عندما أصبح السياسي عاجزا عن الاقناع بواسطة الاليات السياسية، وأصبح خطابه متجاوزا وغير مرغوب فيه من طرف المواطنين، توجه نحو امتطاء وركوب العمل الجمعوي، فأغلب السياسيبن إن لم نقل الكل يفرخون يوميا العديد من الجمعيات، لكي تكون وسيلة لإعادة بريق العمل السياسي الحقيقي، مع العلم أن العمل الجمعوي لا تربطه بالسياسة والعمل السياسي أي صلة من الممكن أن يكون مكمل له، أو معوض له في بعض الأحيان لكن أن يكون الجمعوي خادم لدى السياسي هذا أمر غير صحي لعدة أسباب أهمها أن العمل الجمعوي هو عمل تطوعي خيري نبيل لا يرجى من ورائه الربح وتحقيق المصلحة الشخصية الضيقة، أما العمل السياسي وخاصة في المغرب فهو قاطرة لتحقيق المصلحة الشخصية خاصة أن السياسة في المغرب تفتح صدرها لكل وصولي انتهازي، تحركه مصالحه الشخصية الضيقة، ولطالما سمعنا حكاية مسؤول سياسي سهل عملية ولوج أخ أو صديق أو فرد من أفراد عائلته إلى وظيفة بطرق غير قانونية، أو مسؤول آخر أنقذ قريبه من عقوبة يستحقها لتقصيره وإهماله في تطبيق القانون، وهناك من جعل العمل السياسي فرصة لا يمكن إضاعتها للاغتناء ، وفي المغرب نماذج كثيرة من هؤلاء الوصوليين الانتهازيين. كما سبقت الاشارة فافلاس العمل السياسي في المغرب، وهبوط أسهمه في البورصة، ليس عمل خارجي أو مؤامرة كما يتم تفسير الاشياء في أغلب الأخيان، وإنما يعود إلى السياسيين أنفسهم وعدم قدرتهم على تجديد خطابهم السياسي لأن لكل مرحلة خطاب خاصة بها، لكن الأحزاب السياسية لازالت تحافظ على نفس خطاب خمسينات القرن العشرين، فالمؤسسات السياسية بالمغرب أصبحت معطلة وتعيش أزمة حقيقية لذلك لابد من تجديد الاليات ومسايرة التطورات التي يشهدها المجتمع. فبعد أن أفسد السياسي العمل النقابي وجعله مفلس، جاء الدور على العمل الجمعوي، عندما تتابع أغلب الأنشطة التي تقوم بها جمعيات المجتمع المدني من الثقافية والرياضية والترفيهية والخيرية، يتبين أنه لابد للسياسي أي يضع أصبعه، أحيانا بشكل مكشوف وأحيانا من وراء الستار، وبالتالي ما تقوم به بعض الجمعيات هو عبارة عن تسخينات وحملات انتخابية سابقة لأوانها وبطريقة غير مباشرة، أو نا يمكن أن نسميه تسجيل النقط في وقت مبكرة قبل انتخابات 2021، فالسياسي يستغل الجمعوي لتوزيع بعض الفتات والتقاط الصور مستغلا الحاجة والفقر الذي تتخبط فيه أغلب فئات المجتمع المغربي، في محاول إزالة تلك الصورة السلبية التي التصقت بالسياسي، وبالتالي فتوجه السياسي إلى العمل الجمعوي ليس بريء بل هو محاول الركوب على الأمواج في محاولة جعله كمسحوق تجميل الهدف من خلاله التستر على القبح والبشاعة التي أصبح عليه العمل السياسي. في الأخير تحية جمعوية للكل الذين يحركهم العمل الجمعوي النبيل والخير،والذين يريدون رسم البسمة على المعوزين والمحتاجين، دون نية مبيتة، وبعيدا عن البريستيج السياسي.