريده من نمط الاقتراع، هل نريد منه إعمال الديمقراطية أو شيء آخر؟ "أما أن نقول هذا إيجابي وهذا غير إيجابي، فكل نمط فيه مزايا ومساوئ". وهو السؤال الذي طرحه أيضا الأستاذ الجامعي عبد الرحيم العلام بصيغة أخرى: "ما الغاية المتوخاة؟"، وأوضح أنه إذا كان هناك حزب سياسي استبدادي وغير ديمقراطي هو الذي يتحكم في الخريطة الانتخابية مثل الحزب الوطني في مصر، فاللجوء لقاسم انتخابي كبير لإعطاء فرصة للأحزاب الصغرى يعد هو الأقرب للديمقراطية في هذه الحالة. أو إذاكان العكس، يضيف العلام، "مثلا حزب عليه مؤاخذات من طرف السلطة أو يشكل تأثيرا لصالح المواطنين ويقدم مشاريع، فهنا يجب أن نطرح السؤال من المستفيد؟". تأثير القاسم الانتخابي احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين عوض الأصوات الصحيحة سيفضي إلى قاسم انتخابي كبير، يستحيل معه أن يحققه حزب معين فبالأحرى مضاعفته، وهو ما سيدفع إلى اللجوء إلى قاعدة أكبر بقية. وفي هذا الصدد يوضح الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي محمد زين الدين أن تأثير احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين بدل الأصوات الصحيحة، يبقى تأثيرا محدودا. واستدرك المتحدث بأن له تأثير بالفعل على نتائج الانتخابات، لكن ليس لوحده بل في إطار المنظومة الانتخابية، واسترسل "قد يفضي الأمر إلى أن تخسر بعض الأحزاب بعض المقاعد، حيث إن هذا النوع من التوزيع يؤدي إلى استفادة جميع الأحزاب بما فيها الأحزاب الصغرى". "ولكن ليس تأثيرا كبيرا جدا، قد يكون في حدود 20 أو 30 في المائة من مقاعد حزب معين تذهب لحزب آخر"، يضيف المحلل السياسي في حديثه ل"العمق". ما الغاية؟ كلما اقترب موعد الانتخابات يثار النقاش حول القوانين الانتخابية، وتتقاطر المقترحات ويحتد الجدال، وهو ما يدفع إلى طرح سؤال الغاية من هذه العملية كلما أزف موعد الاستحقاقات البرلمانية؟ في جوابه على هذا السؤال، وخصوصا ما يتعلق بمقترح اعتماد قاسم انتخابي كبير، استنتج العلام أن هناك محاولة التفاف معينة، خاصة أن الأمر مطروح من طرف أحزاب إما مشاركة في الحكومة وإما تريد أن تحصل على نصيب من الكعكة وهي أحزاب عادية وشاركت في كل الحكومات. وأشار إلى أن أول من طرح هذا المقترح هو حزب الاتحاد الدستوري، حيث لاحظ أنه متضرر من هذه العملية ويريد أن يحصد له بعض المقاعد داخل البرلمان. "ليست الغاية هي الديمقراطية وإنما الغاية هي تحقيق المكاسب، فمن لم يستطع تحقيق مكاسب في الانتخابات يريد أن يحققها من خلال قوانين انتخابية مفصلة على المقاس"، يضيف العلام. واعتبر أن الممارسات التي تجري حاليا هي ممارسات "خطيرة على الديمقراطية"، فالأحزاب السياسية لم تعد تراهن على التغلغل في الأوساط الشعبية وإقناع المواطنين، بل ذهبت للبحث في القوانين والتقطيعات الانتخابي. واسترسل بأن الأحزاب السياسية التي تدافع على القاسم الانتخابي تريد أن تربح من الذين قاطعوا الانتخابات و"هذا خطير.. تريد أن تحصي أصواتهم لصالحها". تعديل القوانين إذا كانت هناك ضرورة لتعديل القوانين الانتخابية يجب أن تعدل غداة الانتخابات وليس عشية الانتخابات، أي قبل 4 أو 5 سنوات، يوضح العلام. "فإما أن تبقى الأمور على حالها حتى لا يتضرر ما تبقى من الشكليات الديمقراطية، وإما أن يتم تعديل شامل ويتم الحسم حتى في النمط الانتخابي، واللجوء إلى نمط انتخابي يمكن أن يفرز أغلبية منسجمة قوية"، يضيف المتحدث. واعتبر أن المجرب عالميا هو إجراء الانتخابات في دورتين، وتكون دوائر كبرى أو يعتبر المغرب دائرة واحدة أو المزج بين لائحة لدوائر صغرى ولائحة لدوائر كبرى، كما هو الحال في ألمانيا، "بعدما تأهل المجتمع المغربي وأصبح يعرف الأحزاب السياسية". "نقاش مغلوط" اعتبر الأستاذ الجامعي محمد زين الدين النقاش الذي أثير مؤخرا بخصوص القوانين الانتخابية "نقاش مغلوط"، موضحا أن الإشكال المطروح هو تحدي المشاركة السياسية وتحدي وظائف الأحزاب السياسية، "فلا أحد واكب تداعيات الجائحة ولا أحد استطاع تأطير المواطنين.. هذا هو النقاش الحقيقي ". واستدرك قائلا "صحيح أن لهذا النقاش حمولة سياسية لكنه ليس صلب النقاش"، فصلب النقاش هو الوضع الاجتماعي الصعب والوضع الصحي الأصعب والسياسات العمومية.