عمل فني فريد من نوعه قدمه الفنان المغربي وعازف الساكسفون عبد الحق مبروك، يزاوج بين لون "جاز" العالمي والفلكلور المغربي "أحواش"، موضحا خلال ندوة صحفية عقدها أمس الجمعة بمراكش أنه يهدف بعمله إلى نقل التراث المغربي وثقافة الواحة التي يعبر عنها فلكور أحواش إلى العالمية. وقال مبروك خلال تقديمه للفيديو كليب الذي تم تصويره بواحات ورزازات إنه اعتقد في البداية أن فكرة إدخال آلة الساكسفون على فن أحواش عملا بسيطا، غير أن الموضوع تطلب منه ما يزيد عن عشر سنوات من البحث والدراسة، وواجه ندرة في المصادر والمراجع. وساهمت مصممة الملابس المغربية مليكة الكاف في إضفاء صبغة خاصة على الفيديو كليب الذي تم عرضه خلال الندوة الصحفية التقديمية للعمل الفني المذكور، وينتظر أن يتم نشره على "يوتيوب" في الساعات القادمة. وعملت مليكة المعروفة فنيا ب "نيديا مليكة" في تصميمها للزي الرئيسي للفنان مبروك خلال الفيديو كليب، على مزاوجة اللون الأبيض الذي يتخذه عادة الرجال لونا رئيسيا في اللباس الرسمي لفرق أحواش، ب"السلهام الورزازي" ذو اللون الأحمر الغامق، كما استبدلت الجلباب بزي يتكون من قميص وسروال. وقالت مليكة في كلمة لها بالندوة الصحفية، إنه رغم ضيق الوقت استطاعت أن تكون في الموعد وتتفوق في مهمتها بتصميم جميع الأزياء التي ظهرت في الفيديو كليب، مشددة على أنها عملت جاهدة على الإبداع في دائرة زي أحواش وطبيعة مدينة وارزازات. من جهته، أثنى الناقد الأدبي والسينمائي محمد شويكة على تمكن عبد الحق مبروك من الجمع بين فن أحواش وآلة الساكسفون، مؤكدا أنه وجد التلاؤم والتجانس الكبير في الفيديو كليب، معتبرا أن هذا العمل الفني أضفى لأحواش ذات اللون الخاص طابعا عالميا. وأضاف شويكة أن فن أحواش مرتبط بثقافة الواحة ويعبر عن طريقة تفكير ونمط عيش إنسان الواحة، وهو ما يجعله منحصرا في رقعة جغرافية محددة من المغرب، غير أن عبد مبروك ابن مدينة ورزازات الذي نشأ في وسط فني أوصل هذا الفلكلور إلى العالمية، مشددا على أن آلة الساكسفون تعتبر آلة فريدة من نوعها حيث ساهمت في إضفاء الصبغة العالمية على عدد من الألوان المحلية. بدروه، اعتبر أستاذ الفلسفة والباحث عمر مرابط أن العمل الذي قدمه مبروك تجربة تسحق الاهتمام والدراسة والتحليل، معتبرا إياه بمثابة نص فني كثيف، ويحيل على عدة اعتبارات في المجال الثقافي والفني. وبالحديث عن أحواش، يقول مرابط، يعتبر الإنتاج الثقافي الرئيسي للواحة التي أنتجت القصور والزربية وغيرها، وأوضح أن كلمة أحواش في دلالتها اللغوية الأمازيغية تعني "إزالة القلق والكدر"، كما تعبر عن عمل جماعي يتكون من ثلاث ركائز، وهي الإيقاع والغناء والرقص. وأشار إلى أن الإيقاع في أحواش من اختصاص الرجال دون النساء، الذين يجلسون بشكل دائري مغلق، في وقت النساء تشكلن دائرة مفتوحا، وهو ما يحيل أنثربولوجيا على أن حركة النساء داخل الواحة مفتوحة وحرة، وأن المرأة تعد عنصرا أساسيا يرجع إليها في جل أعمال الواحة، فيما تكون حركة الرجل أقل دينامية. وأضاف أن أحواش تعني كذلك شكلا من الزي غير أن هذا الزي عرف تطورات كثيرة مع مرور الوقت، مفيدا أن الأصل في لباس النساء المشاركات في رقصة أحواش عدم وحدة اللون كما الحال اليوم، حيث كانت النساء تتنافسن في التجمل والإبداع من أجل الظهور في أحسن حلة.