بعيدا عن كل مظاهر التقليد والاستلاب الفكري ، أود سيدتي أن أذكرك بأنني أنحني احتراما لتاريخك المجيد ، الذي كتبته بدمي ، وجعلتك اليوم تصعدين منصة الحاضر بكل ثقة ، وتتوجين بأكاليل النفائس المختلفة ، وترشقين بكل أنواع الزهور والعطور. دعيني أذكرك سيدتي بتاريخ بنيناه معا ، فعندما كنا نسكن الكهوف والمغارات والأجمات ، كنت أخشى من أندادي الذكور أن ينازعونني فيك . فكنت أخرج للصيد أو الالتقاط وأوصي أخي أن يحرسك . ولما أفل الصيد والتمر، سررت كثيرا عندما رأيتك تحرثين الأرض وتزرعينها وتربين بعض الطيور والأغنام . ثم شاء التاريخ أن تصبح العشيرة عشائر ، والقبيلة قبائل ، فبدأنا ، نحن الرجال، نحارب بعضنا البعض ، وخوفا عليك كنت اقاتل بشراسة ، حتى لا تقعين سبية في يد خصم من خصومي .وقادني خوفي هذا إلى تحقيق انتصارات عظيمة ، فسبيت الكثير من النساء، وقدمت بهن إلى حضرتك . فأصبح الكهف قصرا يعج بالسبايا والجواري . ولما كانت ضروب القتال تحتاج إلى الكثير من الرجال ، أكرمتني بالزواج من بعض جواريك ، فسار لنا العديد من الأبناء ، وأصبحت ملكة علينا جميعا . فكنت كلما رأيتكن في زينتكن ازدادت رغبتي في القتال . فتوسعت المملكة وأصبحت ممدة الاطراف . وحتى تبقى القصور عامرة بكن ، والمدائن رافلة في حللها بجمالكن ، دعوت بني جنسي من الرجال ، فخضنا عباب البحار وأوعار البر ، نفاوض ونقاتل بني جنسنا للحصول على النفائس من الأشياء ، فحصلنا على الذهب والعاج والحرير والتوابل وكل أنواع العطور وأصناف النساء .فجعلنا الذهب والحرير زينة لكن ، واتخذنا من الحديد سلاحا نقاتل به الرجال . وبعدما بنينا أمما شامخة ، خضنا مع بني جنسنا حربين ضروسين خلال القرن الماضي ، وبعدما وضعت الحرب الثانية أوزارها ، اكتشفنا أننا على حافة الانقراض الجماعي للذكور ، إ سالت أنهار من دمائنا ، وأصبح العالم موحشا أمامكن ، فتعرضتن للتعسف والاضطهاد… ثم خرجت من بينكن نساء مناضلات ، لا تحسرا على الدماء التي سفكت ، وإنما على الأنوثة التي سلبت عندما قل عدد الذكور . فهنيئا لكن سيدتي بيومكن هذا ، وسنفديكن نحن الرجال بدمائنا كلما صدر عنكن النداء ، وسنشعل كل شموعنا ليبدو لنا لمعانكن وتوهجكن . جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة