هي نماذج سيئة للشهرة المزيفة،التي صنعت لنا مشاهير من ورق على صفحات العالم الافتراضي، على شاكلة:نيبا…أدوما …سينا …ساري كول، وهم أقرب إلى مسكنات وحبوب مهلوسة لدرء الشباب عن التفكير في قضاياه الكبرى ،من بطالة ،صحة وتعليم…. ونستقي المثال الحي الذي خلق " البوز " مؤخرا على منصات "السوشيال ميديا " ونقصد هنا "كوبل إكشوانإكنوان"، تلك المتلازمة التي ظهرت معالمها مع إطلالة شاب ثلاتيني على أحد المواقع الإلكترونية وهو يعلق على انتشار انفلونزا الخنازير H1N1 بالمغرب ،ليبعثر لغة" فيكتور هيكو" رأسا على عقب ،حيث وجد طريقه إلى جوالات المغاربة على سبيل الدعابة والتنكيث ،بعد أن ضاقت صدورهم ذرعا "بأكشوانات" من السياسيين، وسجالاتهم العقيمة لعقود من الزمن ، فخاصم الناس السياسة وانصرفوا إلى البسط والتسلية عبر وسائل ومجموعات تواصلية ، بعدما أصيبوا بالتخمة من زخم المآسي الاجتماعية التي بلغت مداها الأقصى عصر الفايسبوك …والتي عرت الكثير عن واقع عنوانه العريض الهشاشة الاجتماعية، والفقر الثقافي ،اللذان أنعشهما تناقل وتقاسم فيديوهات وقصص البؤس والظلم والحكرة بسرعة البرق على امتداد رقعة الوطن…وسط مشهد سياسي بئيس، بعدما صار الكثير من العامة يصورون السياسيين على شاكلة كهنة آمون …يغطون في الريع …يستأثرون بالامتيازات …يسمنون أرصدتهم البنكية …ينهمون ولا يشبعون …يمررون الصفقات لذويهم ومقربيهم من المحظوظات والمحظوظين … وصارت السياسة لديهم وسيلة للكسب والارتزاق، ومطية لتسلق سلاليم الهرم الاجتماعي على حساب خدمة طبقات اجتماعية عريضة، تعيش في هوامش المغرب العميق…يترصدون الامتيازات، ويحفلون بالعلاوات…في مغرب "الهمزة ". اليوم الصحافة الصفراء بالمغرب ومعها مواقع التواصل والتفاعل الاجتماعي تسوق لمشاهير صنعتهم من عدم ، وصاروا أشباها لأبطال برامج الواقع ،توثق حياتهم بالصوت والصورة، فارتفعت بهم tendance الصفحات الإلكترونية على اليوتوب، يحصدون ملايين المشاهدات، بدافع الفضول لدينا لاكتشاف كل شيء عنوانه الغرابة والشذوذ . بين عشية وضحاها، صار أولئك مشاهير يعيشون كابوس الشهرة ويتفوهون بالغث والرخيص …إلى حد أن تهافتت عليهم كاميرات الشارع …وبلغ الغرور أوجه لديهم ،حتى طلب آخرهم ،صاحب قولة " إكشوانإكنوان " الشهيرة ،مبلغ 5 آلاف درهم كأجر للساعة الواحدة، مقابل أي لقاء صحفي على الإذاعات الخاصة، أي مايعادل 500دولار للساعة، بمعدل 10 دولارات للدقيقة …تحت ذريعة أن كل ما يتلفظ به bio " " ، والصحافة التي صنعته البارحة لم تعد تجد إليه اليوم سبيلا، بعد أن سلم هاتفه لمناجر manager شخصي …وتهافتت عليه العروض من كل حدب وصوب، من ضمنها إنتاج مسلسل رمضاني ، لاشك سيزكي حموضة برامج قنواتنا الرسمية رمضان المقبل …وانهالت عليه العروض، ووصلت الدعوة الى إحدى البرامج التلفزية بإحدى القنوات العمومية التي يؤدي المغاربة فاتورة اشتراكها من أموال ضرائبهم عنوة…بمقدم يتفنن في السخرية والمسخرة، ويزكي الرداءة والبداءة أينما حلت وارتحلت ،هكذا صنعت الصحافة الصفراء لنا أبطالا من نوع خاص لا ثقافة ولا تكوين لهم …اللهم مساهتمهم في تزكية العبث والرتابة ، والرقص على أنغامهما، ثم الاحتفاء بعظماء ونبغاء متفردين، يعيشون مواسم "الفنتازيا" ، ويصدق فيهم القول الشعبي المأثور …"الخيل مربوطة وال….. كتبورد "…بعدما أهدينا لهم جيلا من القاصرات والقاصرين على طبق من ذهب، يتغذى من وسائل اتصال حديثة، تتبع أخبار مشاهير صنعت من ورق تتخذ منهم القدوة والأنموذج، ليشكلوا لنا. إكشوانات المستقبل ،وقد نباهي بهن وبهم القوى الصناعية الكبرى، ونحارب بهم الأمية الثقافية والرقمية ، …في حين أمعنا في إقبار النماذج الحقيقية للنجاح التي تستلزم التسويق الإعلامي والاحتفاء المجتمعي …هكذا صار لدينا العبث سلعة رائجة في مجتمع افتقدنا فيه البوصلة ونهارت معه منظومة القيم لنصل إلى القاع … * كاتب وصحفي مغربي 1. وسوم