قال الزعيم اليساري محمد بنسعيد ايت يدر، إن النخب السياسية المغربية ضيعت الكثير من الفرص التي كانت ستساهم في النهوض بالوطن، موضحا أن تلك النخب السياسية تتحمل مسؤولية كبير في إخفاق حلم تحقيق الاستقلال الكامل لفائدة البلاد وتحقيق الإصلاحات التي نادت بها الحركة الوطنية إبان الاستعمار وما بعده. وأضاف أنه كان بالإمكان الحكم مع الملك، وطرح مشروع للاستمرار في التعاون الذي كان مع الملك محمد الخامس في سبيل بناء الاستقلال مع خليفته الملك الحسن الثاني، كما اقترحه ايت يدر آنذاك، لكنه قال إنه تفاجأ بقبول البعض عملية إجهاض الكتلة التاريخية آنذاك، حسب قوله انخراط النخب في السياسة ايت يدر، خلال حفل تقديم الجزء الأول من مذكراته المعنونة ب”هكذا تكلم محمد بنسعيد”، نظمه مركز محمد بنسعيد ايت يدر للأبحاث والدراسات، اليوم الجمعة بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، اقترح خمسة مقترحات للنهوض بالمغرب وبالفضاء المغاربي، معتبرا إياها بمثابة متمنيات من أجل مغرب متقدم ديمقراطيا وتنمويا. وطالب القيادي في جيش التحرير سابقا، النخب بالانخراط في الحياة السياسية، قائلا: “المتمنى الأول هو نهوض النخبة المغربية خصوصا الشابة منها وانخراطها في الفعل المدني، واقتحامها للحقل السياسي بحيوية ومسؤولية، وعدم عزوفها عن المشاركة في المؤسسات قصد تفعيلها وعصرنتها لفرض شفافية أكثر، وتداول سريع لتمثيلية المواطنين والمواطنات”. مشروع مجتمعي وبناء الثقة ودعا ايت يدر إلى بلورة مشروع مجتمعي مشترك وإعادة بناء الثقة في المؤسسات، قائلا “المتمنى الثاني هو حصول قناعة جماعية بضرورة تجنيب الوطن المغرب الانزلاق إلى حالة انفلات قصوى تهدد في نفس الآن المجتمع والدولة على حد سواء”. وزاد “ولا سبيل لتجنب ذلك إلا بانفراج وتظافر جهود الجميع لبلورة مشروع مجتمعي حداثي ودولة حق قانون وطمأنية، إن المجتمعات التي تضمن لنفسها إستقرارا وانخراطا إيجابيا في عصرنا هي التي تبلور بشكل جماعي قاعدة مشتركة واسعة، فبالرغم من الخطر الذي يتهددنا”. وشدد على أنه “بإمكاننا التوافق على هذا المشروع المشترك الكفيل وحده بإعادة بناء الثقة بين المجتمع والدولة، واتمنى أن ينهض المغاربة من جديد لبناء المستقبل المتوخى وهنا لابد من التذكير على وحدة اليسار واسترجاعه للمبادرة”، وفق تعبيره. الصحراء قنطرة وصل وأوصى بن سعيد بوضع حد للصراع المغربي الجزائري، قائلا: “المتمنى الثالث هو أن يتوقف مسلسل التوتر القائم بين المغرب والجزائر، فاستمراره يهدد سلام واستقرار ورخاء الشعوب المغاربية، والنتيجة الملموسة الوحيدة للتصعيد بين البلدين الشقيقين هي الأضرار المتبادلة للدولتين، وزرع العداوة بين الشعبين، وهذه بطبيعة الحال تمس المصالح الاستراتيجية للشعبين وللدولتين”. وأضاف: “أحلم بصلح الشرفاء بين المغرب والجزائر، فبدونه لا استقرار ولا نمو في أي من البلدين، ولا مغرب كبير في الأفق، ولا فعل إيجابي في إفريقيا ما وراء الصحراء، ولا شراكة لديه مع أمريكا وأوروبا، فمستقبل الجزائر هو المغرب ومستقبل المغرب هو الجزائر، أحلم بقاطرة مغربية جزائرية تبني الفضاء المغاربي وتجوب شعاب إفريقيا ما وراء الصحراء وتلتحم مع أوروبا”. وقال أضا: “أحلم أن تصبح الصحراء قنطرة وصل وليس قنطرة فصل، فالنزاع الذي ينخر المنطقة المغاربية ويبيع إمكانياتها المادية والبشرية، نزاع طال أكثر من ما تستلزمه معالجة المشاكل التي كانت بيننا، واليوم بعد كل الفرص الضائعة في حله ثنائيا أو عربيا أو إفريقيا أو حتى دوليا لابد من الرجوع إلى الأصل”. واعتبر المتحدث أن ذلك “ضرورة استراتيجية لبناء الفضاء المغاربي، فأنا أحلم بقوافل شبابية مغاربية تجوب بلداننا عبر حدودها المفتوحة، وتبني المستقبل المشترك، والإبداع المشترك، والمخيال الجماعي المشترك، وتعيد صياغة ثقافتنا وحضارتنا كجزء فاعل في الحضارة الإنسانية”. الاهتمام بالعلم ومحاربة الخرافة وشدد المقاوم على ضرورة الاهتمام بالعلم ومحاربة الخرافة، قائلا: “المتمنى الخامس هو أن يسمو العلم بأوطاننا المغاربية على الخرافة، وأن يحظى العلماء في مجتمعاتنا بكل التقدير والاحترام الذي يستحقونه، فبدورهم تستقيم العلاقات الاجتماعية، وتستنير القوى الفاعلة داخل الدولة والمجتمع، فهم الضمير النقدي للوطن، وبدون دورهم المستقل لا ينتج المجتمع أي شيء خالد، أحلم إذن بمجتمع يكرم علماءه ويوسع فضاء العقل عوض تضخيم فضاء التقليد “. وحضر اللقاء شخصيات رسمية وسياسية ومدنية وجمعوية، من بينها رئيس المجلس الأعلى للحسابات إدريس جطو، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمينة بوعياش، والمؤرخ حسن أوريد، ووزير التشغيل والشؤون الاجتماعية السابق عبد السلام الصديقي، والأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، والأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، وقيادات جماعة العدل والإحسان فتح الله أرسلان، حسن بناجح، عمر إحرشان. كما حضر اللقاء كذلك القياديان في حزب الاتحاد الاشتراكي محمد اليازغي وإدريس الراضي، علاوة على المحامي والقيادي السابق لحزب الطليعة عبد الرحمان بنعمرو، ورئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أحمد الهايج، والمحلل الاقتصادي نجيب أقصبي، والقيادي في حزب الأصالة والمعاصرة الشيخ محمد بيد الله، والكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي مصطفى البراهمة، والمؤرخ والحقوقي المعطي منجب، والأمين العام لحزب البديل الحضاري مصطفى المعتصم.