إملشيل منطقة جبلية بامتياز بحكم موقعها الجغرافي فهي تقع في قلب جبال الأطلس الكبير وتضم مجموعة من الدواوير، وهي منطقة تعرف بطبيعتها الخلابة ومؤهلاتها السياحية وخاصة بحيرتي إسلي وتسليت. تعرف توافدا سياحيا مهما كل سنة وخاصة الوافدين الأجانب من مختلف مناطق العالم، وهي تتوفر على فنادق ومطاعم وبعض الصناعات التقليدية التي ينبغي الحرس على المحافظة عليها، ويعتبر موسم سيدي حماد ألمغني أهم حدث في المنطقة حيث يساهم بنسبة مهمة في عائدات السياحة في المنطة. بالفعل مقدمة جميلة تشبه إلى حد ما الطريقة التي يقدم بها الإعلام المغربي المنطقة عبر قنواته وجرائده، حيث يعمل على تقديمها في أحسن صورة. رغم هذه الصورة الجميلة التي يقدمها الإعلام لمنطقة إملشيل إلا أنها تخفي وراءها واقع قاسي ومزري لا يعرفه إلا أبناء المنطقة الذين يعيشون الويلات ثم الويلات طيلة فصول السنة، وخاصة فصل الشتاء. ففي هذا الفصل تعرف المنطقة وضعا طبيعيا صعبا نظرا لموقعها الجغرافي المرتفع عن سطح البحر، حيث تعرف تساقطات ثلجية مهمة يبلغ سمكها في بعض الأحيان 2.5 متر، وانخفاظ درجة الحرارة لما دون الصفر. هذا الوضع يحول حياة السكان إلى جحيم حقيقي، حيث تنقطع الطرق وتصبح المنطقة منكوبة ومعزولة عن العالم الخارجي، رغم أنها معزولة دون فصل الشتاء، نظرا لهشاشة الطرق التي تعود في تاريخها إلى المستعر الفرنسي ، وهي منذ ذاك الحين لم تعرف ولو محاولة صيانتها وإعادة ترميمها. وخاصة الرحل في هذه المنطقة الذين يحاصرون في الجبال بدون مأكل ولا مشرب ولا ملبس مع انعدام التدفئة، مما يخلف خسائر في الأرواح البشرية نهيك عن خسائر في أرواح البهائم. من منا لا يتذكر ما عانه سكان المنطقة العام الماضي، من خسائر مادية وبشرية جراء ارتفاع كميات الثلوج وغياب تام للجهات المسؤولة، اللهم قفة مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي توفر بعض المواد الغدائية من قبيل(السكر، الزيت، الشاي،…)، لكن هل هذه القفة كافية لمواجهة ظروف فصل الشتاء؟ طبعا ليست كافية بالمقارنة مع ما يعانيه الإنسان في هذه المنطقة، فهي لاتسمن ولا تغني من جوع، بل هي فقط مجرد الضحك على الذقون. وما يزيد الطين بلة، الأمية والجهل المنتشر بين سكان المنطقة في ظل ضغف التعليم رغم أنه حق دستوري كرسه دستور 2011. يدفع هذا الوضع المزري للتعليم جل شباب المنطقة خاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 14 سنة و22 سنة إلى الإنتقال إلى مدن الشمال طمعا في الوصول إلى الديار الأوربية، بهذا يعرضون أنفسهم للخطر نظرا لصغر سنهم، فهم يصارعون المجرمين والشاحنات الخطرة كل يوم، وقد نتج عن هذا إصابة شاب في مقتبل العمر ينحذر من إملشيل بعاهة مستديمة تمثلت في بتر يده. اما بخصوص الشباب الذين استسلموا للوضع وحطوا الرحال في المنطقة، وفي ظل غياب دور للشباب ومراكز القرب سواء الرياضية أو الثقافية…، لم يجدوا بديلا سوى المخدرات والتدخين. على مستوى بداية فصل الشتاء لهذا الموسم، خيم عليه شبح الموسم الماضي خاصة وأنه بدأ بموت “حميد بعلي” الذي حصره الثلج أكثر من أسبوع وسط الجبال في ظل غياب السلطات، وهذا لأن حميد مواطن المغرب غير النافع وليس سائحا فرنسيا. أما بخصوص فصل الصيف فيصارع الإنسان في هذه المنطقة الطبيعة لضمان قوت عيشه من خلال الحرث والزراعة أملا في الحصاد، لكن سرعان ما يتبخر الحلم بواد يأتي على الأخضر واليابس وتعود الأمور إلى وضع البداية. وهنا أود طرح سؤال رغم أن كل منا يعرف جوابه، هل سبق لك أن شاهدت برنامج أو تقرير إعلامي يوضح الوضع المزري للمنطة؟ أكيد أن الجواب كان وسيكون لا، فكما نعرفه أن الإعلام يتوافد على المنطقة لبث موسم سيدي حماد ألمغني والمهرجان المرافق له، لكن لماذا هذا دون الأول؟…الكل منا يعرف الجواب. نتيجة لهذه الوضعية المزرية بطبيعة الحال، حاولت الساكنة في مجموعة من المناسبات الإنتفاضة ضد الواقع لكنها تسطدم بغياب الوعي بأهمية النظال لانتزاع الحقوق المشروعة لأن الحق ينتزع ولا يعطى، وفي حقيقة الأمر مهة تقع على الطبقة المثقفة وخاصة فئة الطلبة لرفع الوعي والتوعية والتحسيس بأهمية المطالبة بتحسين الأوضاع، لأننا في مغرب 2018. حاولنا في هذه التدوينة تسليط الضوء على جزء من المشاكل التي تعرفها المنطقة طيلة فصول السنة، ومقارنتها بالتي يعطيها الإعلام المغربي على الصعيد الوطني والدولي محاولة منه تزييف الواقع وتغيير الحقيقة. وبناء على هذا نؤكد على أنه رغم التزييف والتزوير، ستظهر الحقيقة يوما ما بفعل وجود جيل من المناظلين يحملون أفكار التحرر و النظال من أجل تغيير وضعية المنطقة إلى ماهو أحسن. ثم أن كل ماتعرفه المنطقة من تدهور الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية.. نتيجة لسياسة اللامبالات التي تنهجها الجهات المسؤولة،والتي نحملها المسؤولية الكاملة على كل ما عانه وسيعانيه سكان المنطقة.