إن دراسة المشاركة السياسية للمرأة، هي في واقع الأمر دراسة لمشاركة نصف طاقات المجتمع في عملية التنمية وتناولت السوسيولوجية قضية المرأة والسياسة، من خلال عدة أبحاث سوسيولوجيا وقد عالج بعضها الحقوق السياسية واتجاهات الرأي العام نحوها. وعالج البعض الأخر الثقافية السياسية والخطاب السياسي للمرأة، لكن أغلب هذه الأبحاث والأعمال ركزت على قضية المشاركة السياسية للمرأة. وإن المرأة القروية وعلاقتها بالسياسة لا يختلف كثيرا عن المجتمع المغربي بشكل عام، فالأعمال السياسية مرتبطة أساسا بالرجال الذكور فهم من لديهم الحق في التفكير وإصدار القرارات داخل الأسرة التقليدية، لكن في فترات معينة ستصبح للمرأة أدوار في المشاركة السياسية، بذلك يصير لها دور جديد ينظف إلى قائمة الأدوار التقليدية. أرتبط العمل السياسي قديما بواحة إيماسين بنمط من التنظيم والتعقيد، تتجلى في “أجماعة” كمؤسسة إدارية تشريعية تهتم وتدير الشؤون اليومية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والدفاعية والسياسية للقبيلة فهو، يعتبر المحرك الرئيسي للقبيلة لكونها تملك السلطة الإدارية والتشريعية، التي تعدد مؤسسة تنظيمية محلية مرتبطة بالدور والد شر أو القصر الذي يأوي عددا من العائلات المتحذرة مبدئيا من جد مشترك ومنتمية بالضرورة لنسق قبلي واحد، إذ يوكل إليها أمر السهر على تنظيم المشترك الجمعي لهذه العائلات وفق مقاربة تشاورية تنضبط إلى التمثلية والمشاركة التامة للعائلات المشكلة للدور. هذا المشترك الذي نراه يمثل أساسا في التدبير الاجتماعي ولاقتصادي وكذا الثقافي بالإضافة إلى السياسي. هذا الأخير يعتبر دور منوط بالرجل إلى حد بعيد. فحسب أقوال أحد المبحوثين فإن السياسة ليست كما هي عليه اليوم، كانت السياسة تمارس “أجماعة” بواحة إيماسين، يتجلى بالأساس في فك النزعات الداخلية المتعلقة ضمنيا بالإرث أو بمسائل الزواج، كما أنها تدبر التقسيم العادل للموارد الطبيعية كالماء بين العائلات أما الأن “أجماعة” تطورت إلى حد كبير ولم تعد موجودة بشكل رسمي إلا في مناسبات قليلة فقط مثل المواسم. من خلا الإطلال على المرجع التاريخي لصيرورة الوضعية السياسية بالمجتمع ألواحي بإيماسين، اتضح لنا المرأة غير حاضرة في العمل السياسي داخل ”أجماعة” لكن هذا الإخفاء لن يدوم طويلا، قمع التغيرات الاجتماعية والثقافية. ستبدأ المرأة بإيماسين في تكوين وعي سياسي، تتخذ فيها بعد شكل الاحتجاج والمعارضة على التسيير المحلي.إن أول ملامح تعاطي المرأة للسياسة هي انخراطها في صنع القرار الوطني أو المحلي من خلال التصويت. هذا لا يتجسد بشكل واضح إلا في الانتخابات، التي تعتبر الواجهة التي تمارس فيها المرأة حقها السياسي، فهي ستصبح تمارس حقها إلى جانب الرجل في اتخاذ القرار السياسي. هذا الحق الذي يكفله لها الدستور والقانون التشريعي المغربي. فالدستور المغربي يكرس حق المساواة بين الرجل والمرأة وينص بوضوح على الحقوق السياسية للنساء، إلا أن الأرقام الميدانية تعكس تمثيلا ضعيفا للمرأة في الحياة السياسية وفي عملية صنع القرار، كما أن الواقع يجسد تكرسا للهيمنة الذكورية من جهة والبطريركية من جهة أخرى في احتكار السلطة السياسية، بحيث أن مصدر القرار في المجتمع القروي المغربي أساسه الرجل. تلاحقت التحولات الاجتماعية والاقتصادية وكذا السياسية بالمغرب لتشكل لنا دفعة بنحو تغير الوعي لدى فئات المجتمع خصوصا الفئة النسوية. إن أول الانتخابات التي شاركت فيها المرأة، أجريت بواحة إيماسين في سنة 1964م التي فاز بها حزب الاستقلال بزاعمة “مولاي عبد القادر نايت بومسهول، أو مولاي عبد القادر البومسهولي “. فهي تعتبر الانطلاقة الأولى للمشاركة الفعلية للمرأة في اتخاذ القرار السياسي بالواحة، وبداية مرحلة جديدة من تطور أدوار المرأة الواحية وتغيرها، من اللامسواة في الحقوق السياسية مع الرجل. إلى تقاسم العمل السياسي بين الجنسين واعتماد مقاربات الحديثة (النوع، الجندر، المقاربة التشاركية). ومشاركة المرأة في السياسة هي نوع من التحرر من الاستغلال الذي عانته واحة إيماسين وهذا التحرر كان نتيجة لتطور الوعي بالأوضاع السياسية المحلية، كما كان هذا الدور الذي لعبته المرأة في الدعوة نحو التحرر من القيود التي وضعها الرجل حول مناصب التسيير. ما جعل المرأة تدخل إلى التنافسية السياسية حول القيادة المحلية. وعرف المسار السياسي بواحة إيماسين مشاركة النساء في حملة الانتخابات تم توجهت بدخول إلى منافسة الرجل حول القيادة بالواحة، لتشكل المرأة قطب أساسي في الساحة السياسية بالواحة بجنب الرجل، اقتحمت المجال السياسي واستطعت أن تنافس الرجل وخاصة في الانتخابات المحلية ما أعطى لها التسيير لأمور السياسية في المجتمع ألواحي. _ طالب باحث في شعبة علم الاجتماع