تقع شلالات «عين أسردون» في المنطقة السهلية التي تتمدد فيها مدينة بني ملال، حيث تنساب المياه نزولا على شكل شلالات وتشكل منظرا بديعا، خصوصا أن الخضرة تحيط بالمكان، ومع تدفق مياه الشلالات يصبح الطقس منعشا في الصيف، ومعتدلا في الشتاء. ولعل من مفارقات المنطقة أن المياه تنبع من الجبال التي يقطنها في الغالب أمازيغ (بربر) وتستفيد منه قبائل عربية أو مستعربة لأنهم يسكنون السهول الفلاحية الصالحة للزراعة. ويبلغ متوسط صبيبها ما بين 1500 الى 2000 لتر في الثانية، وقد يتجاوز ذلك في بعض الأحيان كما وقع سنة 1954 وقد ينخفض الى ما دون ذلك. وتعود أشغال تهيئة مجاري عين أسردون إلى عهد الحماية، حيث شرعت السلطات الفرنسية المحلية ببني ملال في 1936م، في بناء مجاري عين أسردون بالشكل الذي عليه الآن. تتركب “عين أسردون”من كلمتين، الأولى عربية والثانية أمازيغية.وتعني أسردون بالأمازيغية «البغل»، وبالتالي يعني الاسم «عين البغل»، فكيف ارتبط البغل بهذا المنبعالساحر والشلالات البديعة؟ حسب حكاية رامو حسن في كتابه المصطلحات الأمازيغية يرجع أصل التسمية إلى أن أحد الرعاة الذي اكتشف منبع العين، وبعد حدوث خلاف مع إحدى القبائل بشأن الرعي في المنطقة، لجأ إلى وضع كمية هامة من الصوف بالمنبع الأصلي، الأمر الذي أدى إلى احتباس المياه، وقد تضرر السكان من جراء هذا التوقف فلجأ ذلك الراعي إلى مقايضتهم، حيث اشترط منحه بغلا ( أسردون باللغة الأمازيغية) محملا بالذهب والفضة، أو بالنقود النحاسية حسب رواية أخرى، وذلك من أجل أن يدلهم على منبع الماء. وقد استجاب سكان المنطقة بالفعل لشروطه، ومنذ ذلك الحين أصبحت العين مشهورة بعين أسردون وحسب الراوي السعدي محمد 79 سنة ( رواية شفوية ) أن هناك رواية أخرى لتسمية عين أسردون بهذا الاسم و هو الراجح حسب قوله بحيث سبق له أن حكاه للأستاذ مصطفى عربوش ومفاده أن امرأة أمازيغية كانت تسقي الماء من فتحة بمجرى مائي باطني يجري بالجبال تحت سطح الأرض فانفلتت من يدها الآنية التي كانت تستخدمها في جلب الماء من تلك الفتحة فساقها التيار تحت الأرض إلى أن وصلت إلى إحدى البساتين بالسهل وكان يقال في مثل ملالي أن ما تسوقه الساقية فهو في صالح صاحب الفدان وهو مثل معروف. وقد كان صاحب الفدان صديقا حميما لزوج تلك المرأة وعند إحدى زيارات هذا الزوج لصديقه صاحب الفدان طلب منه جرعة ماء فقدمها له في ذلك الإناء فعرف الزوج أن الإناء يعود إليه وعند رجوعه إلى المنزل عشاء طلب من زوجته توضيحات عن وصول الإناء إلى منزل صديقه فأخبرته بالقصة كاملة فتيقن أن ذلك الماء الذي لم يكن يعرف في السابق مكان مجراه الأخير أنه يروي بساتين بني ملال فحاصر مياه المجرى المائي بالحجر ليديع بين الجبال وقصد سكان بني ملال العرب يبتزهم وطلب منهم مقابل إعادة العين إلى مجراها الطبيعي ملء حمولة بغل بأشياء طلبها فلبوا طلبه فأعاد إليهم مياه العين وفعل ذلك مرة أخرى فعاهدوه إن أعاد فتحها ثانية لبوا طلبه ففعل وقصدهم لتلقي ما واعدوه به فقتلوه. وما يؤكد صحة القصة السابقة هو تعكر المياه أيام فصل الشتاء عندما تنزل الأمطار بغزارة فوق الجبال، إذ يتحول بفارق كبير من صفائه الرائع أيام الصيف إلى ماء مصبوغ بالأحمر به جزيئات رملية صغيرة، مما يؤكد أن ماءها لا يأتي من جيب مائي محفوظ في أعماق الأطلس. * طالب باحث بسلك الدكتوراه