تعيش طاطا على إيقاع التهميش والاقصاء والحكرة، ومن بين مظاهره تردي الوضع الصحي نتيجة النقص الحاد في الأطباء العاميين و…، حيث تستمر معاناة المرضى وأسرهم في البحث عن خدمات عمومية صحية بسيطة وأساسية، طال انتظارها في أغلب الجماعات التابعة لإقليم طاطا، وخاصة الدواوير البعيدة والنائية عن المراكز، مما تزداد معها معاناة المرضى وأسرهم في التنقل بحثا عن العلاج. ولقد شهدت المنطقة عدة وفيات في صفوف الأطفال والنساء الحوامل، نتيجة عدة أسباب، وحسب طبيعة الحالة المرضية، والزمن الصحي… فرغم الاحتجاجات، والمذكرات الترافعية والمراسلات والملتمسات المرفوعة إلى الجهات المعنية والمختصة منذ 2010 إلى الآن، حول الوضع الصحي بطاطا، فإن الأمور تزداد حدة، وتندر بالخطر. إن قلة الأطباء العاميين بطاطا (08) ليس وليد اليوم، فإذا استثنينا جماعة طاطا التي يتواجد بها خمسة أطباء، وطبيب واحد بكل من تيسنت وفم زكيد وفم الحصن، فباقي الجماعات لا وجود لطبيب بها، علما أن ثلاثة من هؤلاء الأطباء الثمانية استفادوا من الانتقال وينتظرون من يعوضهم فقط. واذا كانت الوزارة تحاجج بأن الأطباء المتخرجين يرفضون دائما العمل بهذه المناطق النائية، فهذا راجع الى تقصير الحكومة والوزارة الوصية في إخراج تعويضات المناطق النائية إلى أرض الوجود من جهة، وضرب للحق في الصحة المكفول دستوريا، والسعي إلى تحقيق الوعود الانتخابية للمواطنين والمواطنات التي أظهرت نتائج الانتخابات الأخيرة مشاركة قوية لهاته الربوع من الوطن الحبيب في كل الاستحقاقات، وما فتئت تجدد مطالبها للمسؤولين في كل المناسبات وبمختلف الأشكال والوسائل القانونية والمشروعة. فاذا خصصت الوزارة 32 منصبا ماليا لطاطا لسنة 2017/2018 حسب جواب السيد الوزير الحالي على إحدى الفرق البرلمانية، فعليها الالتزام وتحمل مسؤوليتها في البحث عن تعاقدات جديدة مع الأطباء المغاربة الجدد أولا قبل الأجانب، لأن في المغرب يوجد تكدس للأطباء في المدن الكبيرة والمتوسطة، ويقابله خصاص مهول بالمناطق التي صنفها الاستعمار الأجنبي في خانة "المغرب غير نافع". إن الزيارات المتكررة للمسؤولين الحكوميين لطاطا للأسف، تكتفي بالوعود ودرء الرماد في العيون، وأن توقيع المجلس الإقليمي لإتفاقية مع جمعية دار الأمومة وبعض الجماعات في دورة استثنائية لاستقدام الأطباء السينغاليين لتعزيز العرض الصحي الهزيل أصلا، – في غياب تام للمعلومة-، ودون معرفة التفاصيل، يطرح أكثر من علامات الاستفهام ؟؟؟ عن مآل التنفيذ والتتبع والتقييم من جهة لهذه الاتفاقية المتعددة الأطراف وتفعيلها على أرض الواقع وديمومتها من جهة أخرى، ومن شأن تغييب النقاش العمومي وعدم تفعيل المقاربة التشاركية مع المنظمات المدنية والحقوقية حول الموضوع ومواضيع أخرى، أن يدفع ساكنة إقليم طاطا إلى التساؤل عن التكلفة المالية لهذه الاتفاقية، وماذا لو رفض الأطباء السنغاليين للعرض المقدم من جمعية دار الأمومة وشركائها، هل سنعود إلى نقطة الصفر. على المسؤولين احترام الأدوار الجديدة للمجتمع المدني التي نص عليها دستور فاتح يوليوز 2011، والسعي إلى التفاعل الإيجابي مع كل المبادرات، وخلق قنوات للتشاور العمومي مع الجميع، وبناء جسور الثقة المفقودة بين مختلف الأطراف الفاعلة في السياسات العمومية محليا وجهويا ووطنيا. وختاما ينبغي التفكير الجماعي في استراتيجية ترافعية متكاملة المداخل، وفتح الباب للجميع لتقديم المقترحات ونسج مبادرات جديدة للنهوض بالوضع الصحي وتحسين مؤشرات التنمية بالإقليم في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.