قبل أيام وبالضبط أثناء تأبين ضحايا الاعتداء الذي استهدف مديرية شرطة باريس، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مكافحة ما سماه ب “الشر الإسلامي” بصرامة، داعيا فرنسا إلى التوحد من أجل مواجهته. بعد هذا التصريح، مباشرة، ستتم الاستجابة لنداء ماكرون من طرف المنتخب جوليان أودول اليميني المتطرف باعتدائه على أستاذة متحجبة رفقة تلاميذها الذين زاروا المجلس الإقليمي لمدينته، إذ أمرها بنزع حجابها احتراما لمبادئ فرنسا وعلمانيتها. وهو الأمر الذي أثار العقلاء من الذين علموا أن تصريحات ماكرون لا تخدم فرنسا في شيء بل تجعلها أكثر عنصرية وتطرفا، مما حذا بأزيد من تسعين شخصية بارزة من رجال الأعمال والفن والسينما والمسرح إلى رفع عريضة موقعة إلى رئيس الجمهورية مرفقة برسالة حادة اللهجة يطالبونه فيها بإيقاف تجريم المسلمين. وبشكل مماثل، واستجابة للنداء المتطرف لماكرون، بعث المسؤول الأمني لجامعة سيرجي 1800 رسالة إلى طاقم التدريس وهي عبارة عن رسالة تفتيشية تستهدف مراقبة وتتبع الطلاب المسلمين وإحصاء أنفاسهم وتسجيل كل ما يتعلق بهم من لباس وأكل وشرب وعبادات أو لحى أو شارب دون غيرهم من باقي الديانات الأخرى. وإذا تعاملت جامعة كمؤسسة كبرى تعليمية وتربوية بهذا المنطق الإرهابي العنصري، فماذا يمكن أن نقول عن باقي المؤسسات التي يعشش فيها الجهل واليمينية المتطرفة؟ أليست العمليات الإرهابية السابقة التي طالت فرنسها ما هي إلا نتاجا لردود أفعال ضد مواقف وسياسة فرنسا استغلها الإرهابيون لضرب منشآتها؟ لقد تعددت الحرب على الإسلام في فرنسا واتخذت أشكالا مختلفة، من الحرب على الحجاب إلى الحرب على البوركيني إلى الحرب على المفكرين الإسلاميين الذين يفضحون نفاق علمانيتها، ولذا نرجو كمسلمين أن تعلو أصوات العقلاء على أصوات العنصريين، مثل أولائك الذين طالبوا ماكرون بأن يكف عن كراهيته للمسلمين، عسى أن يتم تفعيل القانون كي يتم التعامل مع المجرمين كمجرمين بغض الطرف عن مللهم ونحلهم ودون محاكمة عقائدهم ودياناتهم التي هي نفسها تطالب بإلحاق أقصى العقوبات بهم.