أفسد التعديل الحكومي المنتظر على وزراء حكومة سعد الدين العثماني عطلتهم الصيفية، التي أمضاها بعضهم وهم متوجسون من فقدان حقائبهم، فهل ستكون مهمة العثماني يسيرة في تدبير مفاوضات التعديل الحكومي أم أن “مزايدات” الأحزاب ستؤرقه وتضعه أمام “بلوكاج” جديد؟ قبل أيام من الخطاب الملكي لعيد العرش، الذي دعا إلى تعديل موسع للحكومة، عبر رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش عن رغبته في تولي حزبه لوزارة الصحة مستقبلا، وهو ما أثار عضب رفاق نبيل بنعبد الله، وهو ما يعطي مؤشرا على أن العثماني سيواجه “صراعا” على الحقائب بين مكونات أغلبيته غير المنسجمه. هذا الصراع على الحقائب، هو ما عبر عنه المحلل السياسي محمد زين الدين، ب”المزايدات السياسية”، التي توقّع أن يواجهها العثماني خلال مفاوضات تشكيل النسخة الجديدة من حكومته، قائلا إن العثماني “سيواجه بعض العراقيل خلال التعديل الحكومي لكنها لن تكون سوى نوع من المزايدات السياسية”. واستدرك المتحدث بأن هذه العراقيل والمزايدات لن تكون بنفس الحدة التي واجهها عبد الإله بنكيران خلا “البلوكاج” الذي دام أشهرا، ولا بنفس حدة الصعوبة التي واجهها العثماني خلال تشكيل النسخة الأولى من حكومته. وأوضح زين الدين، في تصريح ل”العمق”، بأن طبيعة الظريفية السياسية تقتضي السرعة في تشكيل حكومة كفاءات ، مشيرا إلى أن المشكل ليس فقط هو البحث عن الكفاءات، “هناك أيضا تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الحكومة”. واعتبر بأن “السياق السياسي الوطني الاستثنائي والمحيط الإقليمي المضطرب؛ وأعني به الجزائر وطبيعة الرهانات التي طرحها خطاب العرش الاخير”، هو ما سيدفع الاحزاب إلى تجاوز الخلافات وإبداء نوع من المرونة “مع حضور نوع من المزايدات على بعض الحقائب”. وأفاد زين الدين بأن طبيعة المرحلة تقتضي تدبيرا جماعيا، “لا يمكن للعثماني وحده تدبير المرحلة.. فخلافات الاغلبية لا تنتهي وهذا ثابت مركزي لا يمكن القفز عليه”. ومن بين الصعوبات التي سيواجهها العثماني خلال مهمته، حسب زين الدين، “المشكل المتعلق بتدبير البيت الدالخلي للبيجيدي لأنه سيستغني على تيار الاستوزار، وهذا التيار إذا لم تتم ترضيته بمناصب أخرى أو وعود سيطرح مشكلا لأن ذلك سيقوي تيار بنكيران”. وأشار إلى بعض الأصوات من داخل العدالة والتنمية، التي تعبر عن رفضها، لعودة التكنوقراط من باب التعديل الحكومي. في سياق متصل قال زين الدين إن حزب التقدم والاشتراكية سيكون أكبر ضحية لهذا التعديل، بالنظر للمشاكل الداخلية التي يعيشها و”حاجته إلى جرعة سياسية ليستمر في الحياة”، لأن “أي خروج له من الحكومة سيكون بمثابة انتحار سياسي، كما أنه بقاءه سيشكل له ضررا”. من جهته، توقع الخبير في القانون الدستوري رشيد لزرق أن يواجه العثماني “بلوكاج”، لكنه اعتبر الأمر عاديا مادام يدخل في باب المفاوضات التي يعرفها تشكيل الحكومات في العالم. واعتبر لزرق أن إن إنجاح المرحلة الجديدة يستوجب تضافر جهود الكل وفسح المجال للفعالية وإعطاء فرصة الإصلاح للكفاءات المستقلة التي تتمتع بخبرة في السياسة وفن تسيير القطاعات العمومية، والاعتماد عليها. وقال في تصريح ل”العمق” إن من شروط نجاح التعديل الحكومي ضرورة العمل برؤية “تغليب المصلحة الوطنية على النعرة الحزبية، التي تجعل تشكيل الحكومة يسير بمنطق الترضيات والحسابات السياسية، ما أفرز لنا حالات انسداد وصعوبات نتجت عن الصراعات ومحاولة كل حزب في الأغلبية الحكومية الحصول على أكبر قدر ممكن من القطاعات”. واستطرد المتحدث أن “هذا المنطق في تشكيل الحكومة من الممكن أن يؤدي إلى “بلوكاج” جديد داخل الأغلبية الحكومية”. واعتبر لزرق أن العثماني مدعو إلى تحمل مسؤوليته السياسية في الاقتراح، واختيار طاقمه الحكومي على أساس معايير تروم الفاعلية والنجاعة في تنزيل مخطط الإصلاح، “وعليه ألا يبقى رهينا لرغبات حزبه أو لرؤساء الأغلبية الحكومية؛ بحيث يكون الاختيار على أساس النجاعة والقدرة على الإجابة عن الإشكاليات”. متابعا أن المغرب “يزخر بالكفاءات القادرة على مواجهة التحديات ورفع الطموحات بعيدا عن الحسابات الحزبية المعيقة لتطور الدولة المغربية”. 1. الأغلبية 2. التعديل الحكومي 3. العثماني 4. المغرب