فجر عدد من أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، مفاجأة من العيار الثقيل، حينما ألمحوا إلى أن الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر أصدر بلاغا باسم المكتب السياسي للحزب مخالف تماما لمضمون البلاغ الذي تم الاتفاق حول بعد انتهاء اجتماع المكتب والذي دام ليومين متتاليين. وفي هذا الصدد، قالت أمينة الطالبي عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي إن إدريس لشكر قام بتحوير مضمون البلاغ المتفق حوله بين أعضاء المكتب السياسي وإصدار بلاغ من صياغة الكاتب الأول لوحده، مشيرة أن لشكر استغل وفاة الزعيم الوطني عبد الرحمان اليوسفي من أجل إصدار البلاغ دون تمكين أعضاء المكتب السياسي من الموافقة عليه. وأكدت الطالبي في تصريح لجريدة “العمق” أن الاجتماع الذي عقده المكتب السياسي للحزب على مدى يومين عرف نقاشا مستفيضا لمجمل القضايا الراهنة التي عرفتها الساحة السياسية مؤخرا، والتي من بينها مشروع القانون 22.20 المتعلق بتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي، مبرزة أن الاجتماع خلص إلى ضرورة تجاوز الأزمة التي سببها مشروع القانون على مستوى صورة الحزب. وأوضحت أن أعضاء المكتب السياسي للحزب قرروا التعاطي بإيجابية مع عرض الكاتب الأول والتشبث بوحدة الحزب والعمل على تقويته واحترام مبادئه القائمة أساسا على حرية التعبير، حيث تم بإجماع أعضاء المكتب السياسي الاتفاق على ضرورة التنصيص على رفض مشروع القانون 22.20 في البلاغ الختامي والمطالبة بسحبه من جميع مؤسسات الدولة. وأضافت أنه تم تشكيل لجنة من أجل صياغة البلاغ الختامي وتضمينه جميع النقاط المتفق حولها خلال الاجتماع، وعرض مسودة البلاغ على أعضاء المكتب السياسي عبر مجموعة الوتساب الخاصة بهم قصد إبداء ملاحظاتهم حوله، غير أن تزامن انتهاء اللجنة من صياغة البلاغ مع وفاة اليوسفي جعل أعضاء المكتب الساسي يقررون تأجيل النقاش حتى انتهاء فترة الحداد على الراحل. وأبرزت أن أعضاء المكتب السياسي تفاجؤوا بإصدار لشكر أمره بنشر بلاغ المكتب السياسي على جريدة الحزب وتداوله على وسائل التواصل الاجتماعي بين عدد من أعضاء الشبيبة، رغم كون البلاغ مخالف تماما لمسودة البلاغ الذي صاغته اللجنة المكلفة، حيث تم فيه إسقاط المطلب المهم المتعلق بضرورة التنصيص على رفض مشروع القانون 22.20 والمطالبة بسحبه. وأكدت الطالبي أن البلاغ المتداول تم خلاله الالتفاف على حصيلة النقاش الذي عرف اجتماع المكتب السياسي، وأنه لا علاقة له بالبلاغ الذي صاغته اللجنة ولا بما تم الاتفاق حوله خلال اجتماعات المكتب السياسي، معتبرة أن إصدار الكاتب الأول لبلاغ محوّر هو ضرب لمضمون الورقة التي قدمها لشكر نفسه والتي دعت إلى تجاوز الاختلافات والنظر إلى المستقبل برؤية تعلي من شأن الحزب. من جانبه وصف عبد المقصود الراشدي عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بلاغ المكتب السياسي للحزب الأخير بأنه “المهزلة الذي لا يسمن ولايغني المشهد الحزبي”، معتبرا أن نشره دون تضمينه الخلاصات المتفق حولها “يعني الاستمرار في نهج عدم احترام مؤسسة المكتب السياسي والتراجع الأخلاقي عن الخلاصات المشتركة بل تحدي وتجاوز وتبخيس مجهوداتنا وإرادتنا الجماعية التي عبر عنها الجميع”. وأبرز من خلال تدوينة عبر حسابه بفيسبوك أن بلاغ المكتب السياسي الأخير تحول إلى “تقرير سياسي تمويهي بسبع صفحات، ثلاث منها كلها كلام عن عرضكم الذي تم تضخيمه بشكل غريب!”، مذكرا بأهم الخلاصات التي أسقطها بلاغ لشكر والتي من بينها التأكيد من طرف الجميع على رفض القانون 22.20 والمطالبة بسحبه والتشبث بالحزب والعمل على تقويته دون أن يمنع ذلك أعضاء المكتب السياسي من التعبير عن أفكارهم التي تحتمل الصواب والخطأ. وتساءل الراشدي موجها كلامه للشكر: “لماذا هذا العبث؟ لماذا تبخيس وتهريب وتجاهل خلاصاتنا الجماعية داخل المكتب السياسي؟ ولمن تريد أن تتوجه بإشاراتك المرتبكة والمتناقضة؟ ومن تراها ستُقنِع في النهاية؟”، معبرا عن أمله في أن يعود الكتاب الأول للحزب “إلى العقل السياسي، والتحلي بالمسؤولية، والتفكير الجماعي في مستقبل حزبنا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي مازال المغرب في حاجة إليه قويًّا وموحَّدًا ومتماسكًا”.