أضحت مدينة الداخلة قبلة تجارية يستهويها أفارقة دول جنوب الصحراء لممارسة الأنشطة التجارية الحرة، إذ يتخذون من هذه المدينة مصدر رزق يضمن لهم عيشهم، وذلك عبر عرضهم لبعض المنتجات التجميلية إلى جانب الأكسسوارات والعطور وأحيانا الأقمشة، في ظل تباين حالات الاندماج والعنصرية. وحسب ما عاينته جريدة “العمق”، فإن ضعف الإمكانيات المالية دفعت البعض من مواطني البلدان الإفريقية، إلى عرض منتوجاتهم المحلية فوق الرصيف، أو بجنبات الطرق، وإصرارهم على الإنخراط بمختلف الأنشطة التجارية، على رأسها بيع الهواتف النقالة واللوحات الفنية. بعض ” الفراشة ” قرروا عرض سلعته أمام محلات تجارية تشرف على تسييرها ساكنة المدينة المذكورة، حيث أوضح أحد الباعة الصحراويين في تصريح لجريدة “العمق”، أن هؤلاء المهاجرون لا يشكلون أي مصدر إزعاج لأصحاب المحلات التجارية، معربا عن التفاهم والإحترام المتبادل بين الطرفين. وأضاف المتحدث ذاته، أن التجار الأفارقة يسعون بشكل دائم إلى مزاولة هذه المهنة بشكل منظم، وأنهم يحاولون تأمين قوت يومهم وكسب بعض الزبناء، بعيدا عن أي خلافات أو مشادات مع التجار المغاربة. أوليفي، هو شاب سينغالي يبلغ من العمر 33 سنة، مقيم في المغرب منذ 4 سنوات، يقول: “فضلت الإستقرار بالمغرب بدل الهجرة نحو أوروبا، لم يكن الأمر سهلا في البداية، غير أنني حاولت التأقلم كما أنني صادفت مجموعة من الأصدقاء من بلدان إفريقية أخرى”. وتابع أوليفي لجريدة “العمق”: “أكسب قوت يومي عبر بيع بعض المستحضرات التجميلية إلى جانب بعض المنتوجات الغذائية المحلية، لم أتمكن إلى حدود الآن من استئجار محل تجاري، غير أنني أسعى إلى كسب ثقة أكبر عدد من الزبناء، وسأتمكن يوما ما من الحصول على محل خاص بي”. من جهتها كشفت “أوا” و هي مهاجرة كاميرونية، عن العلاقة القوية التي تجمعها بنساء المدينة، قائلة: “مرت حوالي 6 سنوات، على استقراري بهذه المدينة الجميلة، حاولت خلالها تأسيس فضاء تجاري خاص بي يهم المرأة بالدرجة الأولى، كنت أعرض جميع المستحضرات التجميلية من قبيل زيت الكاكاو والكريمات والصابون الطبيعي”. وتابعت المتحدثة ذاتها بالقول لجريدة “العمق”: “استطعت من خلال هذه المهنة، كسب محبة زبوناتي اللواتي أصبحن يطالبنني باقتناء المزيد من المنتوجات الإفريقية المحلية، نظرا لجودتها ولنتائجها الفعالة”. من جهة أخرى، اعتبر فاعل جمعوي بمدينة الداخلة في تصريح لجريدة “العمق”، أن قطاع التجارة الإفريقية، تلزمه مواكبة خاصة تضمن للمهاجرين الأفارقة مزاولة هذه المهنة بشكل منظم وسليم. وأضاف المتحدث، أن الخطوة التي أقدم عليها المغرب بخصوص تسوية وضعية آلاف المهاجرين الأفارقة، ساهمت بشكل كبير في اندماج أفارقة دول جنوب الصحراء بالمجتمع المغربي، وتمكنهم من مزاولة مجموعة من المهن كالحلاقة والتجارة وأوراش الخياطة وغيرها. وكان الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة عبد الكريم بن عتيق، قد كشف أنه تمت تسوية الوضعية الإدارية لما يناهز 50 ألف مهاجر، وأنه أصبح لأطفال المهاجرين الحق في ولوج المدرسة العمومية، إذ استفاد من منظومة التعليم العمومي بالمغرب حوالي 7000 طفل أجنبي. وأضاف المتحدث في افتتاح النسخة 11 من المنتدى العالمي للتنمية والهجرة، أن السياسية الوطنية الجديدة مكنت المهاجرين الأفارقة من الإستفادة من التطبيب والسكن الإجتماعي المدعم، إلى جانب ولوج التكوين المهني، من أجل الأندماج المباشر بسوق الشغل، وفق تعبيره.