نشر صباح الإتنين 26 أكتوبر2015 مقالا في موقع العمق المغربي بعنوان المراجعة النقدية، ضرورة نهضوية، وإثراء للنقاش والتفاعل مع صاحب المقال ارتأيت أن أكتب هذا الذي أسميه قول في مقال المراجعة النقدية ضرورة نهضوية، بغيت قدح زناد المعرفة والتوسيع من أفق النظر فيها وإسهاما في النقاش حول العديد من الإشارات التي تتبدى لي أنها إما تستحق توضيحا أكثر أو إعادة تعليلها من جديد أو.. في المقال وتحديد في الفقرة الرابعة يقول الكاتب " مشروع تحرير إرادة الشعوب والعمل على إعادة بناء الدولة المدنية الحديثة الديمقراطية الموصولة بالمشروعية الشعبية الراسخة، دولة المجتمع والمواطنين الأحرار، تقتضي امتلاك القدرة على تحقيق الالتفاف الجماهيري الشامل حول هذا المشروع أي تحقيق الانخراط الكلي للمجتمع ومختلف قواه الحية في ديناميات البناء والتأسيس لذلك المشروع، و تحقيق اقصى درجات المشاركة المجتمعية والتعاون الإيجابي بين مختلف مكونات المجتمع وغالبية القوى السياسية الحية والفاعلة، لأن مشروع تحرير الإرادة الشعبية وإعادة بناء الدولة القادرة الفعالة والمجتمع المبادر والناهض ليس مشروعا خاصا لفئة دون فئة أو طائفة دون أخرى، وليس مسؤولية قوة سياسية دون أخرى. فهو يمثل مشروع الأمة الجامع، الذي يعود بالمكتسبات الحقيقية العميقة و الكبيرة على جميع مكونات الدولة بلا استثناء أو اعتبار استبعادي." وتعليقا أقول انطلاقا مما يعرفه المسلمون بالمعنى الجغرافي من فوضى فكرية، والتي هي راجعة بالأساس إلى الجهاز المفاهيمي والذي هو بطبعه يحدد هوية أي فكر ما، إما أن يكون باعثا على البناء الشامل والمتين وإما أن يكون راكنا في ما بناه الأولون أو سفينة لحمل الجاهز. لذا كان من الواجب الاهتمام أولا بهذا الموضوع تم العمل الجاد على ترسيخ ضوبطه باعتباره الموجه العام لحركة الإنسان ونتاجا لها. وبدءا مما نراه مستحقا للنقاش تبعا للأولويات في نظرنا القاصر واستشعارا منا بضرورة التأكيد على أن الدولة المدنية التي يتحدث عن إعادة بنائها صاحب المقال وكأنها كانت قائمة بالفعل في تاريخنا، والحال أن بعض كتابات الإسلاميين لازالت تشق طريقها نحو التنظير والتأصيل النظريين لها ونخص بالذكر أطروحة د.سعد الدين العثماني حول "الدولة المدنية في ظلال مقاصد الشريعة الإسلامية" التي ضمنتها مؤسسة مؤمنون بلا حدود ضمن أنشطتها لهده السنة. إن الدعوة إلى بناء الدولة المدنية، الحديثة، الديمقراطية.. التي يريد الكاتب أن يدعونا إليها فإن منطق التاريخ بين أن الأنسب هو الدولة الحديثة فلماذا يتحاشى صاحب المقال تسمية الأمور بمسمياتها، والذهاب رأسا إلى المطالبة بالدولة الحديثة في وقت يتحدث فيه الغرب عن التكتلات الكبرى والعملة الموحدة والقوة الموحدة. يظهر جليا أن هاجس اللحاق بركب التقدم والمضي في اتجاه تكييف منطلقات الإسلاميين مع واقع الحداثة أمر يشغل بال الكثيرينن لكن تحت مسمى الدولة المدنية، وفي الوقت الذي حاول هؤلاء البحث عن ضوابط هذه التجربة الفتية انبرى عدد من المفكرين لتحديد معالم الدولة الحديثة والتنظير لما بعد الحداثة فلماذا هذا التأخر إذا؟ أعتقد أن مع حالات التموقع هذه سينتقل الصراع إلى سجال من نوع آخر بين الإسلاميين أنفسهم مابين دعاة تحديث الإسلام وأنصار أسلمة الحداثة وبالتالي إعادة فتح نقاش التموقع من جديد. اعتراض لا بد منه الفقرة ماقبل الأخيرة من المقال" من يتصدى لحمل تأسيس نموذج جديد مغاير للنماذج العرجاء والمضادة.." تدفعني إلى التساؤل عن طبيعة النماذج العرجاء أليست الدولة الإسلامية أو دولة الإسلام التي فطن إليها عدد من الإسلاميين، وينادي على أنها ليست حلا وينادي في الآن نفسه بالدولة المدنية. مع كل هذا أمكننا القول والدعوة الصريحة إلى مسايرة ركب مسار عظماء التنظير والتأصيل العميق لبناء الدولة وأعني في هذا الصدد د.عبد الله العروي الذي اعتقد شخصيا لا يستقيم فهم رهانات بناء الدولة إلا بالعودة إليه . لنعد -لكي نختم- إلى د.خالد الرحموني النبيل، إن هذه المحاولة المتواضعة مني ليس الهدف منها التنقيص من جهدكم –كما سيفهم البعض- بل من أجل نقاش هادئ قوامه تبادل المعارف وتقبل الاختلاف . كل المودة أستاذي