قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المنتهية ولايته محمد نبيل بنعبد الله، إن مشاركة حزبه في حكومتي بنكيران والعثماني كانت غايَتُهَا الأساس الإسهامُ في الدفع بالإصلاحات الكبرى إلى أبعد مدى، مبرزا أن التخوفاتِ والتوجساتِ بشأن المشاركة في حكومة العدالة والتنمية ما لبثت أن تبددت، حين حصل الاقتناع بأن مبرراتِ تلك المشاركة انبنت على فلسفةِ مواصلةِ الإصلاح في كنف الاستقرار على أُسُسٍ برنامجية مُحَدَّدَةٍ. وأوضح بنعبد الله في العرض السياسي الذي قدمه اليوم الجمعة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية بمدينة بوزنيقة، أن كثيرون تغاضوا عن أنه "لا قرارَ حُكومي اتُّخِذَ في ظل مشاركتنا، وكان فيه مساسٌ بالحقوق أو الحريات أو بالمجال والمكتسبات الديمقراطية، بل بينت التجربة أن حزب التقدم والاشتراكية ظل ساهرا يقظا بخصوص كل ما من شأنه مخالفةُ التوجه القيمي الديمقراطي والتحديثي". واعتبر المتحدث أن "جزءً غيرَ يَسِير من أشكال التحامل على حزبنا، لم يكن مَرَدُّه خِشْيَة بريئةً على مبادئِ اليسار وقيم الحداثة من الذوبان والضياع، بل الحقيقةُ أن الأمر تعلق دوما بخوض صراع سياسي، قد نتفهمه ونفهم طبيعته، إلا أننا لم نستسغ، ولن نستسيغ، بعضا من طُرُقِهه وأساليبِهه، وإلا ما الذي منع ويمنع الأصوات نفسها من المساءلة الحادة لجميع الحداثيين أو الديمقراطيين أو اليساريين أو الليبراليين، بخصوص الاختيارات والتموقعات عينها؟". وأبرز أن "أجهزة الحزب اضْطَلَعَتْ منذ المؤتمر السابق بمهامها وِفْقَ ما تُمليه هُويتُنا الوطنية والديمقراطية والحداثية واليسارية والتقدمية والاشتراكية، التي لم ولن نزيغ عنها، فهي ما حَدّدَ، بشكل رئيسي، تصوراتِنا ومواقفَنا إزاء مختلف القضايا والأحداث، باستقلالية ومسؤولية، وبتوازن واتزان، في إطار وحدة فكرية وسياسية وتنظيمية تصاعدتْ باطراد، كَمُحَصِّلةٍ للنقاش الداخلي العميق والمستمر. وأكد أن "الحزب انتقل من تحفظاتٍ داخليةٍ مُتَفَهَّمةٍ بخصوص بعض اختيارات الحزب وتموقعاته قُبَيْلَ، ومع بداية، مشاركتنا في الحكومة السابقة، إلى شبه إجماعٍ، بفضل نهج الحوار الدائم بيننا، من جهة، وبفعل التَّبَيُّنِ التدريجي من سلامة خطنا السياسي العام، من جهة ثانية، لاسيما وأن التخوفاتِ والتوجساتِ المشروعةَ ما لبثت أن تبددت حين حصل الاقتناع بأن مبرراتِ مشاركتنا في حكومة بنكيران الحَكَمُ فيها هو العمل والإنجازُ وخدمة المصلحة الوطنية العامة". وأشار المرشح للأمانة العامة لل PPS لولاية ثالثة، أن "الحزب مرّ خلال الأربع سنوات الماضية بظروفٍ ولحظاتٍ ليست سهلةً بالمرة، وعَبَّرْنَا جَهْرًا عن الصعوبات والآلام والآمال والتطلعات بِلُغَتِنَا الخاصة والنابعة من قناعتنا الحزبية الجماعية، لغةٍ لم نصطنعها ولم نبتذلها، بل إنها تعود إلى سنوات مضت .. لغة تندرج في سياق التنافس الحزبي والصراع الفكري والتعبير عن الآراء في إطار التطور الديمقراطي العادي ببلادنا". وعبر بنعبد الله عن اعتزازه بحصيلة حزبه في الحكومة خلال هذه الفترة، قائلا إنها "حصيلةٌ لا يتسع المجال لتعداد تفاصيلها، ولكنها شَمِلَتْ كافةَ مناحي وواجهات نضالنا المؤسساتي والجماهيري والترافعي والاقتراحي، وكذا على صعيد المراجعات التنظيمية للذات"، منوها في الآن ذاته بأداء "الرفيقة والرفاق الذين تحملوا، أو يتحملون، المسؤولية الوزارية باسم الحزب، سواء في الحكومة السابقة أو في الحكومة الحالية". وقال بنعبد الله إن هؤلاء الوزراء "أدوا، ويؤدون، مهامهم العمومية، على غرار من سبقوهم في ذلك منذ حكومة التناوب التوافقي، بحرص شديد على الامتثال لما تستلزمه المصالح العليا للوطن والشعب، متشبعين في ذلك بقيم ومبادئ الحزب القائمة على الروح الوطنية العالية وعلى التحلي بأقصى درجات النزاهة والصدق والأمانة، وحريصين على خدمة الصالح العام، بكل تفانٍ وإخلاص ونكرانٍ للذات، بعيدا عن أية نزعة سياسوية أو حزبية ضيقة".