في غمرة النقاش الدائر في وطننا الحبيب المغرب حول الحريات الفردية، يظهر أن هناك نزوع نحو الغلو والتشدد في كافة الاتجاهات. ولعلنا نحتاج في غمرة كل هذا إلى بسط بعض القواعد التي يتفق عليها كل العقلاء لعنا نخرج من أزمتنا هذه ونسهم بشكل ايجابي في بناء هذا الوطن. فأقول: 1- إن موضوع الحريات الفردية لا يشكل قضية مصيرية عليها يبنى كل شيء، ولا ينبغي أن ينسينا المعارك الكبرى التي يجب الانخراط فيها كمعركة التنمية وحفظ ثروات الأمة، والاسهام في مزيد من دمقرطة الحياة العامة. 2- أعتقد أن جميع أطراف النقاش لا يختلفون حول أصالة الحرية الفردية، وأنها تدخل في صلب الكرامة الانسانية، وأن المسؤولية والمحاسبة في الدنيا وفي الآخرة تقوم على الاختيار الحر، وأن المكره لا قول له ولا لوم عليه في الغالب. 3- قد لا نختلف أيضا أنه لا يمكن القول بإطلاق الحرية الفردية، بل إن كل الأمم والشعوب تضع لها القيود والضوابط التي تسهم في حفظ هوية الأمة ومبادئها الأساسية، وتحول دون إلحاق الضرر بالنفس وبالغير أيضا، وهذه القيود تحتاج إلى حوار بناء، تنخرط فيه كل الفعاليات المدنية والعلمائية، ونصل فيه لكلمة سواء تتبناها الأمة من خلال مؤسساتها الدستورية. 4- ينبغي للجميع أن يحذروا من الانجرار إلى تخوين النوايا، أو الاتهامات المجانية، أو الغمز واللمز في حق المخالف، وهي تصرفات لا تليق بأبناء الوطن الواحد. وقد تعلمنا من قيم ديننا أهمية الدفع بالتي هي أحسن، والصبر على المخالف في الرأي، والتواضع عند الحوار والنقد بحيث يعلم الفرد مخالفه في الرأي والعمل بإمكانية وقوعه في الجرم، ويقول لخصمه كما قال الله تعالى: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25]. 5- ختاما أقول بأن الحوار البناء، وعدم التعصب للرأي، والصبر على المخالف كفيل بأن يوصلنا لبر النجاة، وأن نتوافق على ما فيه خير وطننا. 1. الحسين الموس