يعاني الجسم التعليمي المغربي من وعكة صحية لم ينفع معها علاج ،رغم التشخيص و الاصلاحات و الترميمات ،فإن الواقع مازال على حاله ،بتذيل المغرب اسفل المراتب في جودة التعليم "اللّهم بَارِكْ" ،مما يبعث على التساؤل حول ممكن الخلل و الداء الذي ينهش هذا الجسم العليل و لم ينفع معه أي إصلاح قريب أو بعيد المدى. بعد الميثاق الوطني الوطني للتربية الذي رسم الخطوط العريضة والواضحة للمدرسة المغربية منذ عهد الاستقلال ،و الذي نال رضا الفرقاء السياسيين و الاجتماعيين و الفاعلين التربويين و بعده المخطط الاستعجالي بميزانيته الغليظة و التي رصدت لتنزيله من أجل انقاذ ماء الوجه ، لازالت النتائج نفسها و المراتب المتدنية في جودة التعليم نحتلها و المدرسة المغربية كما عهدناها تحتفظ بدورها في تفريخ أفواج من العاطلين و السّاخطين عن "الوَضْعيَّة" بشكل عام ،إنها المهزلة يا سادة. ورغم كل الانتقادات والملاحظات التي سجلت من طرف جهات رسمية عليًّا كالمجلس الأعلى للتعليم و مختلف الهيئات الحكومية وغير الحكومية ،و كلها تتفق على أن الوضع ينذر بكارثة تهدد مستقبل الأجيال القادمة ،ورغم ذلك فالوزارة الوصية على القطاع مصرة على الإصلاح اللائق بها و حسب فهمها له ،و الذي يبقى محصورا في مجرد مذكرات فجائية بين الحين و الاخر، اخرها مذكرة "فرنسة" بعض المواد العلميّة وكَأَنَّ مكمن الداء محصور في لغة التدريس " فِين وَذْنَك أجحا" ،واخرى تسعى جاهدة لتقزيم صلاحيات الأستاذ من جهة و من جهة ثانية فإنها تعتمد على منطق "قْضِي و عْدِّي بلِّي كاين " فالوزارة تبتغي إصلاحًا مجانيا دون ثمن ودون تضحيات مادية ،و قد تعتمد إلى التضحية بالأساتذة بإلزامهم فوق طاقتهم ،فهناك من تلزمه بتدريس ستة مستويات داخل فصل واحدٍ ، ليصل العدد إلى 60 متعلما داخل الحجرة الواحدة إنها الورطة يا سادة . ولكم أن تتخيلوا معي حجم المشقة و الصعوبة التي يكابدها الأستاذ لتدريس ستة مستويات مختلفة و مما يحتم عليه تدريس الفرنسية و العربية و الرياضيات و النشاط العلمي و التربية الإسلامية و التربية على المواطنة و الجغرافيا و التاريخ... إن اللجوء إلى الحلول التقشفية في قطاع حساس يبقى مصير الوطن مرهونا به ،لا يمكن إلا أن يأتي بنتائج عكسية و ستظل المدرسة العموميّة تحتفظ بدورها إذا ما احتفظت الوزارة بطريقة التسيير نفسها مما يعمق من حدة الأزمة ،إذا ما استمرت في تجاهل الأستاذ وعدم إيلاء الاهتمام الكامل برجال التعليم و إشراكهم في الإصلاح.