عندما طلب مجلس الأمن وقف «المسيرة « وأجاب الحسن الثاني : لقد أصبحت مسيرة الشعب    وهبي للمحامين: هل تريدونني أن أنبطح أرضا على بطني؟ ادخلوا للأحزاب وشكلوا الأغلبية وقرروا مكاني        ذكرى المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في مسار تحقيق الوحدة الترابية    بنك المغرب يكشف حقيقة العثور على مبالغ مالية مزورة داخل إحدى وكالاته    في "أول ظهور برلماني".. زيدان يراهن على جذب وتبسيط استثمارات الجالية    "يوسي بن دافيد" من أصول مغربية يترأس مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    الوداد يواجه طنجة قبل عصبة السيدات    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    18 قتيلا و2583 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    الأحمر يغلق تداولات بورصة الدار البيضاء            أخنوش: خصصنا في إطار مشروع قانون المالية 14 مليار درهم لدينامية قطاع التشغيل    جدل في البرلمان بين منيب والتوفيق حول الدعوة ل"الجهاد" في فلسطين    قرض ب400 مليون أورو لزيادة القدرة الاستيعابية لميناء طنجة المتوسط    التجمع الوطني للأحرار يستعرض قضايا الصحراء المغربية ويشيد بزيارة الرئيس الفرنسي في اجتماع بالرباط    إسبانيا تواصل عمليات البحث وإزالة الركام بعد أسبوع من فيضانات    أنفوجرافيك | أرقام رسمية.. معدل البطالة يرتفع إلى 13.6% بالربع الثالث من 2024    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    بن صغير يكشف أسباب اختياره للمغرب    كَهنوت وعَلْموُوت    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    وزارة الاستثمار تعتزم اكتراء مقر جديد وفتح الباب ل30 منصب جديد    الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    هاريس في آخر خطاب لها: "كل صوت مهم في الانتخابات"    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية المرأة / قضية الإنسان 1
نشر في الشرق المغربية يوم 07 - 03 - 2016


قال احد الشعراء :
الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وا ن لم يشعروا خدم
وقال آخر :
ربو بينكم علموهم هذبوا فتياتكم فالعلم خير قوام
وقال الله تعالى :
* والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض *
f اهداء f
ip الى كل من ضحوا من اجل امرأة بكامل الحقوق ip
ip الى كل الجمعيات الحقوقية المناضلة ip
ip الى الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة ip
ipالى كل امرأة ترفع صوتا من اجل حق حرمت منه ip
ip من اجل امتلاك وعي حقيقي .................... ip
ip من اجل مناهضة الوعي الزائف .......... ip
ip اقدم هد ا العمل المتواضع . ip
محمد الحنفي
توطئة :
تعتبر قضية المرأة من القضايا التي ارتبطت بوجود الإنسان مند القدم : وقد كتبت حولها الكثير من الدراسات والمقالات , ومن منطلقات مختلفة , ومتناقضة في كثير من الأحيان, ونحن في معالجتنا هده سوف لن نتعرض الى البحت فيما كتب حول المرأة من اجل تحديد الآراء والمواقف , لان دلك لن يفيدنا كثيرا فيما نقبل عليه , والذي يهمنا ان نصل اليه ان قضية المرأة لا تخص المرأة وحدها , و لا تخص الرجل وحده و لا تخص مجتمعا بعينه , إنها قضية الإنسان كما قضية الرجل وقضية الطفل وقضية العامل وقضية الشيخ ,فهي كلها قضايا الإنسان . والخطأ الذي يقع فيه الدارسون على اختلاف منطلقاتهم ومذاهبهم وعقائدهم و ألسنتهم و ألوانهم هو انهم عندما يتعاملون مع قضية المرأة يفصلونها عن المسار العام للمجتمع , والواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي. و هذا الفصل هو اكبر حيف يلحق المرأة , ويلحق المجتمع , ويلحق الواقع , ويلحق المعرفة العلمية التي يمكن اعتمادها في التعامل مع المرأة نفسها .
ان التعامل مع قضية المرأة في عمقه يجب ان يكون جزءا من التعامل مع المجتمع ككل , دون تمييز بين الذكور والإناث. فالمشاكل هي نفسها , سواء تعلق الأمر بالرجال او بالنساء وسواء كان الذكور والإناث في مرحلة الطفولة او المراهقة او الشباب او الكهولة او الشيخوخة , وما يجب اعتباره في التحليل هو خصوصية مشاكل المرأة البيولوجية , وما يترتب عن دلك من خصوصية الحقوق .
فتردي الواقع يصيب المرأة والرجل على السواء,والاستغلال يستهدفهما معا, وتدنى مستوى التعليم , وانعدام الحماية الاجتماعية وضعف المؤهلات المساعدة على الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .كل ذلك يصيب مجموع أفراد المجتمع , سواء كانوا ذكورا او إناثا . والحرمان من الحقوق المختلفة يستهدف الجميع .
وفي هده المعالجة المتأنية سنتناول بالتحليل مفهوم المرأة كجنس . وككائن اجتماعي وكانسان وكحقوق لنخلص الى مفهومها كانسان . ثم ان حقوق المرأة هي عينها حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية مع التركيز على جانب الخصوصية , ثم موقف المتنبئين الجدد من قضية المرأة باعتبارها مجرد عورة . واعتبار عملها مجرد سبب في انتشار البطالة في صفوف الرجال واستغلاله في محاربة المخالفين لهم في الانتخابات , وفي المظاهرات المختلفة , ثم سبل تفنيذ دعاوي المتنبئين الجدد , وانطلاقا من التأكد على إنسانية المرأة واعتبار عملها حقا , واحترام كرامتها, ونشر الوعي الحقيقي في صفوف النساء , وتمتيعها بالحريات العامة والفردية ثم علاقة المرأة بالتنظيم , وممارستها للعمل الحزبي والعمل النقابي والجمعوي , والحقوقي ثم اهتمام المرأة بوضعيتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والقانونية والحقوقية, ثم نظرة الإسلام للمرأة من خلال النصوص ومن خلال التشريع والممارسة انطلاقا من العادات و التقاليد والأعراف . ثم النضال من اجل المرأة الذي يكون من اجل الحقوق العامة والخاصة , اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ومدنيا وسياسيا . ثم كيف يجب ان ننظر الى المرأة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي ؟ لنخلص في النهاية الى ان المرأة إنسان , والنيل من إنسانيتها لا يجب ان يخضع للمساومة , وأنها كالرجل في الحقوق و الواجبات وان ما ينقصنا هو التحرر من عقدة التخلف التي تشدنا الى التمسك بالنظرة الدونية للمرأة وان نسعى الى إنسانية المرأة بإعادة النظر في جميع القوانين حتى تتلاءم مع المواثيق الدولية من اجل تجاوز ما نحن عليه . الى ما هو افضل , تكون فيه المرأة بكافة الحقوق .
مفهوم المرأة / مفهوم الإنسان :
ولمعالجة قضية المرأة لا بد من الوقوف على مفهومين اثنين : مفهوم القضية , ومفهوم المرأة .
فمفهوم القضية ينصب على كل علاقة بالمرأة مما ينشغل الناس به , ومعرفة خواصه المختلفة ومحاولة الإجابة على التساؤلات التي تطرحها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي , وصولا الى إجابات نهائية تساعد على تجاوزها بصفة نهائية .
فالقضية ادن هي كل اهتمام مركزي يحتل مركز الصدارة في تفكيرنا ويعمل على توجيه سلوكنا في اتجاه إيجاد حلول للمشاكل التي تنجم عنها .
ومن القضايا التي تفرض نفسها على اهتمامات الناس الآنية والمستقبلية : قضية المرأة بكل تفاصيلها وتشعباتها في امتداداتها التاريخية والمستقبلية .
فما مفهوم المرأة التي تكون موضوعا للقضية ؟
ومعلوم ان المجتمع ينقسم الى جنس الذكور وجنس الإناث . وكنتيجة لهذا الانقسام الطبيعي تتميز المرأة بمجموعة من المميزات :
1) فهي كائن يختلف في طبيعته البيولوجية عن الرجل وتوكل اليه - بحكم الطبيعة - مهمة الإنجاب , كما توكل إليه - بحكم العادة - تربية الأولاد سواء كانوا ذكورا او إناثا . وهو ما يقودنا الى القول بان جنس المرأة مختلف عن جنس الرجل اختلافا يترتب عنه بناء رؤيا , تصور , وتقرير وظيفة اجتماعية نفسية , واتخاذ موقف معين تجاهها.
وحسب النظرة الجنسية للمرأة ,فإنها تتحول الى مجرد متاع في يد الرجل , يحتكره فيحرص عليه , ويراقبه , وينسب إليه كل الدنايا ويخصه للاستغلال الجنسي , ويوظفه لتحقيق أغراض اقتصادية واجتماعية وسياسية للرجل , فهي خارج النظرة الدونية وخارج إرادة الرجل لاتساوي شيئا . عليها ان تكون كما يريدها الرجل المحكوم بتصور إيديولوجي معين , يسمونه * التصور الإسلامي * او تصور بورجوازي متخلف يسمونه * التصور الحداثي * وفي التصورين معا يبقى كيان المرأة الجنسي غير حاضر وغير وارد في الممارسة اليومية للمرأة , لأنها تبقى رهينة لاحد التصورين المتناقضين , والمتصارعين في نفس الوقت لانتمائها الى إيديولوجيتين متناقضتين .
والتصوران معا يتجسدان على ارض الواقع حيث نجد المرأة الى جانب الرجل الذي يسدل لحيته لا يظهر منها أي شيء , لانه يعتبرها عورة , يجب ان تخفى عن أعين الناس برؤيتها كما نجد رجلا بجانبه امرأة و لا يكاد يستر منها إلا القليل من جسدها يتعامل معها كبضاعة جميلة يعرضها ليتمتع الناس برؤيتها كما قد نجد امرأة تتعامل مع نفسها على أنها عورة او متعة , فتخفي نفسها او تعرض جسدها في السوق .
والتصوران معا تكون فيهما المرأة مستلبة والرجل مستلبا , والاستلاب لا يكون إلا إيديولوجيا , فالمرأة والرجل معا إما مستلبان بإيديولوجية المتنبئين الجدد التي تعيدنا الى عصور الظلام او بإيديولوجية البورجوازية التي تشيئ كل شيء بما في ذلك الجسد سواء تعلق الأمر بالرجل او المرأة .
أما المرأة فلا رؤية لها في نفسها كجنس ,لأنها لا تمتلك الوعي الكافي اللازم لإبداء رأيها او امتلاك تصور عن كيفية تعاملها مع جسدها .
وقد كان من المفروض ان تسود في المجتمع تربية جنسية رائدة تستحضر الاستقلال النسبي لتصورات الأفراد والجماعات عن الجنس بصفة عامة , وعن المرأة , وعلاقة الرجل معها بصفة خاصة , حتى يتصرف الجميع على أساس تلك التربية ويتعامل مع المرأة في إطارها , وبما ان هذه التربية غير موجودة فان النظرة الجنسية الدونية , والقمعية للمرأة تبقى سائدة .
2) والمرأة ككائن اجتماعي تلعب دورا رائدا في السير العادي للمجتمع , فهي ركيزة الأسرة التي بدونها لا تقوم قائمة , وهي المربية الأولى لأفرادها , والموجهة لسلوكهم , والحريصة على سلامتهم من الآفات التي قد يتعرضون لها , وهي التي تنسج شكل العلاقات التي تربط الأسرة بالمجتمع , و بالإضافة الى ذلك فهي مساهمة في بناء اقتصاد الأسرة عن طريق العمل خارج البيت , او منظمة لهذا الاقتصاد , وحريصة عليه وعاملة على استفادة الأسرة من الخدمات الاجتماعية المختلفة كالتعليم والصحة والسكن , والتشغيل ....وكل ما يمكن ان يؤدي الى رفع مستوى الأسرة على جميع المستويات حتى تزداد اندماجا في المجتمع ويسهل اندماج أفرادها فيه. ومع ذلك فهي تعكس كل أشكال التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي نظرا للاعتبارات الآتية :
أ- النظرة الدونية التي تعاني منها سواء تعلق الأمر بإطار الأسرة , او تعلق بالمجتمع ككل تلك النظرة النابعة من طبيعة جنسها , مما يترتب عنه تهميشها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا.
ب- بحرمانها من مجموعة من الحقوق التي يمتاز الرجل بالتمتع بها .
ج- انتشار الأمية بشكل مهول في صفوف النساء , واعتبارها مجالا لانتشار الأمراض الاجتماعية المختلفة .
د- اعتبارها مجرد متاع فيطلب منها ان تحتجب عن الذكور او ان تعرض جسدها بشكل مكشوف في الشارع كما تعرض باقي البضائع التي يتمتع بها الناس .
وتخلف المرة يبقى القاعدة التي تسود ما لم يتم العمل على تجاوز الاعتبارات اعلاه .
3) ونجد المرأة كانسان تشكل عمق الإنسانية بكل ما لهذا المفهوم من دلالة غير محدودة لا بالزمان و لا بالمكان , فهي الام التي ورد فيها قول الرسول * ص* الجنة تحت أقدام الأمهات ) وتستحق ان يرد فيها الحديث النبوي الشريف :( من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال أمك , قيل ثم من ؟ فقال أمك قيل ثم من؟ قال أمك قيل ثم من ؟ قال أبوك ) . كما تستحق ان تكون لها نفس مكانة الرجل كما في قوله تعالى :( و لا تقل لهما أف و لا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) وقوله في اخرى : ( ان اشكر لي ولوالديك ) وهي الأخت والبنت والزوجة , وهي في جميع الحالات مكمن العواطف النبيلة التي قال فيها الشاعر حافظ إبراهيم :
الام مدرسة ادا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق .
وحتى تكون بمثابة البلسم الذي يعالج كلوم المجتمع , ودواخل النفوس يكون من اللازم العناية بها , ورعاية إنسانيتها والاهتمام بإعدادها الجيد لتحمل المسؤوليات المختلفة . وصفاء إنسانية المرأة يعتبر ضروريا لقيامها بدورها , كما ان هذا الصفاء يساعد على اندماجها , وإحلالها المكانة التي تستحقها .
إلا ان ما يخدش كرامة الإنسان بصفة عامة , وكرامة المرأة بصفة خاصة هو إلغاء إنسانيتها في العادات والتقاليد والأعراف , وفي الاجتماع والثقافة. وفي الاقتصاد والسياسة وفي القوانين العامة والخاصة , وباسم العقيدة في الكثير من الأحيان .
ويتجسد إلغاء الإنسانية في النظرة الدونية التي تتجسد في :
أ‌- التعامل مع المرأة على أنها دون مستوى الرجل ابتدء بمؤسسة الأسرة وانتهاء بالقوانين ومرورا بالممارسة اليومية للمجتمع حتى وان كان هدا الرجل معتوها .
ب‌- اعتبارها مجرد متاع في البيت وتحفة نادرة تعرض في السوق , ومطية للتسلق الطبقي , وهو ما يرسخ في الممارسة اليومية للمجتمع إمكانية شرائها وبيع متعتها الى عامة الناس وجعلها مثار إغراء او منعها من مخالطة الناس .
ج - اعتبارها مثار الشهوات المختلفة , والمتدنية وسببا في الفتن المختلفة التي يعرفها الواقع بكل تجلياته .
د- اعتبارها عورة يجب حجبها عن الأعين حتى لا تسيئ الى المجتمع الذكوري , وكان الرجل ليس عورة من وجهة نظر المرأة .
ولذلك فإلغاء الدونية في الفكر وممارسة التربية على حقوق الإنسان والتعامل مع المرأة , على أساس مساواتها للرجل. وتحريم تبضيعها , واستحضار ضرورة تمتعها بحقوقها المختلفة وخاصة تمتعها بالحرية المنصوص عليها في المواثيق الدولية واستحضار كرامتها في التعامل معها .
4 ) والمرأة كحقوق تعتبر كالرجال في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية , والمدنية والسياسية ,. بالإضافة الى حقوقها كامرأة لها خصوصيتها . وللتمتع بتلك الحقوق عليها ان تساهم في تنشيط الجمعيات الحقوقية ,وإنشاء الجمعيات الخاصة بحقوق المرأة .
غير أنها على مستوى التمتع بتلك الحقوق تجد نفسها محرومة منها بحكم العادة والتقاليد و الأعراف وبسبب القوانين السائدة التي تتناقض في معظمها مع ما ورد في المواثيق الدولية مما يكرس حرمانها من تلك الحقوق , وهو حرمان اصبح قاعدة في معظم المجتمعات ذات الأنظمة التابعة , وخاصة المسماة إسلامية ولذلك فوضعية المرأة على المستوى الحقوقي في هده البلدان يعتبر مترديا . ويقف وراء هدا التردي :
أ- إصرار الأنظمة الاستبدادية , وخاصة تلك التي تتستر بالدين الإسلامي على هضم حقوق المرأة على جميع المستويات , واعتبار ذلك الحرمان قرارا إلهيا , وبه وحده تبقى المرأة إما مندمجة في المجتمع , او محرومة من ذلك الاندماج اذا هي حملت قسطا من الوعي يجعلها تسعى الى المطالبة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية .
ب- تعود الناس على هضم حقوق المرأة بسبب النظرة الدونية التي تعاني منها ,وهذا التعود يحضر بامتداداته الاقتصادية والاجتماعية وبأبعاده التاريخية والمستقبلية , وهو ما يجعله حاضرا في وجدانهم ومنتقلا الى الأجيال اللاحقة من خلال النظام التربوي السائد , ولا يمكن اجتثاثه إلا بنظام تربوي نقيض .
ج ) تدني الوعي الحقوقي في صفوف الناس بصفة عامة وفي صفوف المرأة بصفة خاصة , وهو ما ينتج عنه عدم معرفة تلك الحقوق وعدم الوعي بها مما يؤدي الى عدم المطالبة بها . وهدا التدني يعتبر عاما في جميع المجتمعات ذات الأنظمة التابعة .
د- عدم تدريس حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية في المدارس والمعاهد والجامعات مما يجعل الوعي بها واحترامها غير حاضر في وجدان وممارسة الأجيال الصاعدة ومما يجعل معرفة تلك الحقوق غير واردة
ولتجاوز عوامل التردي المذكورة , لا بد من إنضاج شروط تمتع المرأة بالحقوق العامة والحقوق الخاصة التي تتناسب مع وضعيتها كانسان له بعده البيولوجي الذي يمارس بواسطته خصوصية معينة تقتضي حقوقا خاصة بالإضافة الى أبعاده الأخرى التي يشترك فيها مع الرجل , مما يقتضي تمتيعها بمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية التي تستلزم الكونية والشمولية والجماهيرية والتقدمية والديمقراطية, وعدم تحولها الى وسيلة للابتزاز من قبل جهة معينة لنكون بذلك متجاوزين للقيم المتخلفة التي تسعى الى سجن المرأة في خانة التخلف على جميع المستويات .
حقوق المرأة / حقوق الإنسان :
والرؤيا المبدئية ستؤدي الى طرح إشكالية مفهوم حقوق المرأة . هل هي نفسها حقوق الإنسان , أم إنها تختلف عنها , وما درجة الاختلاف ان وجد ؟ وهل في إمكان المرأة ان تحصل على حقوقها كاملة ؟ أم ان طرح حقوق المرأة هي مجرد إيديولوجية توظف لاستغلال المرأة في محطات معينة ؟ ثم بعد دلك يعود الأمر الى ما كان عليه .
والواقع ان الانطلاق من الرؤيا المبدئية بجنبنا الكثير من المزالق التي قد تقود الى إلحاق الحيف بالمرأة من منطلق ان حقوق المرأة تختلف عن حقوق الناس -هكذا - وأن هذه الحقوق ترتبط بمفهوم معين , او بعقيدة معينة , وهو ما يتنافى مع علاقة الخاص بالعام من جهة , ومع مبدئية الكونية والشمولية من جهة أخرى ، فتجنب المزالق على مستوى المفهوم , وعلى مستوى الممارسة سيجعل المرأة جزءا من حقوق الإنسان ومادامت كذلك فهي ذات :
1 ) حقوق اقتصادية تبيح لها الحصول على مصدر للدخل الاقتصادي الذي يمكنها من حفظ كرامتها وتجنبها المزالق المختلفة التي تنعت بها في المجتمعات المختلفة .
2 ) حقوق اجتماعية تمكنها من التعلم والتطبيب والشغل والسكن , والحماية الاجتماعية حتى تندمج اندماجا سليما في المجتمع , وهذا الاندماج السليم يعتبر شرطا لاحترام كرامة المرأة .
3 ) حقوق ثقافية تقف وراء تكريس ا لنظرة الصحيحة للمرأة بدل النظرة الدونية السائدة في المجتمعات التابعة فالثقافة تقف وراء التصورات والممارسات التي يقوم بها الناس في الواقع على جميع المستويات . ولذلك فالاهتمام بتثقيف المرأة يعتبر أساسيا في جعلها مساهمة في إغناء ثقافة المجتمع والثقافة الإنسانية مما يعتبر مساهمة من المرأة في تغيير النظرة إليها , وتشكيل ممارسة جديدة تجاهها تتناسب مع عصر حقوق الإنسان .
4 ) حقوق مدنية ترفع مكانة المرأة الى مستوى مكانة الرجل في المجتمع وتجعلها مساوية له في الحقوق والواجبات , وأمام القانون لا يلحقها حيف , ولا تضر غيرها إلا بموجب القانون , تتاح لها الفرصة لتحمل جميع المسؤوليات بمحض إرادتها .
5) وحقوق سياسية تجعل المرأة كالرجل في اكتساب حق الانتخاب وحق الترشيح , وحق تحمل المسؤولية الجماعية والبرلمانية وحق الانتماء الى الأحزاب والنقابات والجمعيات وحق إنشائها وتحمل المسؤولية فيها دون توجيه من أحد , او وصاية عليها.
وبالإضافة الى هذه الحقوق , هناك حقوق اخرى تقتضيها طبيعتها كامرأة من اجل حمايتها من كافة الأخطار التي قد تتعرض لها سواء من طرف الرجل او من طرف المجتمع , وهذه الحقوق الخاصة يجب ان تتم أجراتها في القوانين الخاصة كقانون مدونة الأحوال الشخصية .
و تتمتع المرأة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية وبحقوقها الخاصة عن طريق أجرأة تلك الحقوق في القوانين المعمول بها التي يجب ان تتلاءم مع المواثيق الدولية وخاصة قانون مدونة الأحوال الشخصية الذي يكرس دونية المرأة , ويحط من قيمتها في كل بلد إسلامي .

أهمية المرأة بالنسبة للمجتمع :

وانطلاقا من تمتيع المرأة بالحقوق العامة والخاصة نجد أنها تكتسب أهمية كبيرة على مستوى الأسرة وعلى مستوى المجتمع كزوجة , كأخت, وكبنت , وهذه الأهمية تتنوع بتنوع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية, وبها تصبح ندا للرجل في تلك المجالات , لها ماله , وعليها ما عليه , يراهن المجتمع عليها كما يراهن على الرجل .
1 ) فهي تمارس الأنشطة الاقتصادية في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات والزراعة و الابناك وغيرها وبتلك الممارسة تتحول الى مالكة لوسائل الإنتاج او مشغلة لتلك الوسائل, تسعى إما الى تنمية مشاريعها ومقاولاتها , وإما الى تحسين أوضاعها المادية والمعنوية عن طريق إنشاء تنظيمات لهده الغاية .
2) وهي تمارس أنشطة اجتماعية عن طريق اشتغالها في مجالات التعليم والصحة بالخصوص حيث تكون عطاءاتها بدون حدود فتكتسب بذلك أهمية خاصة في قطاعي التعليم والصحة بسبب ما تقدمه من خدمات تتسم بالعمق الإنساني من خلال تعاملها مع الطفل ، الشباب والمريض , وهو ما يجعل خدمتها اكثر إفادة من خدمة الرجل , نظرا لطبيعتها كامرأة .
فتقديم الخدمات الاجتماعية من خلال المؤسسات الخدماتية يعتبر ضروريا حتى تستمر سلامة المجتمع من الأمراض المختلفة , إلا ان تقديم الخدمات تختلف من الرجل الى المرأة بسبب اختلاف طبيعية كل منهما , ولكون المجتمع يطمئن الى خدمات المرأة اكثر من اطمئنانه الى خدمات الرجل لاعتبارات نفسية و إنسانية
3) وهي تساهم في إثراء الثقافة من خلال ممارسة الإبداع الثقافي , والعمل على تنشيط الأدوات الثقافية المختلفة , وخاصة اذا كانت الثقافة مضادة وهادفة لتناسبها مع شكل المرأة على جميع المستويات في المجتمعات المتخلفة والتابعة , فدور المرأة في المجال الثقافي اصبح واردا اكثر من أي وقت مضى لاعتبارات نذكر منها :
ا- ان الوعي الثقافي المقلوب يستهدف تدجين المرأة وتكريس استلابها وهي المعنية بالدرجة الأولى بمقولة التدجين و الاستيلاب في حالة تسرب الوعي الحقيقي إليها .
ب- ان تخلف المجتمع يتجسد بشكل كبير في صفوف النساء , لذلك فمساهمة المرأة في إثراء الثقافة سيقود الى ادراك المجتمع خطورة التخلف من جهة , والى جعل المرأة تدرك خطورة تخلفها من جهة اخرى حتى تعمل على انعتاقها .
ج-ا ن المجتمع لا يمكن ان يستغني عن مساهمة المرأة على المستوى الثقافي نظرا لان معظم الممارسات الثقافية لها علاقة بها، سواء تعلق الأمر بالعادات والتقاليد والأعراف وغيرها مما يجعلها محور الإبداعات الثقافية المختلفة سواء كانت من إنتاج الرجل او المرأة .
د- ان إعداد الأجيال ثقافيا رهين بمساهمة المرأة الرائدة على مستوى التنشيط الثقافي
وبذلك يكون دور المرأة الثقافي حاضرا في الممارسة اليومية في جميع الأنسجة الاجتماعية ودافعا الى التخلص من مجموعة من الأمراض الثقافية .
4 ) وهي تنخرط في الممارسة السياسية من بابها الواسع فتنتمي الى الأحزاب السياسية وتتحمل المسؤولية الأساسية فيها . بل قد تصل الى مستوى القيادة المحلية والوطنية , ومن خلالها قد تتحمل المسؤوليات الجماعية والبرلمانية التي قد توصل الى المسؤوليات الحكومية .
ونظرا لقناعة المرأة باختيارات سياسية معينة فإنها تنخرط في تنفيذ برنامج نضالي معين يستهدف فرض اختيارات نقيضة للاختيارات السائدة حتى تحصل على حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية المؤدية الى إدماج المرأة في التنمية المستدامة تماما كما هو الشان بالنسبة للرجل .
وبسبب تهميش المرأة على المستوى السياسي , فان النظرة الدونية السائدة في المجتمع تجاه المرأة تجعل مساهمة المرأة في الحركة السياسية يعتبر نشازا من المرأة مما يقتضي اختزال ممارستها السياسية في الإدلاء بصوتها كلما كانت هناك انتخابات لتغليب جهة معينة على باقي الجهات المناهضة للاختيارات القائمة , وبعد دلك تعود الى جحرها تختفي فيه , وتنشغل بأمور الحياة اليومية حتى وان كانت موظفة او محامية او مهندسة .... فخروجها لا يجيز لها القيام بالممارسة السياسية .
وللخروج من وضعية ضعف مساهمة المرأة في الحياة السياسية والحزبية , لا بد من إطلاق الحريات العامة والسياسية بالخصوص والعمل على إدماج المرأة في التنمية , وإعادة النظر في القوانين التي تكرس دونية المرأة وملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ,و تجريم ممارسة الدونية ضد المرأة حتى تعود للمرأة المكانة التي تستحقها ,وتمتلك الشجاعة على إعلان انتمائها السياسي , ودخولها في الممارسة السياسية لتسجل حضورها وبكثافة على جميع المستويات .
موقف المجتمع من المرأة :
وكون المرأة ذات أهمية اقتصادية وثقافية ومدنية وسياسية فان ذلك لم يمنع من سيادة موقف منها يكرس دونيتها ويحط من قيمتها , ويجعلها كائنا بيولوجيا يقوم بمهمة الإنجاب , او مجرد متعة للرجل , وحتى إذا سمح لها بالعمل فان ذلك راجع الى رغبة الرجل في المساهمة الاقتصادية للمرأة في العائد الاقتصادي للأسرة بصفة عامة , وللرجل بصفة خاصة . وليس من منطلق تمتيعها بحق من حقوقها الاجتماعية كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية , وفي إطار استقلاليتها عن الرجل في تلك الحقوق .
والموقف من المرأة المهيمن على عقول الرجال والنساء معا ناتج عن :
1 ) الموقف التاريخي , وهو موقف يمتد في التاريخ الأسود للمرأة , رغم الدور الإيجابي لها في مختلف العصور , وبالنسبة لنا فتاريخ المرأة الأسود يمتد الى ما قبل الإسلام حيث كانت المرأة، كقيمة، كباقي الأمتعة التي يملكها الرجل او يرثها وفي هذه الوضعية التي لافرق فيها بين المرأة الحرة والمرأة* الأمة * لا تستطيع المرأة ان تعبر عن نفسها بأي شكل من أشكال التعبير , وما يمكن ان تمتلكه فهو لأبيها او لأخيها او لزوجها . واذا صدر منها او نعتت بما يسئ الى سمعتها فان من حق الرجل كاب او كأخ او كزوج ان يصادر حقها في الحياة .
وهدا الموقف يستمر بشكل او بآخر بعد مجيء الإسلام رغم التطور الذي عرفته البشرية بسبب إقرار مجموعة من الحقوق , ورغم المساواة بين الجنسين في مجموعة من المواقف , وما جاء به الإسلام من إقرار ملكية يمين المرأة و إقرار تعدد الزوجات ,
وعدم ارتفاع ما ترثه المرأة الى مستوى ما يرثه الرجل واختلاف التوجيه الخاص بالرجل عن التوجيه الخاص بالمرأة يتم استغلاله لتكريس النظرة السوداء عن المرأة , والتعامل معها ككائن نجس يجب ستره .
وتاريخ البشرية لا يسجل إلا تاريخ الرجل , وهو تاريخ لازال ممتدا الى يومنا هذا حيث تتكرس دونية المرأة بامتياز على جميع المستويات .
2 ) واذا تصفحنا النصوص الدينية سنجد إنها تجنح الى تكريس المساواة بين الرجل والمرأة مع مراعاة * قوامة * الرجل التي تكرس الفرق بينهما .
فقد جاء في القران الكريم : * والمومنون والمومنات بعضهم أولياء بعض * وهذا القول يكرس المساواة القائمة بين الرجل والمرأة .
وجاء أيضا : قل للمومنين بغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم , ان الله خبير بما يصنعون , وقل للمومنات بغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن , و لا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها , وليضربن بخمرهن على جيوبهن , ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... الآية *. وفي هدا القول تبرز أفضلية الرجل على المرأة فيما يخص نوعية الخطاب المختلف .
وجاء في مكان اخر * الرجال قوامون على النساء * وفيه أفضلية القوامة الخاصة بالرجال .
وجاء فيه : * حملته أمه وهنا على وهن * وفيه أفضلية الام على الأب .
وجاء أيضا : * ان اشكر لي ولوالديك * وفيه المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة . كما في قوله تعالى : * و لا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما , واخفض لهما جناح الذل من الرحمة * و في الحديث : ( من أحق الناس يحسن صحابتي ؟ قال املك , قيل ثم من ؟ قال أمك , قيل ثم من ؟ قال أمك قيل ثم من ؟ قال أبوك )وهو قول يكرس بشكل واضح أفضلية المرأة على الرجل .
وفيه ( الناس كأسنان المشط و ( لا فرق بين عربي وعجمي و لا بين ابيض واسود إلا بالتقوى ) وهذان القولان يكرسان المساواة بين الناس جميعا سواء كانوا ذكورا او إناثا .
وبذلك نجد ان الدين الإسلامي الحنيف يساوي بين الرجل والمرأة مع مراعاة قوامة الرجل في جوانب معينة وأفضلية المرأة على الرجل انطلاقا من خصوصيتها كأم , وهذا الموقف متقدم كثيرا على ما كان سائدا قبل الإسلام , ولم يعمل المسلمون به ,ولم يكرسوه على ارض الواقع إلا نادرا . بل ان التشريعات نفسها تكرس أفضلية الرجل على المرأة , أما العادات والتقاليد والإعراف فهي امتداد لما كان سائدا في العصرالجاهلي و لا عبرة فيه بما ورد في الكتاب والسنة .
3 ) وعلى المستوى القانوني نجد تكريس دونية المرأة , سواء تعلق الأمر بقانون العقود والالتزامات ,أو القانون الجنائي او قانون الأحوال الشخصية .
فالمرأة حسب النصوص القانونية المختلفة هي دون مستوى الرجل . لاتقبل شهادتها بمفردها , و لاتزوج نفسها , بل لا بد لها من ولي , وترشيدها لا يتساوى مع ترشيد الرجل .
وهذه الدونية القانونية ناتجة عن كون القوانين غير متلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان . وخاصة الميثاق المتعلق بإلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة , سواء كان هذا التمييز اقتصاديا او اجتماعيا او ثقافيا او سياسيا , ولذلك فملأءمة القوانين المعمول بها بما فيها قانون الأحوال الشخصية مع المواثيق الدولية اصبح ضروريا من اجل ان يكون موقف القانون من المرأة غير مجحف لها وضامن لحفظ كرامتها .
4 ) وفيما يخص الموقف مع المرأة , فان ذلك يختلف باختلاف الطبقات المكونة للشعب . فالطبقة الإقطاعية او شبهها ,تتعامل معها ككائن معزول عن المجتمع خاص بمتعة الإقطاعيين . والقيام بوظيفتي الإنجاب , والاعتناء بتربية الأبناء . والطبقة البورجوازية تعتبرالمرأة حرة تفعل بنفسها ما تشاء بما في ذلك بيعها جسدها , وفي حالة الزواج بها فهي متعة وتحفة تظهر الى جانبه أمام البورجوازيين يتباهى بجمالها ويتوسل بها عقد الصفقات المربحة بما فيها قضاء المآرب في مختلف الإدارات . والطبقة البورجوازية الصغرى تتأرجح بين اعتبارها كائنا يجب ان يكون معزولا عن المجتمع , وبين ان تفعل بنفسها ما تشاء , وان تكون متعة للرجل , وزينة الى جانبه أمام الناس أما بالنسبة للكادحين فالمرأة ند الرجل تشاركه في العمل في الحقل وفي المشغل ، وتساهم بشكل فعال في بناء الأسرة وتعمل الى جانب الرجل على تربية الأبناء , وتعتبر هي المسؤولة الأولى عن الأسرة .
وهذا الاختلاف في الرأي , وفي التصورات لا يلغي دونية المرأة على أنها مساوية للرجل على المستوى الاجتماعي . أما على المستوى الاقتصادي فان نتيجة عمل المرأة غالبا ما يؤول الى الرجل بسبب انتشار الأمية في صفوفها , وبحكم العادات والتقاليد والأعراف التي تجعل الرجل في مستوى تحمل المسؤولية , وتتعامل مع المرأة باحتقار .
ولذلك فموقف المجتمع من المرأة يبقى رهينا ب :
1 ) مستوى تطور المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي, لان أي تطور حصل فبه لا بد ان ينعكس على الرؤيا والموقف .
2 ) مستوى الوعي السائد فيه فإذا كان الوعي زائفا يكون الموقف من المرأة سلبيا , أما إذا كان حقيقيا , فيكون هذا الموقف إيجابيا , والمجتمعات البشرية غالبا ما تكون محكومة بالوعي الزائف , ولذلك يكون موقفها من المرأة زائفا أيضا .
3 ) مستوى أخلاق المعاملة السائدة التي يطبعها ا احتقار المرأة وإهانتها في الأماكن العامة , وفي الممارسة وفي الجامعة , وفي أماكن العمل , وهي أخلاق أصبحت مترسخة في سلوك الناس، ولا يوجد قانون يجرمها ولا توجد شرطة آداب تراقبها , وتضبط ممارستها وتعمل على زجرها .
4 ) الوعي الزائف الذي يحكم ممارسة المرأة وعقليتها , ونظرتها للمرأة المتسمة بالدونية , كما تؤكد ذلك كل وقائع الحياة اليومية ابتداء بقبولها اعتبار جسدها عورة , وانتهاء بسقوطها في الممارسات المنحطة .
ولذلك فموقف المجتمع من المرأة يستند بالدرجة الأولى إلى ممارسة المرأة نفسها , وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار , للتخطيط في إعادة صياغة وعي المرأة حتى ترقى بنفسها الى مستوى فرض احترامها .
المتنبئون الجدد وقضية المرأة :

ودونية المرأة تتجسد اكثر في فكر وممارسة ٍٍٍ المتنبئبن الجدد الذين يعتمدون على أدلجة الدين الإسلامي , ويعتبرون كل ما يتعلق بالمرأة في قوانين الاحوال الشخصية مقدسا ,ويرفضون مراعاة التطور الاقتصادي والاجتماعي , و الثقافي , والمدني والسياسي في إعادة صياغة تلك القوانين على أساس ان ما يحصل من تطور هو من صنع( المشركين ) الكافرين , والزنادقة , والملحدين والعلمانيين والغربيين) الى غير ذلك من الأوصاف القدحية الدنيئة , والمنحطة التي تملا كتبهم , وجرائدهم من اجل الوصول الى جعل المجتمع يقاوم التغيرات المضللة في قوانين الأحوال الشخصية كما حصل في مصر , وفي المغرب والمقاومة المطلوبة لا تتم إلا بتحريض الرجل والمرأة معا ضد الجمعيات والهيئات المطالبة بإدخال تعديلات على قوانين الأحوال الشخصية والحفاظ على دونية المرأة في المجتمع باعتبارها مقررة في الدين الإسلامي . و لا يجب تجاوزها , لان التجاوز معناه الخروج عن الإسلام , والكفر , والزندقة , والتغريب , وأشياء اخرى نستحي ان نذكرها في هذه المعالجة وهؤلاء المتنبئون الجدد يكرسون دونية المرأة من خلال :
1) اعتبار المرأة عورة ولذلك فخروجها مسافرة يمكن ان يقود الى الفتنة وعملها يعتبر سببا في حدوث العطالة في صفوف الرجال .
2 ) فماذا يقصد هؤلاء المتنبئون الجدد بمفهوم العورة ؟ انهم يقتحمون كل جسد المرأة في هذا المفهوم , من هامتها الى أخمص قدميها , وبالتالي فان عليها ان تستر عورتها , أي ان تحجب نفسها عن الناس , وبما ان العصر الذي نعيشه يفرض خروج المرأة فانهم يحرفون معنى الحجاب ليصبح مجرد شكل من اللباس الذي يسمونه ( إسلاميا ) والحجاب الذي عرف في تاريخ المسلمين يختصر في حرمان المرأة من الخروج, وهو ما لم يرد فيه نص . لان المرأة بعد ظهور الإسلام لم تكن محرومة من الخروج , بل كانت تشارك الرجل في شؤون الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والعسكرية وكل ما ورد هو توجيه تربوي بفرض احترام الرجل للمرأة , واحترام المرأة للرجل كما ورد في الآية الكريمة : ( قل للمومنين يغضو من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم , ان الله خبير بما يصنعون ,وقل للمومنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) وهذا التوجيه التربوي يستهدف الجانب الأخلاقي الذي لا يكون إلا نسبيا , أي ان اللباس الذي يسمونه ( حجابا ) يختلف في شكله باختلاف الشروط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعيشها المجتمع الذي يحدد تبعا لتلك الشروط ما يقبله , وما يرفضه من أشكال اللباس , ومستوى التعليم في صفوف الرجال والنساء معا يقود الى مستوى من التفكير لا يحضر فيه الجسد بقدر ما تحضر أمور اخرى فيصبح الجسد ثانويا .
واستحضار الجسد في التفكير والممارسة يعبر عن أمرين أساسيين :
الأمر الأول : إلغاء إنسانية المرأة أبديا , فالمرأة الحاضرة في أذهان المتنبئين الجدد لا تتجاوز مجرد كونها مجالا لممارسة الجنس وما سوى ذلك لا قيمة له . وهو ما ينتج احتقار المرأة الذي لا حدود له .
ولذلك فاعتبار المرأة عورة هو ممارسة إيديولوجية تستهدف فرض وصاية المتنبئين الجدد على الدين الإسلامي الذي يختصرون رؤيته للمرأة في الجانب الجنسي فقط . مع ان الإسلام ليس كذلك فالمرأة كالرجل إنسان , لا تحرم من مخالطة الناس جميعا بحكم الضرورة التي تفرض الاحترام المتبادل بين جميع الناس في إطار ممارسة أخلاقية / اجتماعية متعارف عليها , يعتبر شكل اللباس في إطارها مظهرا اجتماعيا متعارفا عليه , وليس التزاما دينيا كما يدعي ذلك المتنبئون الجدد وهو ما ينفي كون المرأة عورة إلا في حدود ما يتفق عليه أفراد المجتمع سواء تعلق الأمر بالمرأة او بالرجل , الذي يمكن ان يوصف أيضا بأنه عورة حسب منطق المتنبئبن الجدد .
2)اعتبار عمل المرأة سببا في انتشار البطالة , وهو اعتبار يحمل في مضمونه الكثير من التجني على المرأة من جهة والكثير من التضليل الذي يصيب عقول الناس ووعيهم باسم الإسلام من جهة اخرى .
وهو - في نفس الوقت - اكبر خدمة يقدمها المتنئون الجدد للنظام الرأسمالي العالمي , والأنظمة المتخلفة التي تسبح في فلكه , وينتمي إليها المتنبئون الجدد بالإضافة الى كون هذا الاعتبار مخالفا لما جاء في الإسلام نفسه الذي اقر عمل المرأة ومشاركتها للرجل في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و السياسية , ومخالفا للمواثيق الدولية التي تعتبر العمل حقا من حقوق الإنسان , تلك المواثيق التي يدعى المتنبئون الجدد إنها مخالفة للإسلام , ومناهضة له . وهو ادعاء يتنافى مع ما تقره تلك المواثيق بما يحقق كرامة المرأة والرجل على السواء .
والواقع ان انتشار البطالة لا يرتبط بعمل المرأة بقدر ما يرتبط بالاختبارات الرأسمالية التابعة وبعولمة اقتصاد السوق . وبكل الأمراض الاقتصادية التي تصاحب ذلك . فالاختيارات القائمة في معظم البلدان التي ينتمي اليها المتنبئون الجدد لا ديمقراطية ولا شعبية , وهي اختيارات تنم عن حقد دفين تجاه الكادحين بصفة عامة لإقحام المرأة بصفة خاصة التي يلبسونها أزمة عدم إيجاد مناصب الشغل للعاطلين من الرجال .فالأزمة ليست في عمل المرأة , إنها في الجري وراء تحقيق المزيد من التراكم الاقتصادي في أيدي قلة من الأشخاص المساهمين في قيام شركات عابرة للقارات , تمتص بشبكة فروعها المبثوثة عبر العالم دماء الكادحين في كل مكان سواء كانوا رجالا او نساء, وهو ما يفند ادعاء المتنبئين الجدد ويفرض عليهم القبول بعمل المرأة كواقع لامفر منه بعد إدخال التعديلات على التصور المتعلق به .
3) اعتبار دور المرأة في محاربة المخالفين للمتنبئين الجدد وهو اعتبار يعكس :
أ- انه في الوقت الذي يحرص فيه المتنبئون الجدد على بقاء المرأة في بيتها حتى لا تنكشف عورتها , وفي احسن الأحوال , ان تستر كل جسدها يطلبون منها ان تقوم بدور رائد في تجسيد خطاب المتنبئين الجدد ,وإشاعته في المجتمع وخاصة في أوساط الشرائح الشعبية الكادحة .
ب- ان المرأة مرشحة اكثر من الرجل للتأثر بخطاب المتنبئين الجدد الذين يدركون جيدا انها اكثر تخلفا , واكثر أمية واكثر فقرا من الرجل . فالبؤس خطابهم, وتسعى الى جعل الجميع يلتمس الخلاص فيه .
ج) ان سيادة التخلف والفقر و الأمية في صفوف الرجال يساعد على استغلال المرأة في القيام بدورها المطلوب منها .
د- ان النظام الرأسمالي يساعد على إشاعة خطاب المتنبئين الجدد لان حصصا بكاملها تخصص لذلك عن وعي او غير وعي وشعب الدراسات الإسلامية في مختلف الكليات يحولها الى مفرخة للمتنبئين الجدد .
ه- ان النظام الرأسمالي التبعي المنتج للفقر , والممارس للقهر يوحي بان خطاب المتنبئين الجدد , يساعد على الخروج من الأزمة من خلال رفع شعار ( الإسلام هو الحل ) وهو ليس الا شعارا ايديولوجيا .
ولذلك فتوظيف المرأة في محاربة المخالفين للمتنبئين الجدد رهين بتخلف المرأة, وزيف الوعي الذي تحمله . ولذلك يجب العمل على انعتاقها وتصحيح وعيها المقلوب حتى تكون مساهمتها في نشر الوعي إيجابية .
4)استغلالها في انتخابات من اجل وصول المتنبئين الجدد الى مراكز القرار الاقتصادي والاجتماعي, والثقافي من اجل تعميق التمكن من المجتمع والسيطرة عليه عن طريق استغلال الدين الإسلامي في إقناع الناخبين عن - طريق المرأة طبعا - بضرورة التصويت على مرشحي أحزاب المتنبئين الجدد . او على مرشحيهم ( المستقلين ) او باسم أحزاب قريبة منهم , لاجل إقامة ( الدولة الإسلامية ) او (الحكومة الاسلاموية ) او في الحدود الدنيا للوصول الى مراكز القرارات في المجالس المختلفة وفي البرلمان وهو مايمكن المتنبئين الجدد من تغيير موازين القوى لصالحهم وفرض تطبيق ( الشريعة الاسلامية) التي يملأون بالحديث عنها الدنيا طولا وعرضا وللوصول الى ذلك لابد من تحقيق :
أ- تشبع المرأة بإيديولوجية المتنبئين الجدد التي يسمونها ب ( الشريعة الإسلامية * حتى تقوم بدورها في إقناع الناس بقناعتها بدونيتها وممارسة تلك الدونية حتى تعمل على إقناع الرجال والنساء معا بها .
ب- استيعابها للبرنامج المرحلي الذي يضعه المتنبئون الجدد حتى تعمل على تحقيقه على ارض الواقع بوصول المتنبئين الجدد الى مراكز القرار.
ج- استعدادها للتضحية بروحها في سبيل تحقيق ذلك البرنامج حتى إقامة ( الدولة الإسلامية ).
ومعلوم ان مخطط المتنبئين الجدد في الانتخابات التي يشاركون فيها لا يعكس ابدا إيمانهم بضرورة تحقيق الديموقراطية جملة وتفصيلا , حتى ولو تعلق الأمر بالانتخابات , لان ادعاءهم ضرورة الديموقراطية ماهو الا تاكتيك للوصول الى ناصية القرار لفرض استبدادهم على المجتمع ككل . ذلك الاستبداد الذي تعتمد المرأة بالدرجة الأولى للوصول اليه , لتعاني اكثر من الرجل بسببه .
5) استغلالها في التظاهرات المختلفة بسبب استلابها وانسياقها وراء خطابات المتنبئبن الجدد، فهي تعتقد ان حضورها في التظاهرات السياسية المختلفة جزء من الدين الإسلامي باعتباره ( جهادا في سبيل الله).
لذلك نجد ان المتنبئين الجدد يستغلون هذا الاستلاب , ويحشرون النساء في التظاهرات السياسية المختلفة التي يقيمونها وباللباس المختلف , والمعبر عن الجنوح الى تكوين طائفة منفصلة فكرا وممارسة عن المجتمع , ومستعدة لاقصاء الطوائف الأخرى ولو بالقتل والإبادة اذا دعت الضرورة الى ذلك ويسمونه ( جهادا) في سبيل الله غير مستحضرين لقوله الله تعالى : ( ومن قتل نفسا بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ).
والمرأة عندما تستغل في إقامة التظاهرات المختلفة التي يقيمها المتنبئون الجدد في مختلف المناسبات تفقد قيمتها كامرأة , لان عملية الحشر في التظاهرات بدون إرادتها بفقدها إنسانيتها ,ويجعلها مجرد قطيع مملوك للمتنبئين الجدد , وهم في ذلك يختلفون عن النظام البورجوازي الذي يسئ للمرأة ويحولها الى مجرد متاع معروض في السوق يسعى الراغبون الى التمتع به .
والمتنبئون الجدد عندما يطرحون قضية المرأة فلأجل الحكم عليها بالتخلف والقهر , وحرمانها من ممارسة حرياتها وقمعها بواسطة قوانين الأحوال الشخصية التي يسمنوها شريعة , ويوظفونها لتحقيق أهدافهم السياسية , والطائفية , ويوحون إليها بالعمل على الجهاد من اجل تطبيق الشريعة الإسلامية , وهذه الممارسة تبقى المرأة متخلفة حتى وان كانت تحتل المناصب السياسية وتتصدر الطبقات الاجتماعية المالكة لوسائل الإنتاج . وفي استمرار تخلف المرأة يبقى المجتمع متخلفا , ومجالا لتفريخ المتنبئين الجدد الذين يوهمون الناس بالقضاء على أسباب التخلف التي يربطونها بوجود منابر التنوير في المجتمع .

سبل تفنيد دعاوي المتنبئين اتجاه المرأة :
ولتجاوز ما يمارسه المتنبئون الجدد في حق المرأة مما يغرقها في المزيد من التخلف , ويكرس تبعيتها للرجل , ويعرقل عملية تطور المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا , وسياسيا لا بد من :
1) التأكد على إنسانية المرأة الذي يعتبرضروريا للتعامل معها على جميع المستويات، لان وبدون ذلك التأكيد لا ترتفع مكانة المرأة في المجتمع ولا تكون محمية من جميع الأخطار التي تحدق بها وبالمجتمع ككل . وعملية التأكيد تلك لاتحضر إلا من خلال:
أ-رفع الحيف الاجتماعي الممارس ضد المرأة سواء تعلق الأمر بالأسرة او بالمجتمع والنضال من اجل تجريم ذلك الحيف حتى يمسك الناس عن ممارسته .
ب- تجريم التحرش الجنسي الذي تتعرض له المرأة في الأماكن العمومية , وفي مختلف الإدارات العمومية والخاصة وإنشاء شرطة الآداب التي تقوم بمراقبة السلوك العام وتتلقى الشكايات من النساء المعانيات من ذلك .
ج- تعميم إجبارية التعليم في صفوف الفتيات في الحواضر والبوادي , وتجريم حرمانهن من حقهن في التعليم سواء تعلق الأمر بالآباء او بالأولياء او تعلق بالجماعات المحلية او بالمسؤولين عن التربية والتعليم .
د- تعميم محاربة الأمية , وتجريم الامتناع عن ذلك سواء في صفوف النساء او في صفوف الرجال او تعلق الأمر بالجهات المسؤولة عن محاربة الأمية .
ه- دعم الجمعيات المهتمة بالدفاع عن النساء , والمطالبة بتمتيعهن بحقوقهن الكاملة , وتبسيط مسطرة تكوين فروع لها في المدن والبوادي , وفي الجبال وفي السهول .
و- تجريم استغلال العمل الجماهيري لاغراض خارجة عن الأهداف المرسومة في قوانينها الأساسية . حتى تبقى الجمعيات النسائية مستقطبة للنساء .
ز- العمل على ملاءمة قوانين الأحوال الشخصية مع المواثيق الدولية من اجل ضمان تمتع المرأة بكامل حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية الى جانب الرجل .
ح- تجريم تشغيل القاصرات في البيوت باعتباره وسيلة للحرمان من التمتع بمرحلة الطفولة, ويعرض القاصرات للكثير من المخاطر النفسية والجسدية بالإضافة الى الحرمان من التعليم , واكتساب المؤهلات المساعدة على إدماج المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية .
ط- إعطاء الأولوية لتشغيل النساء في القطاعات المتناسبة مع كونهن امرأة بنسبة معينة لضمان مساهمتها في التنمية .
ي- تنظيم حملات لتوعية النساء بحقوقهن سواء في المدينة او في البادية حتى تمتلك القدرة على مقاومة ما يمارس في حقها من أي جهة كانت , وخاصة من قبل المتنبئين الجدد واذنابهم .
2) اعتبار عمل المرأة حقا وليس امتيازا لانه في المجتمعات المختلفة ذات الأنظمة التابعة ، فان عمل المرأة حتى وان كان متدنيا يعتبر امتيازا يعتبره المتنبئون الجدد ضارا بحق الرجل في العمل , وسببا رئيسيا في انتشار بطالة الرجال كما أشرنا الى ذلك . والواقع ان المرأة كالرجل من حقها ان تمارس عملا معينا , تختاره بمحض إرادتها , و لا أحد يرغمها على ذلك او يمنعها عنه, كما يحق لها ان تمارس مهنة حرة تختارهت ولا تفرض عليها ولا تمنع من ممارستها بما فيها حق ممارسة التجارة وسواء عمات المرأة او مارست مهنة حرة فان ذلك سيكون وراء دخل اقتصادي خاص بها يمكنها من حفظ كرامتها بدل ان تبقى في حاجة الى الرجل يعيلها. ولذك فعملها سيكون تعبيرا عن:
أ- تمتع المرأة بأحد الحقوق التي كثيرا ما تحرم منها . مما يشعرها بأهمية التمتع بالحقوق المختلفة فتسعى الى الحصول عليها بكافة الوسائل , وتنشئ لهذه الغاية جمعيات خاصة بها , او تنخرط فيها وتلتزم ببرامجها الهادفة الى تحرير المرأة من التبعية للرجل .
ب- تمتعها بحريتها على الأقل حتى لا تبقى تحت رحمة الرجل , وتتمكن من الحصول على حاجياتها بعيدا عنه , والقيام بإعالة أسرتها وأفراد عائلتها كما يفعل الرجل حتى يتبين للجميع ان المرأة كالرجل في اكتساب المؤهلات ,والحصول على العمل في إعالة الأسرة ...الخ وأنها تفضله بكونها تكون أما , وتحمل في وجدانها عواطف إنسانية نبيلة .
ج- مساهمتها في بناء الاقتصاد الوطني / القومي , كمستثمرة او كعاملة , او مستخدمة او موظفة . و هذه المساهمة تجعل الوطن القومي لا يراهن على الرجال فقط بل يراهن أيضا على النساء, ودورهن في تنشيط الصناعة , والتجارة والخدمات , وهي أمور لا بد منها في أي نهضة اقتصادية , لان مراهنة الوطن القومي على الرجال وحدهم كمن يراهن على جسد نصفه مشلول , لان النصف المشلول سيعرقل حركية النصف غير المشلول .والحياة لا تنتظم إلا بإعادة الحياة للنصف المشلول حتى يتحرك بكامل حريته ,ويعمل على تطوير نفسه لاكتساب رشاقة الإبداع الاقتصادي الذي يرفع من مكانة الوطن القومي المعتمد على أبنائه جميعا ذكورا وإناثا .
د- قدرتها على اكتساب الوعي الحقيقي الذي بيعدها عن تضليل المتنبئبن الجدد , ويخلصها من الوعي المقلوب فتعمل على معرفة الواقع العام و واقعها الخاص معرفة علمية دقيقة تفيدها في معرفة ما يجب عمله للخروج من الوضع المتردي للمرأة . هذا بالإضافة الى وعي المرأة بحقوقها العامة والخاصة كاملة غير منقوصة وإدراك ما يجب عمله للتمتع بتلك الحقوق.
ه- استعدادها التام للمساهمة في جميع الأنشطة الاجتماعية / التربوية التي يستفيد منها الأطفال على مستوى المؤسسات الإنتاجية والاجتماعية والخدماتية والثقافية , لاشعار الأطفال بالدور الذي تقوم به الام كامتداد لدورها على مستوى الأسرة ,والدفع بهم الى التمتع بحقوقهم كاملة غير منقوصة حتى ينشأوا على التربية على حقوق الإنسان كما هي في المواثيق الدولية .
فعمل المرأة - إذن - ضروري لحمايتها من إهدار كرامتها ولمساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية , ومن اجل النهوض بالوطن القومي والرفع من مستوى إعداد الأجيال الصاعدة , وتتحقيق مستقبل تسود فيه العدالة الاقتصادية والثقافية والسياسية، خال من الأمراض الحاطة من كرامة المرأة على جميع المستويات .
3) التأكيد على احترام كرامة المرأة التي لا تتحقق إلا بتمتيعها بجميع الحقوق العامة والخاصة , والعمل على حل مشاكلها الاجتماعية في إطار إيجاد مؤسسات مختصة بتعهد الأطفال حرصا على اطمئنانها على أبنائها وإيجاد مؤسسات للتعليم الأولي في جميع المناطق النائية كما في الحاضرة , ودعم تمدرس الأبناء وتوفير الشغل للعاطلين وإيجاد مؤسسات لعلاج المرضى في الوسط القروي كما في الوسط الحضري , وجعل مصاريف العلاج في مستوى دخل الإنسان المغربي ... الخ .... لان كرامة امرأة من كرامة المجتمع , وكرامة المجتمع لا تحضر إلا من خلال كرامة المرأة .
فالمرأة أولا و أخيرا إنسان , لا بد ان تحضر إرادتها في اختيار ما له علاقة بحياتها , وفي المساهمة في تقرير مصير وطنها , وفي بناء الاقتصاد الوطني الذي تراه مناسبا لها , وفي ايجاد تعليم وطني , لبناء إنسان متحرر وديموقراطي وعادل , وفي النضال من اجل ديمقراطية حقيقية من الشعب والى الشعب بمضامينها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية , ومن اجل مؤسسات منتخبة انتخابا حرا ونزيها بما فيها مؤسسة البرلمان التي تعمل على :
أ- تشكيل الحكومة التي أفرزت اغلبتها صناديق الاقتراع والتي تعمل مباشرة على إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية للمشاكل القائمة في جميع القطاعات .
ب- العمل على ملاءمة القوانين للمواثيق الدولية وخاصة قوانين الأحوال الشخصية مساهمة منه في حفظ كرامة المرأة التي تعاني الأمرين . تلك القوانين في العديد من بلدان المسلمين التي تدعي أنظمتها التابعة أنها تطبق الشريعة الإسلامية بواسطة تلك القوانين .
وحتى تكون تلك الانتخابات حرة ونزيهة لابد من توفير الشروط التي من جملتها :
أ- التخفيف من حدة الأمية السائدة في المجتمعات الإسلامية والتي تقف وراء التخلف المسيطر في هذه المجتمعات .
ب- العمل على إعادة الاعتبار للمرأة عن طريق تمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية حتى تشعر بأهميتها .
ج- العمل على حل مشاكل الشباب الغارق في العطالة ويتهالك بسبب المشاكل التي تعشش فيه .
فالتأكيد على احترام كرامة المرأة يعتبر ضرورة تاريخية واجتماعية وثقافية , أي ضرورة كاملة شاملة وكونية من اجل ضمان مساهمة المرأة في حركة الحياة بكل أبعادها لصياغة حياة جديدة لا وجود فيها لدونية المرأة .
4) نشر الوعي الحقيقي في صفوف النساء، والوعي الحقيقي هو خلاف الوعي الزائف الذي يهيمن على عقول الناس جميعا. وتلك الهيمنة تقتضي منا :
أ- تحديد مفهوم الوعي الحقيقي الذي يعني العمل على معرفة الواقع كما هو وبأدوات علمية حقيقية , من اجل ضبط قوانينه , ومعرفة كيفية تحويله الى الأحسن , والواقع المستهدف بالوعي الحقيقي في موضوعنا هذا، هو واقع المرأة في أبعاده المختلفة الذي يجب إدراكه كما هو , وهو إدراك القوانين المتحكمة فيه , والعمل على تغيير تلك القوانين من اجل الارتقاء بالمرأة الى واقع احسن .
ب-تحديد وسائل بث ذلك الوعي في صفوف النساء وهذه الوسائل هي :
أولا: الوسائل السمعية البصرية التي يمكن ان تبث برامج تجعل المرأة تملك وعيها بالصوت و الصورة , والتمرس على تمثل ذلك الوعي .
ثانيا - الوسائل المكتوبة / المقروءة التي تبسط الواقع بما فيه واقع المرأة . وتبرز من خلال ذلك التبسيط مظاهر التضليل الممارس على المجتمع بصفة عامة , وعلى المرأة بصفة خاصة من اجل إزاحة ذلك التضليل من أذهان الناس , وفضح الأباطيل التي تلتصق بالمرأة , والكشف عن الجهات المستفيدة من تلك الأباطيل.
ثالثا-العروض والندوات حول مختلف القضايا التي تتعلق بالواقع الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي والمدني والسياسي بهدف الكشف عن مختلف التناقضات التي يزخر بها , من اجل التسريع بتفجيرها وكذلك القضايا المتعلقة بالمرأة التي تجعلها غير قادرة على المطالبة بحقوقها المختلفة .
رابعا : الفنون والآداب التي يجب ان توظف لنشر الوعي بين الناس , وخاصة الوعي بشدة معاناة المرأة الناتجة عن القهر الاجتماعي كامتداد للقهر الطبقي المسلط عليها . ومعلوم ما لانحياز الفنون والآداب من دور في بث وعي معين بين الناس بصفة عامة وبين النساء بصفة خاصة .
خامسا : المناسبات الاجتماعية المختلفة التي يجب ان تستغل لتغيير العادات والتقاليد والأعراف المكرسة لدونية المرأة بعادات وتقاليد و أعراف جديدة تحضر فيها قيم احترام كرامة الإنسان بصفة عامة , وكرامة المرأة بصفة خاصة .
وبذلك يمكن الانطلاق من الوضوح من اجل ان يكون الناس مشبعين بذلك الوعي , وان تكون المرأة الحاملة له أول من يقاوم كل أشكال التضليل المؤدية الى النيل من كرامة المرأة .
5) تمتيع المرأة - الى جانب الرجل - بالحريات العامة والفردية, ذلك ان أي مجتمع اذا لم يتمتع أفراده بحرياتهم كاملة غير منقوصة , فان إبداعهم سيكون ناقصا على جميع المستويات , فالحريات السياسية النقابية والجمعوية التي هي العمود الفقري للحريات العامة ستكون ضرورية لجميع أفراد المجتمع, لأنها ستمكنهم من اختيار مصير بلادهم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي , حتىلا يبقى في يد قلة من البشر يوظفون البلاد والبشر ومستقل البلاد لحماية مصالحهم الطبقية , كما ستمكنهم من حق إنشاء التنظيمات المناسبة لهم سواء كانت حزبية او نقابية او جمعوية وحق الانتماء إليها , و النضال وفق برنامج حزبي او نقابي او جمعوي محدد, من أجل تحقيق أهداف محددة لها علاقة بالاقتصاد و الاجتماع والتقافة والسياسة .
والمرأة في المجتمع كالرجل , يجب ان تتمتع بنفس الحريات حتى يستفيد المجتمع من إبداعاتها المختلفة , فتمتع المرأة بالحريات العامة يمكنها من :
أ- المساهمة في الحياة العامة من خلال إتاحة الفرصة للمرأة من اجل التواجد في القطاعات المختلفة , وتسيير الشؤون العامة , والمساهمة في المحطات الانتخابية ترشيحا وتصويتا وتحمل مسؤولية الحكومة المحلية و الوطنية , وممارسة مهن التجارة والصناعة والزراعة والتوثيق والمحاماة والطب و الصيدلة و أشياء اخرى تحضر فيها شخصية المرأة بكثافة حتى تبرز مساهمتها في رفع مستوى الوطن القومي .
ب- المساهمة في الحركة السياسية / الحزبية , عن طريق حضورها المكثف في إنشاء الأحزاب وتنظيمها ووضع برامجها والمساهمة في تنفيذ تلك البرامج , وتحمل مسؤولياتها المحلية والوطنية , والحرص على ان تستحضر الأحزاب دور المرأة السياسي , وإمكانية مساهمتها في صياغة اختيارات اقتصادية واجتماعية وثقافية شعبية وديموقراطية لجعل الشعوب تطمئن على مستقبلها الذي هو في نفس الوقت مستقبل حرية المرأة .
ج - المساهمة في الحياة النقابية من خلال الحضور الفعال في بناء الحركة النقابية محليا ووطنيا والعمل على ترسيخها في الواقع ووضع برامجها النضالية , وخوض النضالات المختلفة من اجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية , والدفاع عن المطالب المادية والمعنوية للمراة العاملة والموظفة وربة البيت التي يجب الدفع في اتجاه اعتبارها عاملة بقوة الواقع , والعمل على إيجاد تنظيم نقابي خاص بها حتى تنخرط بدورها في النضالات المطلبية لا ضد الأزواج باعتبارهم ضحايا الاختيارات القائمة , بل ضد الاختيارات نفسها التي لا تولي اية أهمية لربة البيت التي تقدم خدمات كبيرة للمجتمع لا تقوى المرأة العاملة على تقديمها فما لنا بالرجل .
د - المساهمة في الحركة الثقافية عن طريق إتاحة الفرصة لنشر الإبداعات المختلفة التي تنتجها المرأة سواء تعلق الأمر بالقصة او بالرواية او بالمسرح او بالموسيقى ,والدعاية لها ودعمها, وخاصة تلك التي تشرح واقع المرأة على جميع المستويات وتسعى الى بسط مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية وتطرح أفاق تحريرها من مختلف القيود التي يفرضها المجتمع عليها . بالإضافة الى مساهمة المرأة , في مختلف الجمعيات الساعية الى نشر الثقافة الجادة , ومحاربة الثقافة المائعة ,و العمل على تقويم المسلكيات الفردية والجماعية . وتغيير الرؤى والتصورات حول مختلف القضايا خاصة قضية المرأة .
ه-المساهمة في إيجاد حركة حقوقية رائدة ابتداء بالعمل على تأسيس الجمعيات الحقوقية العامة والخاصة من خلال النضال الحقوقي العام ، ومن اجل ترسيخ مفهوم حقوق الإنسان في الواقع، والعمل على التمتع بمختلف الحقوق ، وفرض الحقوق الخاصة بالمرأة والطفل من أجل إنسان بكافة الحقوق .
و- المساهمة في تكريس استقلالية المرأة عن الرجل , وخاصة على المستوى الاقتصادي عن طريق التحرر من تبعيتها له , وبخروجها للعمل في مختلف القطاعات , وممارستها لمختلف المهن الحرة التي تختارها . وسعيها الى فرض اعتبار عمل المرأة في البيت عملا مؤدى عنه ان لم يؤد الى اعتبار المرأة مشاركة للرجل في الممتلكات التي تكونت إلا برضاها وبرغبة منها ومساواتها للرجل في كل شيء لتكريس استحضار هيمنتها وتجريم كل الممارسات التي تؤدي الى احتقار المرأة .
وبذلك يكون تمتيع المرأة بالحريات الفردية والجماعية والسياسية والنقابية والجمعوية مناسبة لتمكينها من الإبداع في مختلف مقومات حضارة الوطن الذي تنتمي إليه. ومساهمتها الفعالة والرائدة لا تتأتى إلا بالتنظيم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.