من الاعتراضات الجديدة على نظام الإرث في الإسلام، ادعاء البعض أن الإرث بالتعصيب ظلم للمرأة؛ وهذا الادعاء ادعاء باطل، وينبئ عن جهل صاحبه، كما قال الدكتور مصطفى بنحمزة : "من وقعوا على هذه العريضة يشهدون على أنفسهم أنهم لا يعرفون شيئا من الشريعة أصلا، وأنهم لا يعرفون التعصيب. موضحا أن التعصيب ثلاثة أنواع؛ حيث يوجد التعصيب بالنفس، أو التعصيب بالغير، أو التعصيب مع الغير ، وهي الأنواع التي لا يعرفها الموقعون على العريضة". ومن قرأ النداء يجد رائحة الجهل طافحة، من أمثلة ذلك قول الموقعين: "فما الذي يسوّغ أن يستمر العمل بقانون التعصيب؟ علما بأن هذا القانون هو لا يجد له أي سند في القرآن الكريم، فضلا عن أنه لا يتناسب مع مقاصد الشريعة الإسلامية في تحقيق العدل بين الناس.". هكذا دون حجة أو دليل أو برهان أو تقعيد أو تأصيل. وقد شهد أهل العلم والإنصاف من المسلمين ومن غير المسلمين، على إنصاف الإسلام للمرأة حتى قال بعض الكتّاب: " لولا يقيني بأن الإسلام ينصف الناس جميعاً ويعدل بينهم، لقلت: إن الإسلام ينحاز إلى المرأة ويقف في صفها، ويؤثرها على الرجل". ولقد قال المفكر الغربي" غوستاف لوبون " عن ميراث المرأة في الإسلام: " إن مبادئ الميراث التي ينص عليها القرآن على جانب عظيم من العدل والإنصاف، ويظهر من مقابلتي بينها وبين الحقوق الفرنسية والإنجليزية أن الشريعة الإسلامية منحت الزوجات حقوقاً في الميراث لا نجد لها مثيلاً في قوانيننا ". ودون الدخول في التأصيل للتعصيب و الحكمة منه، نذكر بعض النماذج على حالات ترث فيها المرأة بالتعصيب ولنتأكد جميعا هل ظلمت أم أنصفت؟ – مات شخص وترك بنتاً وأخوين شقيقين، فالبنت لها النصف لانفرادها، ولعدم وجود من يعصبها، والأخوان الشقيقان يأخذان الباقي تعصيبًا بالتساوي بينهما، فيكون نصيب كل أخ شقيق الربع، وهنا يكون نصيب الرجل أقل من الأنثى. – مات شخص عن بنتين، وعمّين شقيقين، فالبنتان ترثان الثلثين فرضاً لتعدّدهنّ، ولعدم وجود من يعصبهن، بالتّساوي بينهما، فكل واحدة لها الثلث، والعمان الشقيقان يأخذان الباقي تعصيبًا، فيكون نصيب كل عم السدس، وهنا يكون نصيب الذكر أقل من الأنثى. – مات شخص عن ابن وبنت وأخوين شقيقين، فالابن والبنت يأخذان التركة كلّها، ويكون للذّكر مثل حظ الأنثيين، والأخوان الشقيقان لا يرثان شيئاً فقد حجبهما الفرع الوارث، فترث البنت ولا يرث الأخ الشقيق. – مات شخص عن بنت وأخت شقيقة، وترك أخاً لأب، وابن أخ شقيق وابن أخ لأب وعماً وابن عم، فإن الأخت الشقيقة مع البنت عصبة مع الغير في قوة الأخ الشقيق، تحجب ما يحجبه الأخ الشقيق، فتحجب كل هؤلاء الرّجال، وهكذا ترث البنت النصف فرضاً وترث الأخت الشقيقة النصف فرضاً ولا يرث الأخ لأب ولا أبناء الأخوة ولا الأعمام ولا أبناء الأعمام، وكلّهم ذكور. – من توفي عن بنت واحدة فقط ولم يترك غيرها من الورثة، فإن كل المال لها، النصف فرضا والباقي ردا. وبعد هذا السرد لهذه المسائل ننبه أن نظام التوريث الإسلامي تحكمه معايير: أولها: درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين. وثانيها: العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين. وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى، لكنه تفاوت لا يفضي إلى أي ظلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح. وفي الختام هل في استطاعة الموقعين أن يضعوا من قوانين وتشريعات تصل إلى مثل هذه الدقة والتوازن؟