مرت شهور على فصل الشتاء الغاصب ، مرت اسابيع على سكان الشوارع المدينة، هذه كلمات و بعض الحروف انسجها لتكوين حكاية التشرد . التقيت بمتشرد في إحدى الشوارع المدينة ، كان الجو باردا و كانت الأمطار تتهاطل، كنه لم يكن يبالي و لا يشعر بشيئ . سألته عن حياته و عن صحته ، كانت الإجابة صادمة و غريبة بنسبة لي ، لأنه أجابني بجواب طويل المعنى و قصير الحروف و العبارات العربية ، لكنه دق اجراس عقلي و شرايين قلبي. قال: أنا منذ 45 سنة و انا في شارع هو صديقي و موطني ، سقط عليا الثلج في جبل، سقطت عليا أغصان الشجر ، و ثم سقط عليا الحجر . كانت هذه الكلمات عبارة عن ماساة رجل نضال من اجل وطنه ، رجل كان في الجيش ، رجل قام بمراقبة الحدود لمدة 15 سنة حكاية لم تكن صغيرة . رجل أسود الشعر ، أبيض البشرة ، نحيف الجسم ، قوي العضلات،و قصير القامة . لم أكن أعلم مدى قسواتي البرد عليهم إلا بعد أسابيع من هذه الكلمات . كانت الحقيقة مألمة ، أما حكايتي معهم بدأت بالقوة بعد 3 أسابيع في شهر دجنبر ، كنت اتحول مع اخي في المدينة العتيقة بتطوان على تمام الساعة 2 ليلا ، جاء في عيني شيئا أسود لون في حديقة عمومية تحت المطر ، اقتربت شيئا فشيئا من ذلك الجسم . نداها أخي من هناك ، من هناك . لم تتكلم لكن ذلك الجسم تحرك، انخلع قلبي ، صدمة كبيرة ما هذا الشيئ ؟؟ مرت بضع ثواني حتى رمت ذلك العطاء . ظهرت إمرأة فائقة الجمال ، رغم كبر سنها تذكر مثال مغربي قديم (إلا مشا زين يبقي حروفوا) بهذه الكلمات تمتمت، كان الجو باردا جدا حتى بدأت عيني تدمع بشدة ألم ، فضلت لو تكلمت معها عن نفسها لكنها ظنت أنني احمق أو سارق و مختل عقليا بسببي لباسي و حركات . بدأت كل ليلة اخرج إلي الشارع أتمشى ،اتكلم معهم و ادردش قليلا حتى اصبحت واحدا منهم.