-سؤال الديمقراطية وثنائية المسؤولية والمحاسبة- لعل السؤال الملح اليوم هو متى يمكننا تحقيق الانتقال الديمقراطي؟ قد يجيب أحدهم: لا يمكن أن يحقق الانتقال الديمقراطي إلا بنخب قوية يعمل على تجديدها، وتعاقد سياسي جديد يتأسس على ربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى تعود الثقة في المؤسسات، وفصل السلط حتى تكون الرقابة ناجعة، فالسلطة تحدها السلطة طبعا ما دام كل ذي سلطة مجبول على سوء استغلالها، وذلك ليس بصديق للواقع ما لم تكن الاختصاصات الممنوحة لكل سلطة واضحة من حيث المنطلق والحدود، عطفا على ذلك أن لا انتقال ديمقراطي في مناخ لا ينزح نحو زيادة معدلات الدخل الفردي السنوي بما من شأنه توسيع الطبقة المتوسطة إذ مواطن لا يرى انعكاس السياسات على وضعيته الاجتماعية، بل ويرى خطابا ورديا يوتوبيا لا يجسد واقعه فطبيعي أن تغريه المغريات التي يعمد معارضو الديمقراطية إلى عرضها، ومن البديهي أن يفقد الثقة في المؤسسات سواء الرسمية أو الحزبية والنقابية والجمعوية وإن الاقتصاد والسياسة في تلازم تنموي فلا ديمقراطية في اقتصاد قد يعتمد على التركيز، كما لا ديمقراطية في ظل تمركز القرار السياسي وتعثرات الحوار الاجتماعي وضعف المنهجية التشاركية في اتخاذ القرار وعليه فالمحاسبة ليست مجرد اعفاءات وحسب، بل محاسبة تتسع وتضيق باتساع او ضيق الصلاحيات الممنوحة فعلا لا نصا وكفى فالجزاء السياسي نابع عن أخطاء سياسية إذ يوقعه المواطن بتصويته العقابي أو نوابه بإسقاط الحكومة، ولكن على الجزاء ان يكون جزاء ردعيا حال التورط في فساد "ولا اقصد حالة بعينها" وليس ذلك بحاصل إلا في منظومة تجعل من العدالة أساسا لها كيف يمكننا أن نتحدث عن ربط المسؤولية بالمحاسبة في سياق لا زالت فيه جهات تمارس السلطة فوق المحاسبة والمساءلة؟ بل كيف يمكننا الحديث عن ذلك في منظومة يغلب عليها الطابع التقليداني؟ بخلاصة إننا بحاجة لدستور صريح يقتل الضمني