في مرحلة زمنية معينة كانت الزوايا تقوم بدور مهم جدا وتقدم خدمة للمخزن المغربي من خلاله استطاعتها التحكم في الناس واستغلال المكانة الدينية والروحية لشيوخ هذه الزوايا لذلك أصبحت لها مكانة جد مرموقة في المجتمع، بل أصبحت تعوض المخزن في مناطق عديدة من المغرب، ثم فيما بعد تراجع دورها فظهرت مؤسسة أخرى أخدت عنها المشعل وهي الأحزاب التي أصبح دورها هو الحفاظ على الوضع القائم دون تغيير يذكر فمنحت لهذه الأحزاب امتيازات عديدة سواء مادية أو رمزية، لكن أعتقد أن الأحزاب وخاصة في المغرب تجاوزها التاريخ وتحولت لتعاونيات يقصدها كل مرتزق يريد تحقيق الربح وتحسين الوضعية، حتى ولو اقتضى الحال الدفاع عن الفساد والمفسدين، ومستعد الانسان أن يتحول الى محامي الشيطان من أجل مصلحته الخاصة. الأجواء التي تمر فيها الجموعات العامة للأحزاب المغربية تبين حقيقة الشعارات التي ترفع من قبيل الديمقراطية الداخلية والإحتكام للتصويت بالأغلبية، وما وقع في مؤتمر الأصالة والمعاصرة وما وقع في اجتماع المكتب الوطني للتقدم والاشتراكية وكذلك حادثة الطباسل بالنسبة لحزب الاستقلال وما وقع في اجتماع حزب الحركة الشعبية وغيرها من الأحداث التي ترافق كل الجموعات، كل هذا دليل على الميوعة السياسية، إذا كان من يتحمل مسؤولية تأطير المواطنين يتشابك بالأيدي وبالطباسل وبالكراسي ويتلفظون بكلام زنقوي أمام وسائل الإعلام في اجتماعات يجب أن تقدم النموذج الإيجابي للعمل السياسي الراقي، إذا كان السياسي لا يحترم الرأي الأخر من داخل حزبه الذي يحمل معه نفس الأفكار إن وجدت أصلا فكيف سيتعامل مع من يخالفه الفكر والمرجعية، إن ما يقع في الإجتماعات هو دليل على الوضع الذي وصلت اليه الأحزاب على المستوى الداخلي، فما تعيشه هذه الأحزاب هو ناتج عن القيادة التي وصلت لسدة الحزب والتي لا تتقن سوى الشعبوية والبهرجة الفراغة، وهو نتاج كذلك سوء تأطير الموريدين و إعمار المكاتب المحلية بوجوه فاشلة في حياتها ليس لها ما تقدم للعمل الحزبي سوى العنف والعنف المضاد، فالقيادة الحزبية بالمغرب في السنوات الأخيرة هي التي خلقت بلطجيتها وجعلتها جيش تابع لها مستعد للتضحية مقابل علبة سجائر وفنجان قهوة. فالأحزاب المغربية تتبنى في برامجها الحداثة والتقدم والديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وحرية الاختيار، لكن في قوانينها الداخلية ومؤتمراتها الحزبية تفتقد إلى الديمقراطية والتناوب والتداول والنقد الذاتي، أي أنها تطالب بالديمقراطية من الدولة والمؤسسات الرسمية وتغتالها بطرق مقصودة في ممارساتها الحزبية الداخلية ، و هذه من الأسباب الحقيقية لعزوف الشعب المغربي وخاصة الشباب عن العمل السياسي. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة