قال رئيس مجلس المستشارين، حكيم بن شماش، الأربعاء بالرباط، إن المغرب بحاجة ملحة لبناء نظام وطني موحد ومتكامل وناجع بشأن الوساطة في أبعادها المؤسساتية والسياسية والاجتماعية والمدنية والاقتصادية والثقافية وحتى الهوياتية. وأوضح بن شماش، خلال يوم دراسي نظمه المجلس حول موضوع “الديمقراطية وأسئلة الوساطة”، أن المسار الديمقراطي في المغرب يسعى إلى تجديد آلياته وتطوير أدوات اشتغاله، وذلك حتى يتمكن من مواكبة تحولات المجتمع ودينامياته وتقديم أجوبة ناجعة عما ينشأ عنها من متطلبات وتحديات. وبعد أن أبرز أن وضعية مؤسسات الوساطة الاجتماعية ارتقت، مع دستور يوليوز 2011، لمستوى الوساطة المؤسساتية المؤطرة بمقتضى الدستور والقوانين المحدثة لها، أشار إلى أن الدستور خصص بابه الثاني عشر ل “الحكامة الجيدة” وحدد المؤسسات التي يمكن أن تنهض بها، مبرزا أن الهيئات الأخرى تتقاطع صلاحياتها، كل واحدة في مجالها، مع مهمات الوساطة الاجتماعية. واعتبر أن الأمر يتعلق ببنيان مكتمل الهندسة من الناحية المعيارية والمؤسساتية، إذ أصبحت هيئات الوساطة المؤسساتية، وإلى جانب المؤسسات الحزبية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني، تشكل جزء من البناء الحديث للدولة، يوفر لها الدستور بنية قانونية هامة، ويضمن لها استقلالية عملها. وأكد بن شماش أن الخطب الملكية الأخيرة تضمنت عناصر التشخيص النقدي لأزمة النسيج الوطني للوساطة السياسية والاجتماعية والمدنية، ومداخل استشراف عناصر تجاوز هذه الأزمة، مذكرا في هذا الصدد، على الخصوص، بقرار رفع الدعم العمومي الخاص بهيئات الوساطة الحزبية. وبدوره، اعتبر الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، أن الوساطة عنصر مركزي في حل النزاعات وتدبيرها، باعتبارها نوعا من التدبير السلمي الديمقراطي للاختلاف، معتبرا أنها تتجاوز دورها كوسيلة لفض النزاع أو الاختلاف، لتشمل إعمال حق من حقوق الإنسان. وأكد الصبار، أن الفاعل الحزبي، باعتباره ركيزة أساسية للنظام الديمقراطي، مطالب بالقيام بأدواره بفعالية، سواء تعلق الأمر بالتأطير السياسي المستمر والنوعي للمواطنين وتجديد النخب والقيادات وإتاحة الفرص أمام النساء والشباب، والحرص على نشر ثقافة المواطنة والديمقراطية. وأضاف أن الجمعيات تضطلع بدور استراتيجي في التثبيت الديمقراطي والنهوض بالالتزام المدني للمواطنات والمواطنين، كما تشكل فضاء لانخراط المواطن في الحياة العامة وتعزيز المقاربة المرتكزة على حقوق الإنسان، مما يوفر أيضا فرص التدخل من أجل مأسسة مشاركة المجتمع المدني من خلال آليات الديمقراطية التشاركية.