العَلَمُ شرف، العلم جذور وأصول، العلم كُنْه وكُمون. وهو حليب يرضعه الأطفال في المدارس ليقووا به ويشتد عودهم كي يدافعوا عنه في الكبر لأنه رمز يدل على وجود الإنسان داخل دولة لها سيادة تحقق الانتماء، أي بدونه يتحول الإنسان إلى لقيط دولي لا أب له ولا أم. فعندما تندلع الحروب أو تقع الكوارث تهرع الدول لجلب رعاياها وأبنائها، واللقيط الذي لا انتماء له وحده من يكون حطبا لهذه الحروب وضحية لهذه الكوارث. إن “المجهول ابن المجهول” هو إنسان كتب الله عليه أن يكون مجهول النسب، وهي كصفة من المنظور الاجتماعي سبة لا أخلاقية تلحق بالبعض كالعار والشنار. ولذا تدخل المشرع المغربي ليزيل هذا العار فجعل وكلاء الملك يتدخلون ليختاروا للمجهول اسما واسم أب واسم أم لأنه مواطن كامل المواطنة حفاظا على شرفه واعترافا ببراءته. ولكن كيف سنزيل العار من إنسان هو من ألحق بنفسه هذا العار وذلك بحرقه لعلم وطنه فخلع من عنقه بيعة عقد الانتماء، وأزاح من ناصيته لون صبغياته، وتخلى عن ماء وجهه فصار كالأجرب الذي لا تستطيع أمه أن تميزه بين الناس. هذا العلم الذي عبث به الأوباش، ووطأته أقدام الأنذال، وأحرقه لضى اللقطاء، قد مات من أجله آلاف الشهداء، لأنهم أدركوا أن لا شرف دون شرفه، ولا حرية ولا هامة ترفع دون وقوفه، ولا وجود لهم إن دنس قماشه أو مزقت نجمته. إن الراية المغربية عرفت عناية تاريخية، حيث رعاها الأجداد مند المرابطين فتطورت وتطورت إلى أن صارت على ما هي عليه الآن، وقد حافظ عليها المغاربة على مر العصور، وهي الآن حمراء بلون الدم وهو يرمز إلى دم الشهداء الذين كافحوا ونافحوا دفاعا عن الوطن وحمى هذا الوطن. وأما اللون الأخضر فهو لون الأرض الخضراء التي هي أصل الإنسان وراعيته حيث تعطي غلتها للإنسان المغربي كي يعيش وينمو ويشتد عوده. وأما النجمة الخماسية فتعني أركان الإسلام دين الدولة كما ينص أول فصل من الدستور المغربي. إن الراية إذن، هي أصل وأرض ودم ودين، على اعتبار أن حب الوطن من الإيمان، وهي رمز المواطنة الحقة، فمن مزقها فقد مزق نصيبه في الانتماء لهذا الوطن.