نشر موقع الهافنغتون بوست عربي، قائمة ل10 أفلام لسنة 2016، مشيرة أن الناقد الفني سيباستيان بوبيك، وصف سنة 2016 بأنها عاماََ سينمائياََ رائعاََ". وأضاف "وأنا على يقين من أنك قد سمعت عن هذه الأفلام التي تم إنتاجها هذا العام إن لم تكن قد شاهدت أحدها بالفعل أو بصدد مشاهدته. ولكن بحصول أفلام مثلLa La Land وهو فيلم جيد من الصعب أن تحصل أفلام أخرى على نفس القدر من الاهتمام من المشاهدين حتى وإن كانت بنفس الجودة. هذه القائمة تسلّط الضوء على عشرة أفلام في عام 2016 من المحتمل أنك لم تسمع بوجودها، لعلها تجذب انتباهك للبحث عنها". 10- فيلم Love & Friendship للمخرج ويت ستيلمان يُعد هذا الفيلم جوهرة صغيرة، وبالرغم من أنه ليس تحفة فنية ولا من أفضل أفلام العام إلا أنه يظل مكتملاََ لما هو عليه. تدور أحداث الفيلم حول سلوك أرملة صغيرة تبحث عن زوج لابنتها، في حين أنها في الوقت ذاته لا تستطيع التحكم في رغباتها الشخصية كأنثى، ويجري هذا كله في سياق كوميدي إلى حد بعيد. وبالرغم من أنك قد لا تستطيع بسهولة أن تربط بين جين أوستن والكوميديا إلا أن ويت ستيلمان استطاع ببراعة أن يُحول روايتها غير المكتملة Lady Susan إلى فيلم من أفضل الأفلام المضحكة -وأكثرها تناسقاََ- لهذا العام. استطاعت كيت بيكينسيل أن تقدم أفضل أداء لها منذ سنوات من خلال شخصية السيدة سوزان، وهي شخصية مروّعة ولكن في الوقت ذاته، مُشاهدة دورها يُعد أمراً رائعاً -من نواحي عدّة-. كما أنه من المبهج أن نراها تتعاون مرة أخرى في عمل فني ليس فقط مع ستيلمان بل أيضاََ مع كلوي سيفاني. وسيشعر بهذا بالأخص، كل من أحب The Last Days Of Disco. الممثلون المساعدون أيضاََ كانوا على أفضل ما يكون، فقد لعب ستيفين فراي دوراََ رائعاََ اتسم بالسخرية الجافة. ولا شيء يهزم شعلة الكوميديا المتقدة التي جسدها توم بينيت في شخصية المُحب شديد الغباء، السيد جيمس مارتن، إذ كان يسرق الأنظار في كل مشهد يظهر فيه، فقد كان قوة كوميدية لا يُمكن إيقافها، فيجعلك تضحك حتى تتألم ضلوعك. 9- فيلم The Happiest Day In The Life Of Olli Mäki للمخرج يوهو كوزمنين شكّل فوز هذا الفيلم بجائزة مهرجان كان في فئة (نظرة ما) مفاجأة بشكل ما، فدائماََ ما كانت جائزة هذه الفئة -فئة "نظرة ما"- تُهدى للأفلام التجريبية الغريبة، أو تلك الأعمال التي لا تضم أسماء كبيرة لتتسابق في المسابقة الرئيسية. ولا يعد فيلم The Happiest Day Of The Life Of Olli Mäki فيلماََ تجريبياََ وهذا بالطبع ليس انتقاداََ موجهاً له، على العكس من ذلك، فالفيلم رائع وجذاب إلى أبعد الحدود، وتدور أحداثه حول لاعب ملاكمة يتمرن لخوض مباراة قوية. ويمكننا أن نرى جليَاً من خلال هذا الفيلم، حساسية الأفلام الفنلندية كما نراها أيضاََ في أعمال المخرج آكي كوريسماكي. شخصية أولي ماكي من الشخصيات التي تقع في حبها بالرغم من أنه شخص فاشل يطلع الكثير من الدعابة الساخرة، وتظهر في الفيلم العلامات المُميِزة للسينما الفنلندية كالحوارات الدرامية الصعبة والشخصيات الصامتة. ويقع عنصر المفاجأة فيما يخص روعة هذا الفيلم في أنه ليس فيلماََ عن الملاكمة بل هو ببساطة فيلماََ عن الحب. الفيلم لا يدّعي العظمة في حديثه عن الحب، فهو ليس مأساوياً ولا فلسفياً، بل إنه يحاول فقط عرض السعادة المصاحبة للشعور بالحب وكيف لهذا الشعور أن يكون مُحيراً ومُشتتاً. وقد تم إنتاج هذا الفيلم ليكون أحد أفلام الأبيض والأسود البسيطة غير المتكلفة. ويستثير هذا الفيلم ذاكرة أفلام الموجة الجديدة بفرنسا مما يُشعرك أن هذا الفيلم قد تم تصويره سابقاََ في هذا الوقت، وبدوره يُشعرك أيضاََ بإحساس متزن بين الكآبة والنوستالجيا تقوده مشاهد شاعرية رقيقة في إطار مُبهج. 8- فيلم The Neon Demon للمخرج نيكولاس ويندينج ريفن قُوبل هذا الفيلم بردود أفعال مختلفة ومثيرة للدهشة على نحو غريب منذ عرضه لأول مرة بمهرجان كان لهذا العام. وتنقسم الآراء حول الفيلم بين وصف البعض إياه بأنه تحفة فنية، بينما يقول البعض الآخر أنه كارثة فنية. وبانتهاء هذا العام مازال الجدل دائراََ حول استحقاقه للمركز الثالث في قائمة كاييه دو سينما (مجلة سينمائية فرنسية) لأفضل أفلام هذا العام، فالكثير يعتبرونه من أسوأ الأفلام. من المحتمل أن لا يكون أي من تلك المواقف تجاه الفيلم صحيحة، ولكن الأكيد أن ريفن خلق تجربة سينمائية لن تُمحى من الذاكرة، وتدور أحداث الفيلم حول شخصية آل فانينج، وهي بنت صغيرة تعمل كعارضة أزياء وتسافر إلى لوس أنجلوس كي تتمكن من السعي وراء أحلامها. وبالرغم من أنه يمكنك بسهولة ملاحظة أن تلك القصة قد تم استهلاكها من قِبل المخرجين ملايين المرات، إلا أن السؤال الذي يجب طرحه، هو السبب وراء قيام ريفن بهذا الفيلم وهذه القصة، فقد حوّلها إلى قصة مرعبة عن أسطورة نركسوس من خلال إضاءة نيون وموسيقى تصويرية نابضة. وكما ذكرنا، هناك الكثير لتحبه والكثير لتكرهه في هذا الفيلم، فذلك يتوقف عليك، ولكن يظل الانتقاد الغير عقلاني الأشهر بين تلك الانتقادات المختلفة هو ذلك القائل بأن "الفيلم يهتم بالأسلوب على حساب المادة المقدمة". وقد أسهب سيدني لوميت الشرح في كتابه الرائع Making Movies موضحاً أن كلمة "أسلوب" هي أكثر الكلمات التي يُساء استخدامها في محافل مناقشة الأفلام. وقد ظهر هذا بشكل واضح ومؤلم في الحديث الدائر عن فيلم The Neon Demon إذ نجد في هذا الفيلم أن الأسلوب هو المادة. ومما يبعث على الانزعاج أن تنظر فترى أن فيلماََ يحوي تلك الشخصيات ويناقش مثل تلك الموضوعات يُقال عنه أنه ظريف على ضحالته. في الواقع صفتا الظرف والضحالة هما الصفتان الأهم ليس فقط للشخصية الرئيسية في الفيلم بل أيضاً لكل العالم الذي يرسمه ريفن في فيلمه، وقد قال هو بنفسه مراراََ وتكراراََ أن الفيلم يتحدث عن الجمال في عموميته. وسواء كنت موافقاََ على تلك النوعية من الأفلام أم لا فهذا شيئاََ آخر. وأمر طبيعي ومفهوم ألا يقابل هذا النوع من الأفلام إعجاب الكثيرين. ومن الخطأ إذن أن نقول أن ريفن اهتم بالأسلوب على حساب موضوع الفيلم نفسه، في حين أنه كان يحاول أن يحاكي الموضوع بالأسلوب نفسه. فهذا الفيلم يحتوي على مختلف الألوان وهو ليس رقيقاََ على الإطلاق بل متأنّق يُشعرك بالمرح تارة وبعدم الارتياح تارة أخرى، ولكن الأكيد أنه سيأسرك بشكل ما وتُفضّل مشاهدته من خلال أكبر شاشة عرض ممكنة. 7- فيلم The Death Of Louis XIV للمخرج ألبرت سيرا قد لا تبدو مشاهدة رجل يموت ببطء في غرفة على مدار زمن فيلم كامل فكرة مثيرة، ولكن بأعجوبة استطاع The Death Of Louis XIV أن يصبح فيلماََ عميقاََ ومؤثراََ ومُضحكاََ في أغلب الأحيان، وذلك على عكس ما يبدو للوهلة الأولى كفيلم قاتم. استطاع ألبرت سيرا أن يصنع لنفسه اسماََ من خلال أفلامه المثيرة والغريبة والتي عادة ما تأتي في سياق قصة تاريخية مبدعة سنيمائياََ. بالرغم من أن هذا الفيلم هو من أسهل أفلام ألبرت سيرا التي يمكن فهمها، إلا أنه ليس من السهل مشاهدته كما تشاهد بقية الأفلام العادية. فستشعر أثناء الفيلم أحياناً أن الأحداث بطيئة وأنك غير مرتاح. فهو يتناول الأحداث برشاقة، ورغم إنه من الأفلام المُسلّية، إلا أن هذا لا يأتي على حساب الشخصيات نفسها. بشكل ما يجعلك الفيلم تشعر وكأنك في حُلم أثناء مشاهدة لويس الرابع عشر، وهو يموت ببطء في أعين الجماهير (ستجد بعض المشاهد الغريبة مثل ذلك المشهد الذي نجد فيه الجماهير تصفق له وهو يأكل). ومع الوقت ستفقد إحساسك بالوقت، ولن تعود قادراََ على تمييز الزمن بين المشاهد المختلفة ولا عدد الأيام التي تمر في أحداث الفيلم، ولا حتى الوقت الذي تقضيه أنت في مشاهدة هذا الفيلم، ويظل الفيلم كله متماسكاََ بالحضور المُبجّل لجين بيير ليو على الشاشة. كان اختيار جين بيير ليو للدور موفقاََ بشدة من قِبل ألبر سيرا، فقد أعطى ليو طبقات مختلفة للفيلم لم تكن لتتواجد إلا بتواجده هو كبطل. ولم تَكْمُن براعته فقط في أنه أكسب شخصية لويس تفاصيل معنوية غير منطوقة، بل أن شخصية ليو الحقيقية تناسب ذلك الفيلم إلى حد بعيد. فتماماََ مثل الملك لم تكن حياة ليو الشخصية بعيدة عن أعين الجماهير، وذلك منذ أن كان طفلاََ وأصبح مشهوراََ بعد مشاركته في فيلم تروفو الأسطوري "The 400 Blows". احتفاظك بهذه الفكرة أثناء مشاهدة الكثير من المشاهد، مثل ذلك الذي ذكرناه سلفاََ، ستتسبب في انفعالك عاطفياََ ولن يكون هذا طبيعياََ، ولكن سيعلق هذا الفيلم بذاكرتك كتجربة لا تقبل المقارنة، كما أن به أفضل مشهد نهاية بين كل أفلام هذا العام. 6- فيلم Hermia & Helena للمخرج ماتياس بينيرو إذا كنت أحد متابعي السينما الأرجنتينية في السنوات الأخيرة أو ألقيت نظرة على الأفلام التي تم عرضها في المهرجانات المختلفة مثل لوكارنو فستكون حتماََ قد سمعت عن متياس بينيرو. هو أحد أفضل صنّاع الأفلام الموهوبين في أميركا الجنوبية الآن. وأرى أنه لم يوفّ حقّه بعد نظراََ لعدم حصوله على أيّ من تلك الجوائز الكبرى الشهيرة إلى الآن. ولحسن الحظ لم توقفه الميزانيات الضئيلة التي يعمل بها ولا صغر عدد أفراد طاقمه عن غزارة الإنتاج، فلا زال ينتج فيلماََ تلو الآخر بلا انقطاع. يُعد Hermia & Helena أول فيلم ناطق بالإنكليزية لماتياس، وقد تم تصويره تقريباً بالكامل في نيويورك ويعرض فيه أيضاََ أجزاء رائعة من أعمال صنّاع أفلام أميركيين مستقلين آخرين مثل (داستن جاي ديفا ودان ساليت.. وغيرهم) ويستدعي هذا الفيلم أهم سمة من سمات بقية أفلام بينيرو وهي ويليام شكسبير على وجه التحديد. يشير العنوان إلى اسم شخصيتين محوريتين في روايةMidsummer Night's Dream لشكسبير. تظهر في الفيلم كاميلا وهي امرأة صغيرة من الأرجنتين تذهب إلى نيويورك بعد تلقيها منحة دراسية لترجمة Midsummer Night's Dream. وسريعاََ ما تتشتت عن عملها بسبب ظهور حبيبها القديم وانشغالها بالبحث عن أبيها الشرعي. لا يُعتبر هذا الفيلم ثقيلاََ بالنظر إلى حبكته الدرامية بل على العكس من ذلك، فهو فيلم خفيف ذو سردية وشكل سينمائي. ويقفز الفيلم بمرح قفزات واسعة في التسلسل الزمني للأحداث فتجد نفسك فجأة أمام فيلم قصير بداخل الفيلم وكثيراََ ما تظهر في المنتصف عبارات من روايات لشكسبير. وبينما يبدو كل هذا لوهلة معقّداََ ويصعب اللحاق به، نجد أن بينيرو يقدمه بدرجة عالية من الرشاقة والخفة. وستجد أن الشعور المسيطر عليك طوال مشاهدة الفيلم هو البهجة. حتماََ ستكون مشاهدة هذا الفيلم أمراً رائعاً، خاصة لمحبي الأفلام. وسيكون هذا الفيلم أيضاً مثالاً حياً على أن القيام بالتجارب عن طريق التعبير السينمائي لا يُشترط أن يكون جاداً بشكل مُنفّر. 5- فيلم Things To Come للمخرجة ميا هانسن لوف كان هذا العام مميزاََ لإيزابيل هابرت، فقد لفتت تلك الممثلة القديرة الكثير من الأنظار بسبب دورها الجريء في رائعة بول فرهوفن Elle. خطف هذا الأداء الرائع الأضواء من أدائها في فيلمThings To Come والذي قامت به ميا هانسن لوف هذا العام، على الرغم من أنها لم تقدم أداءً أقل في الأخير. سريعاََ وببساطة: تدور أحداث الفيلم حول شخصية ناتالي التي تقوم إيزابيل هابرت بأدائها وهي أستاذة فلسفة في الجامعة ومتزوجة من سنوات عديدة وتعيش مع أسرتها وزوجها. يقرر زوجها فجأة أن يتركها ليتزوج من امرأة أصغر سناََ، لتبقى ناتالي وحدها أمام هذا القرار لتتعامل معه ومع الحياة بشكل عام. بعض النُقاد ربطوا بين هذا الفيلم وفيلم لوودي آلن كان قد قام بإخراجه في الثمانينيات (عندما كان في أوج نشاطه الفكري والعاطفي أيضاََ). ولكن يظل هذا الفيلم يعرض القصة من وجهة نظر نسائية، لم يتوصل إليها وودي مطلقاََ. تسطع هابرت كامرأة وسط عاصفة فوضوية من المشاعر والمشاكل التي تقذفها الحياة في وجهها، ولكنها تقف شامخة وثابتة. لا يُعتبرThings To Come أحد تلك الأفلام البسيطة، فهو يفعل الكثير دون الخوض في الكثير، وهو أحد تلك الأفلام الكبيرة في عالمها الصغير المثير. من الصعب وصف هذا الفيلم وهذا جيد فهو في الأخير فيلم، ولكنه يظل أحد تلك الأفلام المؤثرة التي ستبقى في ذاكرتك لأيام. 4- فيلم Paterson للمخرج جيم جارموش طالما كان جيم جارموش شاعراََ، قد كانت فكرته في الأساس أن يكون شاعراََ قبل أن يتجه لصناعة الأفلام وها نحن نرى أصداء تلك الأمنية جلية في أفلامه، سواء كان عن طريق الإشارة لويليام بليك في فيلمDead Man أو عن طريق شاعرية لغته السينمائية الخاصة. وكان تأثير هذا عليه أوضح ما يكون في فيلمPaterson، الفيلم الذي يحكي عن سائق حافلة يُدعى باترسون ويعيش في مدينة تحمل نفس الأسم. أثناء الفيلم نستمع إلى الكثير من أشعار باترسون التي تتطوّر بمرور الوقت، وبالرغم من بساطتها فقد كانت تلك الأشعار جميلة. فهو يكتب عن كل ما يحيط به، مثل علب الثقاب على سبيل المثال. ويظل الفيلم شاعرياََ بالرغم من أنه لا يتحدث فقط عن الشعر. جارموش هو أحد أولئك المخرجين المهووسين بتصوير الجمال الكائن في حياتنا اليومية، وقد استطاع إبراز تلك الميزة بشكل رائع من خلال هذا الفيلم. إذا كان للفيلم أب روحي فحتماََ سيكون ياسوجيرو أوزو. فقد استطاع جارموش توجيه حساسية ياسوجيرو بشكل بسيط ومبهر. وتكمن خطة الفيلم البسيطة في أن يأخذك برفق لتتعرف على تفاصيل حياة باترسون اليومية ولتتعرف أيضاََ على مجموعة الناس الودودين الذين يقابلهم في يومه، وهو شيء من الرائع مشاهدته، ويبقى أداء باترسون في هذا الفيلم هو الأكثر سطوعاََ. قدم آدم درايفر أداءً رائعاََ، بعيداََ عن أي دراما أو شجن، كان هادئاََ وخجولاََ ومحبوباََ في تلك الشخصية. قد تشعر أثناء المشاهدة أنه قد يكون منزعجاََ من كلبه وروتينه اليومي أو حتى من زوجته، فهو شخصية تفضل أن تقفز من هواية إلى أخرى مع مرور الأيام. ولكن، على العكس من ذلك، جاء أداء درايفر للدور مؤكداََ على شدة حب باترسون لكل الأشياء المكوّنة لحياته، وإن كان نادراََ ما يعبر عن ذلك بشكل مباشر، حتى أنه لا يستطيع العيش بدون تلك الأشياء. إنه حقاََ فيلم رائع ومؤثر، عن الأشياء البسيطة من حولنا وجمالها المتألق الكائن فيها. 3- فيلم Certain Women للمخرجة كيلي رايكارد من بين جميع الأفلام الأميركية في هذه القائمة قد تجد أن Certain Women للمخرجة كيلي رايكارد هو الفيلم الوحيد الغامض الذي لم تسمع به من قبل، ويا له من عار أن تجهل واحداََ من أفضل الأفلام لعام 2016. تعرض رايكارد ثلاث قصص قصيرة من كتابات مايلي ميلوي، وقد تجد أن الثلاث قصص متداخلة فيما بينها بخيط رفيع، ولكن هذا لا يهم، فالوحدة العضوية الأكثر وضوحاََ بين القصص تظهر في أنها جميعاََ حزينة بشكل ما، وجميعها تناقش قضايا نساء يشعرن بالوحدة. مهما حاولت أن أشرح الرابط الذي صنعته رايكارد بين الثلاث قصص في كلمات، سأعجز حتماََ عن وصفه. وتماماََ الفيلم الأخير في هذه القائمة، تعتبر تلك الأفلام قصائد أكثر منها أفلاماً. تقوم ثلاث نجمات ببطولةCertain Women وهن، لورا ديرن وميشيل وليامز وكريستن ستيوارت. وقد قدمن جميعاََ أداءً رائعاََ، وجسدت كل منهن دور امرأة تصارع الحياة وتحاول فهمها دون الحصول على تعاطف من حولها. لذلك ستشعر أنهن حقيقيات، وبالرغم من كونهن غامضات بعض الشيء إلا أنك ستتبعهن بثقة. يأتي الأداء الأفضل في هذا الفيلم من أقل الممثلات نجومية وهي ممثلة تُدعى ليلي جلادستون. فهي تظهر في الجزء الثالث من الفيلم في مواجهة كريستن ستيوارت. يستحق هذا الجزء وحده مشاهدة الفيلم كاملاََ من أجله، وبالرغم من ذلك، فأحداثه الدرامية ليست ثقيلة (ليس جزءاََ بما تعنيه الكلمة)، وأريد أن أترككم لتشاهدوه بأنفسكم. وكان من الخلاب أن نرى تلك الشخصيتين تتقابلان في أحداث الفيلم. كان دور ستيوارت رائعاََ لكن دائماََ ما كانت جلادستون تخطف منها الأنظار بعيونها الحزينة وشخصيتها الرقيقة والقوية في الوقت ذاته. لم يكن هناك قصة أكثر مأساوية من تلك القصة، وقد ظهر نجاح رايكارد المُبهر من خلالها. شيء آخر يجب ألا نغفل عنه، وهو التصوير السينمائي، المساحات الشاسعة الخلابة التي تم التقاطها وتصويرها بفيلم 16 مليمتراً تجعل التجربة والمشاعر أعظم وأكثر تأثيراََ. 2- فيلم Toni Erdmann للمخرج مارن أد منذ عرضه في مهرجان كان نال "توني إردمان" العديد من الآراء النقدية الإيجابية. وجاء عدم فوزه بأي جائزة في المهرجان كالفضيحة، وقد أثارت قرارات لجنة التحكيم استياء الكثيرين، ومن وقتها والفيلم يُقابل بحفاوة بالغة أينما حلّ. ومن المتوقع حصوله على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي. فما موضوع هذا الفيلم إذن؟ أب (كثير المُزاح) يذهب لزيارة ابنته (سيدة أعمال جادة) في رومانيا. قد تتمتم متسائلاََ "حسناََ.. لم كل هذه الضجة حول الفيلم إذن؟" وهذا مشروع، فالقصة إذا عُرضت عليك بشكل موجز لن تجدها شيّقة وستتخيل حينها أن حفاوة النقاد بهذا الفيلم ما هي إلا مبالغة. القضية ليست كما تظن: فالرائع في هذا الفيلم أن حبكته الدرامية التي تبدو مفهومة بسهولة ومتوقعة تنقلب فجأة رأساََ على عقب، فتطيل بعض المشاهد بشكل مخالف لما تعوّدنا عليه في أفلام أخرى، وتلك المشاهد التي قد تظن أنها ستدخلك في عالم معين لا تدخله على الإطلاق. وتظل إنسانية الفيلم هي ما يميّزه. سوف يستطيع كل من يشاهد الفيلم أن يربط بينه وبين حياته الشخصية، فالفيلم به جمال عاطفي يسحرك، وينقلب فجأة ليصبح بشكل ما مُضحكاً. فيُعتبر أغلب الفيلم كوميدياً بشكل مباشر، غير أن المشاهد التي قد تشعر فيها من خلال الأحداث بعدم الارتياح أو المضايقة لها طابع كوميدي أيضاََ سيجعلك مستمراََ في الضحك. لم يُفضل مارن أد أن يملأ فيلمه بصور جذابة، وكبديل لذلك ترك الكاميرا تقوم بمهامها الفعلية الملموسة، وقد أعطى ذلك فرصة للشخصيات لتزدهر من خلال الأحداث. هناك مشهدان أجبرا الحضور على القيام للتصفيق أثناء العرض في مهرجان كان، أعتقد أنك ستعرفهم بنفسك في السينما، فهما من أفضل المشاهد وأكثرها تأثيراََ وإثارة بين مشاهد أفلام هذا العام. شيء أخير يجب ذكره هنا عن هذا الفيلم، وهو دوري بيتر سيمونتشيك وساندرا هولر اللذين قاما بأداء رائع تجلى في قدرتهما على توصيل الكثير من المشاعر المعقدة من خلال تصرفاتهما وتعبيرات وجهيهما، فلا شك أنهما هما من جعلا من ذلك الفيلم أعجوبة فنية. 1- فيلم Aquarius للمخرج كليبر ميندونكا فيليو لا شك في أن Aquarius فيلم جميل! منذ أن قام كليبر ميندونكا فيليو بإخراج فيلم "Neighboring Sounds" وقد عرف الجميع أنه سيكون أحد الموهوبين من بين صنّاع الأفلام، وها هو في 2016 يطل علينا بفيلم مختلف ومتشابه في آن واحد: Aquarius. هو قصة امرأة اسمها كلارا تعيش في مبنى كانت قد عاشت فيه لعقودِِ مضت، وهي آخر من تبقى به، لتأتي شركة إنشاءات وتحاول إخراجها من المبنى بكل السبل. وبالرغم من أن الكثيرين ممن يصفون الفيلم يقولون، وهم ليسوا مخطئين، أنه يجسد معاناة امرأة تحاول الحفاظ على سكنها، إلا أن Aquarius أكثر بكثير من ذلك، فهو عن الحياة والمرح والنوستالجيا والتقدم بالعمر والموسيقى ونسيم البحر العليل، وهو أيضاََ عن العائلة والبرازيل والمرأة. بالطبع تبدو أحداث القصة شيّقة للغاية، ولكن ماذا تفعل تلك القصة دون الأداء المحوري لسونيا براجا؟ فقد أبهرت الجميع في أدائها لدور دونا كلارا، امرأة في منتصف العمر، أكثر حيوية من أغلب البطلات الشابات لأفلام اليوم. وهي ليست فقط متألقة وحيوية وقوية بل أيضاََ حقيقية. تُذكرك كلارا بتلك المرأة في عائلتك التي تعرفها جيداََ، والتي لا تسمح لأي شيء بإحباطها. ماذا يفعل Aquarius بدون تصوير سينمائي جيد؟ أكسب التصوير هذا الفيلم المزيد من الثراء والألوان، فهو ليس واحداََ من تلك الأفلام المقيّدة الحاذقة كما تعودنا أن نرى من الأفلام الفنيّة. بل إننا نرى الكاميرا تقترب من بعض المشاهد بكل تلقائية، ونرى الألوان دائماََ ما تكون ساطعة في هذا الفيلم. ويبقى الأروع في صور هذا الفيلم أنك تكاد تشعر وكأنك تستطيع لمسها. في تلك المشاهد الخافتة التي نرى فيها الشاطئ بجوار الشارع، أو كلارا مسترخية على أرجوحتها الشبكية، يمكننا الشعور بنسيم المحيط ودفء الشمس ورائحة البحر الذي يتواجد بكثرة في الفيلم. ل"Aquarius" تصميم صوتي عظيم وموسيقى تصويرية تبعث على السعادة والتي قلما نجدها في السينما. إنه حقاََ فيلم جميل من بدايته لنهايته وسيتركك بعد الانتهاء من متابعته بابتسامة عريضة على وجهك.