نعيد إلى الواجهة حادثة قطار بوقنادل، نظرا لارتباطها بأحداث متناسلة بعدها، لنطرح حولها أسئلة للرأي العام، قد تعيد تشكيل رؤية أخرى، مخالفة للخرجات المتفق حولها، والتي تمت برمجتها في لاوعي الجمهور، عبر التلفيزيون والإعلام الموجه. تشكل حادثة قطار بوقنادل، إحدى الضجات التي عرفتها سنة 2018، فهي لحظة من سيناريو لا ينتهي، بل إنه يولد في كل يوم حادثة/ضجة/ عقدة سردية، تصير مغرية للمناولة الجماهيرية، ولجذب الرأي العام بكل أطيافه. هذا التفريخ المستمر يطرح في حد ذاته استفهامات حول مدى براءته، وحول مهندسه/ كاتبه. والذي يجعلنا نعيد التفكير في حادثة بوقنادل هو أنها ترتبط بخيط ناظم مع أحداث شاهدناها مؤخرا، فمنذ لحظة انقلاب القطار، صارت حديث الألسن، في كل المنابر، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي، فبدأ الحديث عن المسؤول، وطفا على السطح وجود تسجيلات، تنبه للخطر المحدق الموجود في السكة سرعان ما أجهضت من الوجود، أما أصابع الاستهجان فقد وجهت إلى المكتب الوطني للسكك الحديدية، الذي اختزل في شخص مديره العام محمد القلع. هذا الضجيج انتهى بتجريم السائق، وتلفيقه تهم القتل العمد، المؤدية لأكثر من عقد من السجن. . غير أن الغضب على مكتب السكك الحديدية بعد ذلك لم ينته، فقد شنت حملة إليكترونية حول تأخر قطاراته، بل تم الحديث عن مقاطعة سفراته، ونظمت وقفات احتجاجية في مجمل المحطات. وبعد أسابيع من الحادثة، ومن ضجة تأخر قطارات القلع ورداءة خدماته، سيتم إعطاء الانطلاقة الرسمية ‘‘للبراق‘‘، وذلك بحضور وفد رسمي مهيب، “وأسرى بهم من طنجة إلى الرباط”، وروج لذلك إعلاميا، فصدحت به مختلف المنابر، واستهدفته الأفهام الاقتصادية والتفسيرات السياسية، بل التأويلات الميثولوجية التي ركزت على البعد الأسطوري لاسم ” البراق”، وحاولت استجلاء حمولته الثقافية، فصار ” البراق” بموجب كل ذلك حديث القاصي والداني، إننا إزاء سرد فلمي في فضاء النقل، بدايته الحادثة المشؤومة، ونهايته الإسراء عبر البراق، وذلك عبر عقد سردية، جعلته ينفذ إلى المتلقين على أوسع نطاق. لا ندري هل المسلسل بفعلة فاعل أم أن ذلك محض مصادفة، ولكن وجود هذا الرابط المنطقي بين هذه الأحداث المتسارعة، يستحق وقفة متأنية. فهل الجشع الاقتصادي جعل أحداث ما قبل إطلاق البراق فرشا تسويقيا له، بما في ذلك حادثة قطار ” بوقنادل”؟