يبدو أن الوعود التي أطلقها وزير الصحة السابق الحسين الوردي الذي أعفاه الملك من منصبه، لفائدة ساكنة إقليم تنغير لم يتحقق منها شيء، ولعل أبرز مثال على ذلك تقديم وعد خلال زيارة قام بها للمستشفى المحلي بقلعة امكونة في 7 يوليوز 2017، بانطلاق مركز تصفية الدم بالمدينة في تقديم خدماته لمرضى القصور الكلوي بعد شهر، أي أن ما يقصده الوزير آنذاك على أبعد تقدير نهاية شهر غشت من 2017. ومرت على وعود وزير الصحة السابق لحد الآن 8 شهور دون أن يفتح مركز تصفية الدم بقلعة امكونة أبوابه في وجه مرضى القصور الكلوي بالمدينة الذين يقدر عددهم ب 53 شخصا، وهو الفضاء الذي يأملون في أن يخفف عنهم معاناة التنقل لمسافة 80 كيلومترا في اتجاه تنغير، و100 كيلومترا في اتجاه ورزازات، لغسيل الكلى مرتين في الأسبوع. أغلب من تحدثت إليهم جريدة "العمق" من مرضى القصور الكلوي بقلعة امكونة والجماعات المجاورة لها، يجمعون على أنهم ينتظرون بفارغ الصبر أن تعطى الانطلاقة الفعلية لمركز تصفية الدم بالمدينة حتى يخفف عنهم معاناة التنقل مرتين في الأسبوع قاطعين أزيد من 400 كيلومترا ذهابا وإيابا، إلى مراكز التصفية بكل من ورزازات وتنغير والرشيدية. شركات تؤخر عمل المركز عبد الله التوراوي، رئيس جمعية الشفاء لمرضى القصور الكلوي، أوضح أن تعثر انطلاق مركز تصفية الدم بقلعة امكونة، يعود إلى كون الشركات المكلفة بتجهيز المركز تأخرت في إنجاز المطلوب منها، مبديا تخوفه من أن يكون مصير المركز كمصير المستشفى المحلي الذي صرفت عليه الملايير ولا يقدم أي خدمة للساكنة وظل معطلا. وأضاف التوراوي في تصريح لجريدة "العمق"، أن الوزير السابق الحسين الوردي قدم وعودا كثيرة خلال زيارته للمدينة سواء عند افتتاح المستشفى المحلي في 2015 وفي آخر زيارة له للمستشفى ذاته في يوليوز 2017، بقرب انطلاق المركز وبأنه سيكون مجهزا بالكامل، غير أن لا شيء من ذلك تم إلى حدود الآن. وتابع المتحدث ذاته، قائلا: "كنا نعول على أن تكون هناك 12 آلة لتصفية الدم والتي ستمكن من تقديم خدمة التصفية لأزيد من 70 مريضا في الأسبوع، ولكن تبين أن هناك فقط 9 آلات، ومن المؤكد أنه سيكون هناك خصاص في المستقبل لكون الحالات في تزايد، وبالتالي ففرحتنا بهذا المركز لن تدوم طويلا". وأشار رئيس جمعية الشفاء لمرضى القصور الكلوي بقلعة امكونة، إلى أنه منذ ثلاثة أشهر وهو يحاول التواصل مع وزارة الصحة من أجل التوقيع على اتفاقية شراكة تحدد مجال تدخل الوزارة والجمعية، وطريقة تدبير الموارد البشرية والمالية، غير أنه لم يتم ذلك لحد الآن، لافتا إلى أنه تم تعيين طبيبة اختصاصية. ولفت إلى أن تعيين أطر طبية للإشراف على مركز تصفية الدم يجب أن يقابله توفير ظروف عمل جيدة لهم حتى لا يضطروا للمغادرة أيضا كما هو الحال بالمستشفى المحلي للمدينة، محملا مسؤولية تدهور القطاع الصحي بالمدينة إلى المنتخبين والساكنة التي صوتت عليهم دون أن يقوم بمجهودات للدفاع عن مصالحهم خصوصا في الحصول على خدمات صحية محترمة. وزاد المصدر ذاته، قائلا: "نتمنى أن لا يقع مركز تصفية الدم بقلعة امكونة في الأخطاء التي وقع فيها نظيره بتنغير، حيث أصبح لا يطاق بالنسبة للمرضى بسبب أسرته وأجهزته المهترءة وغياب النظافة والتدبير السيئ لمواعيد المرضى، وما إلى ذلك من الأمور التي جعلت وضعه كارثيا". معاناة مضاعفة نور الدين، شاب عشريني وهو أحد مرضى القصور الكلوي بقلعة امكونة، أوضح في تصريح للجريدة، أنه كباقي المرضى يعانون مرتين؛ الأولى بسبب ما تسببه لهم الإبر والآلات الطبية الخاصة بالتصفية من آلام طيلة 4 ساعات من التصفية، والثانية بسبب الاضطرار للتنقل لعشرات الكيلومترات. ويضيف نور الدين، أن مرضى القصور بقلعة امكونة، يقطعون مسافات طويلة من أجل الوصول إلى مركز تصفية الدم إما بورزازات أو تنغير، وعند الاستفادة من الحصة يغادر المريض المركز ويقصد حافلة الجمعية للعودة إلى مسكنه دون أن يستفيد من أي فترة استراحة، وبالتالي فكل المرضى يعانون من إرهاق الآلات لأجسادهم ومن تعب جسدي ونفسي جراء نتيجة طول المسافة. لا أثر لوعد الوزير من جانبه، قال كريم إسكلا وهو فاعل حقوقي بإقليم تنغير، ورئيس مرصد دادس للحكامة، "استبشرنا خيرا بإحداث مركز تصفية الدم بقلعة مكونة، خاصة حين أكد وزير الصحة السابق بأغلظ الإيمان، في أكثر من مناسبة، عن تجهيزه وتخصيص اللازم من الموارد البشرية، لكن مرت لحدود اليوم أكثر من ثمانية أشهر عن الموعد المحدد لافتتاح بدون أن يظهر لوعد الوزير أثر". وأضاف إسكلا في حديث مع الجريدة أن "المأساة تزداد عندما يضطر العشرات من المرضى للذهاب من قلعة مكونة وبومالن إلى مركز الرحمة بتنغير، وهي جمعية في ذاتها لا تتوفر على طبيب متخصص دائم وتعاني من نقص المعدات والموارد الطبية حيث يتم الاكتفاء بحصتي تصفية أسبوعيا لكل مريض عوض ثلاث أو أربع المفترضة، أما من لم يتمكن حتى من إيجاد إمكانية الاستفادة من خدمات هذه الجمعية فتكون معاناتهم مضاعفة حيث يكون من اللازم أن يتنقلوا إلى مدينة مراكش أو أكادير مثلا". المركز سينطلق قريبا وحاولت جريدة "العمق" الاتصال بمصطفى الطيب مندوب وزارة الصحة بتنغير من أجل التعليق على الموضوع غير أن هاتفه ظل يرن دون أن يجيب، ليتم ربط الاتصال بمدير المستشفى المحلي بقلعة امكونة، أحمد حجي، الذي أكد أن المركز سيفتتح أبوابه قريبا، وأنه تم تعيين طبيبة اختصاصية في أمراض الكلى وممرضين لهذا الغرض. وأشار حجي في تصريح لجريدة "العمق" أن تجهيزات المركز من أسّرة ومكاتب وآلات تصفية الدم قد وصلت الأسبوع الماضي، وأن الشركة المكلفة بتثبيتها هي التي تأخرت في القيام بعملها ما حال دون انطلاق المركز في وقته. وأضاف المتحدث ذاته، أن المركز سيقدم خدماته لكل مرضى القصور الكلوي بقلعة امكونة والجماعات المجاورة لها، وسيقيهم من معاناة التنقل إلى ورزازات أو تنغير من أجل غسيل الكلى، مضيفا أن المركز سيشتغل طيلة أيام الأسبوع من أجل تمكين جميع المرضى من حصص التصفية.