الأحكام التي صدرت عن القضاء المغربي في حق معتقلي الريف أقل ما يقال عنها أنها فضيحة للعدالة بالمغرب، وقد كان ذلك منتظرا لدى من تتبع أطوار المحاكمات منذ أزيد من عام، حيث كان القصد منذ البداية توريط المعتقلين في عقوبات قاسية انتقاما منهم، بسبب نجاح حراكهم لمدة سبعة أشهر في الشارع لم يتراجعوا خلالها ولم تضعف عزيمتهم. إن جميع أطوار المحاكمات تدل على عدم توفر شروط المحاكمة العادلة منذ البداية، حيث بعد إلقاء القبض مباشرة على المتظاهرين تتم معاملتهم بطريقة ليس فيها أي احترام للقانون، ولعل أخطر الخروقات تمثلت في نزع ملابس بعض المعتقلين وتصويرهم وتسريب صورهم إهانة لهم، وحرمانهم من استعمال وسائل إثبات براءتهم أمام التهم المفبركة والمبالغ فيها التي زجت لهم. لقد تبينت أهداف الدولة من اعتقال المتظاهرين، أنها تريد تقديمهم عبرة لغيرهم حتى لا يخرج أحد للتعبير عن رأيه. المطلوب اليوم أن تقف القوى الديمقراطية والشبابية وكل من له ضمير حي بجانب معتقلي الريف السياسيين، والتضامن مع أسرهم والضغط من داخل المغرب وخارجه من أجل إطلاق سراحهم، أما إذا تخاذلت هذه القوى ولم تقم بدورها فستكون النتيجة عودة الجميع الى سنوات الرصاص، والدخول من جديد في عهد القهر والتسلط. لقد اعتقل أبناء الريف بسبب رفعهم أصواتهم عالية ضد التهميش والاحتقار والاهانة، وهم اليوم يضحون بحريتهم من أجل حقوقهم المشروعة وحقوق جميع المغاربة. فاذا أكد القضاء الأحكام الصادرة في حقهم في الاستئناف القادم، فسيكون ذلك دليلا على رغبة الدولة في التصعيد ضد المجتمع، وسيكون على المجتمع أن يرفض الرجوع إلى العبودية. إن الوضع في منطقة الريف يفرض وبشكل مستعجل توفير الإرادة السياسية ومسح كل علامات القمع التاريخي والسياسي، ومن واجب كل مواطن مغربي حر تلبية نداء معتقلي الحراك والمشاركة في جميع الأشكال النضالية من أجل المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن الريف. قضية معتقلي حراك الريف لا تتحمل المزايدات والصراعات الهامشية، التي تؤدي إلى إضعاف قوة الاحتجاجات ومطالب المعتقلين المشروعة، وتؤدي كذلك إلى تهميش منطقة الريف ليصبحوا ضحية للمخزن، علينا أن نأخذ العبرة مما جرى ويجري لأبناء الريف، وأن نتجنب التصادم فيما بيننا، وأن نضع اليد على مواطن التشابه الحقيقي فيما بيننا، حتى لا يستغلها الطرف الآخر (المخزن والسلطة)، لهذا نرى أن الحل الصائب هو الانضمام إلى أي تحرك يهدف إلى إنصاف المعتقلين والدفاع عن حقهم في الحرية والتنديد بالمحاكمات السياسية وبتسلط الدولة.