عاد موضوع تشغيل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى دائرة النقاش بالمغرب، على خلفية وفاة المكفوف “صابر الحلوي” الذي سقط بشكل عرضي مساء الأحد الماضي، من فوق سطح بناية وزارة التضامن والأسرة والمساواة والتنمية الاجتماعية، حيث يخوض بمعية عدد من المكفوفين المعطلين اعتصاما منذ أسبوعين طلبا للعمل. وفي هذا الإطار، سبق للحكومة أن قررت تخصيص %7 من المناصب المقيدة في ميزانيات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية لفائدة الأشخاص المعاقين الحاملين ل”بطاقة معاق” طبقا لقرار الوزير الأول رقم 3.130.00 الصادر في يوليوز 2000، وهو القرار الذي ظل دون تفعيل منذ صدوره، ولم يحظ بتتبع من الحكومة لإعماله. مرسوم “ثوري” ولكن .. وفي 2016، صادقت الحكومة على المرسوم رقم 3.130.00 المتعلق بتحديد شروط تشغيل “المعاقين” في الوظيفة العمومية، وهو المرسوم الذي اعتبرته بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، آنذاك ب”الثوري وغير المسبوق من شأنه تجاوز الإشكالات الحالية، وتنزيل حقيقي لنسبة 7 في المائة المخصصة للأشخاص في وضعية إعاقة في الوظيفة العمومية عبر إجراءات ذكية وجديدة”. وجاء كلام الحقاوي في مداخلة لها بندوة “الإصلاحات الكبرى بالمغرب”، نظمت في إطار الملتقى الوطني لشبيبة العدالة والتنمية بأكادير الأربعاء 28 يوليوز 2016، وقالت فيها إن المرسوم جاء بإجراءات جديدة أهمها تخصيص مباراة خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، مع إسقاط شرط السن في اجتيازها، وضرورة الإعلان عن مناصب الشغل المخصصة لهم منذ البداية في قانون المالية لكل سنة، إلى جانب خلق آلية جديدة للإشراف على هذه المباريات متمثلة في لجنة خاصة تحت إشراف رئيس الحكومة، غير أن شيئا من ذلك لم يتم. القطاعات لا تريدنا العضو بتنسيقية المعطلين المكفوفين، عبد الله التونسي، قال في تصريح لجريدة “العمق”، إن عددا من القطاعات الحكومية لا تريد تنفيذ “كوطا” توظيف 7 في المائة من ذوي الاحتياجات الخاصة، مضيفا أن هذا المرسوم الذي صدر منذ سنوات لم يتم تفعيله على أرض الواقع، وظل حبرا على ورق. وأوضح التونسي، أن وزارة الحقاوي تحاول تفعيل هذه “الكوطا” بعد التصعيد الذي قام به المعطلين المكفوفين، حيث “اقتحمنا الوزارة وقررنا خوض اعتصام فوق سطحها للمطالبة بحقوقنا كاملة، وبالتوظيف المباشر، لأننا فئة مهمشة جدا، والقطاعات الحكومية لا تريدنا”. وزاد المتحدث، أن الحكومات السابقة كانت تشغل المكفوفين بدوريات وزارية، إلا أن هذه الحكومة أقصتنا بشكل كبير، مشيرا إلى أن “مرسوم توظيف 7 في المائة من ذوي الاحتياجات الخاصة، ليس إلزاميا ويمكن تعديله، ومتوقف على رغبة القائمين على هذه القطاعات في توظيف هذه الفئة من عدمه”. وأردف، أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، قال بالحرف في لقاء ببوزنيقة، “أش غيديرو بيكم القطاعات ونتوما عندكم غير مواد أدبية”، مشددا على أن “هذا الكلام هو الذي جعلنا نصل إلى هذه الحالة”. حسابات سياسية وردا على تعثر تفعيل مرسوم “كوطا” المعاقين في الوظيفة العمومية، أوضحت الوزيرة بسيمة الحقاوي، أنه في السنوات الماضية لم يتم تطبيق هذا القانون، ومنذ سنتين تم إعداد مرسم لإلزام الإدارات بتطبيق هذه النسبة، مضيفة في حوار أجرته معه جريدة أخبار اليوم” أنه “للأسف كان هناك تعثر في تطبيق المرسوم، نظرا للظرفية السياسية التي عشناها خلال السنة والنصف الأخيرة المتعلقة بتشكيل الحكومة”. وزادت وزير الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية، أنه بعد تشكيل الحكومة، تم تفعيل اللجنة الدائمة التي ترأسها رئاسة الحكومة، وتضم وزارات الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، والمالية، وإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، وستنظم قريبا مباريات مشتركة وخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة وحتى التعاقد، نتدارس كيفية استفادتهم منه. تحذير سابق ومن جهته، كشف تقرير مجلس بركة الصادر مؤخرا، أن التدابير المنصوص عليها في القانون الإطار الخاص بمكافحة التمييز في حق الأشخاص ذوي الإعاقة في مجال التشغيل لم يعرف أي تقدم يذكر، رغم أن القانون ينص على تخصيص نسبة مئوية من مناصب الشغل لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة في الوظيفة العمومية، وكذا تحديد نسبة مئوية لهم في القطاع الخاص وفق إطار تعاقدي مع مقاولات هذا القطاع. وأوضح التقرير، أن القانون الإطار الخاص بإدماج المعاقين في سوق الشغل لا ينص على أي آلية للدعم المادي، ولا مساعدة إنسانية أو دعم تقني لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، والذين يمكن أن يكونوا غير قادرين على التكفل بأنفسهم ومواجهة الأعباء المالية المرتبطة بالإعاقة، مع غياب كامل لآليات مؤسساتية للتضامن الاجتماعي مع الأشخاص في وضعية إعاقة. مباراة خاصة نهاية السنة وأكدت وزارة الحقاوي، في بلاغ لها، صدر أمس الإثنين، على مواصلة الجهود لاعتماد المباراة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، تحت إشراف اللجنة الوطنية الدائمة لدى رئاسة الحكومة المكلفة بتتبع سير المباريات الخاصة، كاشفة أنه من المنتظر أن تنظم المباراة الخاصة الأولى نهاية هذه السنة. وأعلنت الوزارة التزامها بتطوير خدمات صندوق دعم التماسك الاجتماعي المتعلقة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، بما ييسر الاستفادة من تمويل الأنشطة المدرة للدخل، الذي يصل إلى 60 ألف درهم، مع توسيع وعاء المستفيدين ومجالات المشاريع المقدمة، وكذا تطوير آليات العمل. كما أشارت إلى العمل على تضمين قانون المالية للسنة المالية 2019 بند لتيسير تنظيم المباراة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة للتحقيق الفعلي لنسبة 7 بالمائة (تنزيلا للمرسوم ذي الصلة)، وفق البلاغ ذاته.