وصلت قضية ارتفاع ظاهرة الانتحار بشفشاون إلى البرلمان، حيث وجهت نائبة برلمانية سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة في الموضوع، مشيرة إلى أن هذا الإقليم يعرف أعلى نسبة في الانتحار على المستوى الوطني، وذلك بعد تقرير نشرته “العمق” تطرق لتفاصيل الظاهرة بالإقليم وأسبابها، وهو ما تفاعل معه عامل الإقليم. وطالبت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية مريمة بوجمعة في سؤالها الذي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، بفتح أبواب مستشفى الأمراض العقلية بشفشاون في وجه ساكنة الإقليم، والرفع من طاقته الاستعابية، مشددة على أن علاج هذه المعضلة يجب أن يكون طبيا ونفسيا قبل أن يكون اجتماعيا. وأوضحت البرلمانية أن هذا المستشفى توقف عن استقبال المرضى النفسيين بسبب بلوغه الحد الأقصى من الحالات، وغياب الأدوية الضرورية للعلاج وتوفره على طبيبة واحدة، وهي الأوضاع التي كشفتها جريدة “العمق” في تقريرها عن الموضوع الأسبوع المنصرم. وأضافت بوجمعة في سؤالها أن هذه الأوضاع تدفع أسرى المرضى إلى التنقل لتطوان أو عدم الولوج إلى العلاج، مما يمكن أن يدفع المرضى النفسيين إلى حافة الانتحار، خاصة مع ارتفاع نسبة استيعاب شرائح كثيرة من المجتمع لثقافة الطب النفسي، والارتفاع المضطرد لحالات الانتحار بهذا الإقليم. اقرأ أيضا: 24 حالة انتحار بشفشاون في 2018.. خبير يرصد أسباب الظاهرة بالإقليم وكانت البرلمانية ذاتها، قد طرحت موضوع الانتحار بإقليمشفشاون بمجلس النواب خلال شهر يونيو الماضي، حيث عقبت على وزير الشباب والرياضة أثناء جلسة أسبوعية، اعتبرت خلالها أن ارتفاع حالات الانتحار بهذا الإقليم يستدعي من السلطات العمومية القيام بدراسة شاملة وبحث معمق للوقوف على الأسباب الحقيقية قصد تطويق الظاهرة التي تدعو إلى الفزع، وفق تعبيرها. وشددت على ضرورة التأطير النفسي والديني لمواكبة شباب المناطق القروية بالإقليم، واستهدافهم بالبرنامج التنموية والترفيهية والرياضية، والتشجيع على العمل المدني والجمعوي خاصة الذي يشتغل على فئة الشباب، لافتة إلى “أغلب ضحايا الانتحار هم من الشباب والأطفال، علما أن شفشاون تسجل أدنى النسب في مؤشرات التنمية البشرية وارتفاع زراعة القنب الهندي”. وكانت جريدة "العمق" قد نشرت يوم الخميس المنصرم، تقريرا تحت عنوان "24 حالة انتحار بشفشاون في 2018.. خبير يرصد أسباب الظاهرة بالإقليم"، تطرقت فيه إلى ظاهرة ارتفاع حالات الانتحار بالمدينة خلال السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى 24 حالة انتحار خلال السنة الجارية 2018 لوحدها، إضافة إلى ومحاولات انتحار أخرى فشلت في آخر لحظة، وهو ما جعل الكثيرين يصفونها ب"عاصمة الانتحار" بالمملكة. اقرأ أيضا: بعد تقرير "العمق" حول الانتحار .. عامل شفشاون يدخل على الخط وفي التقرير المذكور، أرجع الطبيب الرئيسي بمستشفى الأمراض العقلية بمدينة تطوان عبد الحميد بالهاشمي، أسباب ظاهرة الانتحار بشفشاون إلى 3 عوامل رئيسية، من بينهما توقف استقبال المرضى النفسيين بمستشفى الأمراض العقلية بشفشاون، بسبب بلوغه الحد الأقصى من الحالات، وهو ما يدفع أسر المرضى إلى التنقل لتطوان أو البقاء في المنزل. وأوضح الطبيب في تصريحه لجريدة "العمق"، أن جميع حالات الانتحار يكون سببها مشكل نفسي وليس اجتماعي، لافتا إلى أن الوضع النفسي للشخص هو الذي يدفعه لهذا السلوك، فيما الظروف الاجتماعية تزيد في تفاقم المشكل النفسي، لكنها ليست السبب الرئيس في عملية الانتحار. وقال الطبيب النفسي المشرف على المرضى النفسيين بمستشفى تطوان الذي يستقبل الحالات من 4 أقاليم (شفشاون، وزان، المضيقالفنيدق، وتطوان)، إن ارتفاع ظاهرة الانتحار بشكل لافت بإقليمشفشاون خلال السنوات الأخيرة، يرجع لأمراض نفسية ناتجة عن الاكتئاب أو الذُهام (الفصام)، مشددا على أن العلاج يجب أن يكون طبيا ونفسيا وليس اجتماعيا، وذلك عبر الأدوية والمكوث في المستشفى إذا تطلب الأمر ذلك من أجل المراقبة الطبية. وطالب المتحدث بضرورة إعادة فتح مستشفى الأمراض العقلية بشفشاون في وجه الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية، خاصة وأن كثيرا من شرائح المجتمع بدأت تستوعب ثقافة الطب النفسي، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن مستشفى الأمراض العقلية بتطوان يعاني من اكتظاظ كبير، حيث يصل عدد المرضى الذين يخضعون للعلاج بالمستشفى حاليا إلى 130 شخصا، فيما عدد الأسِّرة لا يتجاوز ال70. وفي سياق متصل، كشفت مصادر محلية متطابقة أن عامل إقليمشفشاون محمد علمي ودان، قام بزيارة مفاجئة لمستشفى الأمراض العقلية بالمدينة، أمس الأحد، من أجل معاينة الاختلالات التي أدت إلى توقف استقبال المرضى بالمستشفى، وأمر بفتح أبواب المؤسسة الصحية في وجه المرضى، مبديا غضبه من الأسباب التي عُرضت عليه من طرف مسؤولي الصحة بالإقليم بشأن إغلاق أبواب المركز الصحي المذكور.