بنكيران: مساندة المغرب لفلسطين أقل مما كانت عليه في السابق والمحور الشيعي هو من يساند غزة بعد تخلي دول الجوار    مناهضو التطبيع يحتجون أمام البرلمان تضامنا مع نساء فلسطين ولبنان ويواصلون التنديد بالإبادة        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    إسدال الستار على الدورة الحادية عشرة لمهرجان "فيزا فور ميوزيك"    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الإعلام البريطاني يعتبر قرار الجنائية الدولية في حق نتنياهو وغالانت "غير مسبوق"        ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        منظمة الصحة العالمية تؤكد أن جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    الأرصاد: ارتفاع الحرارة إلى 33 درجة وهبات رياح تصل 85 كلم في الساعة    ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    قاضي التحقيق في طنجة يقرر ايداع 6 متهمين السجن على خلفية مقتل تلميذ قاصر    ترامب يستكمل تشكيلة حكومته باختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة    كوب 29: رصد 300 مليار دولار لمواجهة التحديات المناخية في العالم    غوتيريش: اتفاق كوب29 يوفر "أساسا" يجب ترسيخه    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    إفريقيا تنتقد ضعف التمويل المناخي    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الاحتفال بالذكرى السابعة والستين لانتفاضة قبائل ايت باعمران    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    دولة بنما تقطع علاقاتها مع جمهورية الوهم وانتصار جديد للدبلوماسية المغربية    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    الصحة العالمية تؤكد أن جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ عامة        انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظة تاريخية ستحسب لرئيس الحكومة بنكيران
نشر في العمق المغربي يوم 08 - 01 - 2017

يقال "إذا كنت في المغرب فلا تستغرب" ، فحوى هذه المقولة تعيشها الساحة السياسية المغربية منذ أن أطل علينا وزير الداخلية محمد حصاد يوم السابع من أكتوبر، ليعلن عن النتائج الرسمية للإستحقاقات التشريعية التي تربع فيها البيجيدي المرتبة الأولى بمائة وخمة وعشرين مقعدا ، فضلا عن المقاعد التي تم سحب بساطها تحت أقدام زعيم الحكومة السابقة.
سيطرح الجميع السؤال المشروع ، أين الغرابة في إطلالة وزير الداخلية وإعلانه النتائج الرسمية؟ باعتبار الأمر عاديا ، وأن المعني بإعلان النتائج هو وزير الداخلية.
لكن سيكون الجواب الأكثر مشروعية ، نعم هي غريبة، أن يطل السيد الوزير بعدما أراد إخبار الرأي العام الوطني والدولي الذي يتابع في تلك الأمسية النتائج ، عن الفائز بالمرتبة الأولى فنطق عبر فلتة لسان ، فعوض أن يقول البيجيدي (الحزب الأول) نطق حزب الأصالة... (الحزب الثاني) ، والحقيقة أن السيد الوزير المحترم عبر في "زلة لسان" هاته على ما كان يضمره في عقله الداخلي وفي فكره العميق وما خطط له ، حيث إن علماء النفس وعلى رأسهم "أبو علم النفس" كما يلقب "سيجموند فرويد" يقول في كتابه "علم أمراض النفس في الحياة العادية " أن زلة اللسان عبارة عن " خلل إجرائي " معتبرا إيها "مرآة تكشف أفكاراً أو دوافع أو أمنيات دفينة في اللاوعي" ، وهذا ما وقع للسيد الوزير تماما ، إذ إن الفكرة التي علقت في ذهنه قبل الإعلان عن تنظيم الإنتخابات ، بل حتى في مناقشة تعديل القوانين المتعلقة بهذه الأخيرة، كان يتمنى أن تكون المرتبة الأولى لوجه التحكم "حزب الأصالة والمعاصرة" ، بل إنه وفي الحملة الإنتخابية سخر كل ما يملك من أجهزته لخدمة أجندة الحزب المعلوم.
إن القارئ الموضوعي لما يقع حاليا في المغرب على المستوى السياسي سيدرك حقيقة الكلام الذي كان يردده زعيم البيجيدي في ولايته الحكومة السابقة والمتعلق أساسا "بالتحكم" و"بالسلطوية" وبالعفاريت" و "بالتماسيح" ، كلها مصطلحات ومسميات تتغير في معناها اللغوي ، إلا أنها تشترك في صفات " المناورات" واللعب في "الظلام" وخلف "الستائر" ، ومشوشة للعقل البشري ، ومؤثرة سلبا على السير العادي لحياته الخاصة.
لم يعد ممكنا أن تكون "السلطوية" في السياسة العامة المغربية مجرد مصلح يطلق على هوى، ولا يحسب له أي حساب ، إذ إن المرحلة الراهنة خصوصا بعد الولاية الحكومية الأولى للأستاذ عبد الإله بنكيران قد أزالت الستار عن المستور ، وكشفت عورة أولئك الذين خوفوا الشعب المغربي في فترة الستينات إلى حدود بداية هذا القرن بكل الوسائل ، وأرهبوهم بكل الأساليب ، بل أذاقوهم عذاب اللآخرة في الدنيا قبل الآخرة بالحديد والنار.
لقد كشفت المشاورات الآخيرة لتشكيل الحكومة بعد تعيين رئيسها من طرف جلالة الملك النية المبيتة التي يضمرها أعداء الديمقراطية في هذا البلد ، بشكل مباشر أو بشكل آخر ، إذ إن من المعلوم أن يكون التنافس قبل الإنتخابات من أجل حصد المقاعد ، ولكن كيف يعقل بعد إعلان النتائج الإنتخابية، وتعيين رئيس الحكومة من الحزب الأول من طرف رئيس الدولة أن يخرج شخص كان بالأمس "شبه تكنوقراط" في الحكومة السابقة ، ليعلن بعدها رئاسة لحزب معين ، ويقوم بالمشاورات مع رئيس الكومة الجديدة ، ويتحدث بلسان ثلاثة أحزاب ، فهذا لا يمكن إعطاؤه إلا قراءة واحدة وهي أن ما كان يردده رئيس الحكومة السابقة بنكيران حول الدولة العميقة وحكومة الظل أمر محقق وحتمي.
إن الدور الذي لعبه بنكيران كزعيم سياسي وكرجل دولة في كشف الستار عن ألاعيب المفسدين وعن مناورات المتحكمين، لا يمكن نكرانه من لدن عاقل، وقد شهد بهذا الخصوم قبل الحلفاء للسيد بنكيران ، إذ إن الحقيقة التي كانت مخفية منذ سنين هي ما يتم ترجمته في هذه الأيام عبر الخطوات العسيرة لتشكيل الحكومة ، فإن كان إلياس العماري قاد الحرب ضد حكومة بنكيران ظاهرا في الفترة السابقة ، فإن أخنوش قد استبدل بإلياس و يلعب دور "الغبي الأول" في عرقلة تشكيل الحكومة ، ولم يتغير في اللعبة إلا الأسماء والألوان والأساليب ، أما الجوهر فهو "هو".
إن الصراع القائم اليوم على مستوى السياسة بالمغرب والذي يقوده من جانب بنكيران ، ومن جانب آخر المخزن بواجهة أخنوش ، ليؤكد بالملموس أن طلاسيم الخريطة السياسية بالمغرب التي كانت ترسم كما يشاء المخزن ، قد تم عرقلتها ، ليس بالتهديد أو الوعيد ، ولكن بالحرية والرغبة في الإنعتاق، والسعي نحو تحقيق الديمقراطية المحلية في أفق ديمقراطية شاملة ، وذلك عبر تمسك بنكيران بنتائج الإستحقاقات في السابع من أكتوبر ، وإرادته الحقيقية في ترجمة كلمة المواطن على أرض الواقع السياسي عبر تشكيل حكومة حقيقية منبثقة من رحم الشعب لا من رحم المخزن والتحكم ، وهذا يتطلب بالأساس أن تصطف القوى الديمقراطية ليس خلف بنكيران كشخص يحمل فكرا وإديولوجية معينة ، ولكن خلف بنكيران "الرئيس" المعين دستوريا وقانونيا من طرف رئيس الدولة كرئيس للحكومة المغربية هذا على المستوى الأول ، وعلى المستوى الثاني الدعم الشعبي لرئيس الحكومة وذلك قصد التعبير عن إرادة حقيقية مفادها أننا حسمنا الأمر عبر صناديق الإقتراع.
لقد كشف بنكيران الداهية أن ما كان يقال عن الإنتخابات من قبل التيارات الجذرية والمعارضة للنظام بالمملكة – وإن كان في السابق حقيقة- من قبيل أنها مجرد مسرحية تلعب الأحزاب الدور فيها ويكون المخزن المتحكم الأساس بالمشهد ، كلام مردود ، والدليل على ذلك ما يقع حاليا في هذا "البلوكاج" الحكومي الذي يتزعمه أخنوش بدعم من الأجهزة النافذة وأباطرة المال الحرام والمشاريع الكبرى التي أبت إلا أن يكون القرار لها، وأن يسقط كلام رئيس الحكومة بل ويضرب به عرض الحائط ، إلا أن الحقيقة أضحت هي العكس إلى الآن ، فإن كان أخنوش ومن وراءه نجح في إبعاد حزب الاستقلال فإنه إلى الآن لم ينجح في ضم "المرحوم" الإتحادالإشتراكي الذي أضحى بدوره ملحقة للحمامة بعد أن قضى فيه الجرار وتره ، وأما الحصان فقد حسم أمره منذ تأسيسه ولا غرابة في مواقفه الدنيئة إن كانت له مواقف حقا.
شئنا أم أبينا ، فإن لم يستطع الأستاذ عبد الإله بنكيران تشكيل حكومته فإنه قد نجح في ما هو أكبر وأعظم ، لقد نجح في فك طلاسم وجداول الدولة العميقة ، وأكد عن جذارة أنه رجل دولة بمواقف جريئة ، وبمواقف حاسمة ، وأنه أظهر خبث ما خفي للمغاربة في السياسة بالمغرب ، والدور الآن قائم على الشعب ليحكم ويقول القول الفصل ، ويميز الديمقراطي من غيره من المتحكم والسلطوي.
إن لم يكن اليوم ، سيأتي يوم يدرس فيه مسار تشكيل حكومة مغرب السابع من أكتوبر 2016 ، وقد كان رجل تلك المرحلة رجل شعبي كان يقود حزب العدالة والتنمية بالمواقف الثابتة والقرارات الجريئة إسمه عبد الإله بنكيران ، وكان الرجل الذي اختبر رصيده النضالي والديمقراطي "بترموميتر" الشعب يوم السابع من أكتوبر ، حيث برهن على قوته ودمقراطيته يوم نزل في دائرته الإنتخابية، للتنافس مرة أخرى على المقاعد البرلمانية فيها وذلك بعد مرور خمس سنوات على رئاسته للحكومة واتخاذه قرارات تضر بشعبيته، إلا أنه حقق الفوز ليكون أول رئيس حكومة مغربية منذ الإستقلال يرأس الحكومة لولايتين على التوالي دون خوف ،وبجنبه رجال مثله في الحزب ، ومعه أحزاب وطنية حقيقية، وخلفه شعب وضع ثقته فيه.
وستكون لحظة تاريخية تحسب للأستاذ عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية لولايتين متتاليتين 2011 و 2016.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.