واقع مرير رصدته عدسة شباب شاركوا في قافلة حقوقية إعلامية زارت مجموعة من الرحل كانوا عالقين وسط الثلوج، بجماعة "تلمي" ضواحي إقليم تنغير، حيث وقفوا على الأضرار والخسائر التي خلفتها الثلوج، واستقوا قصص معاناتهم طيلة ثلاثة أسابيع من حصار الثلوج. وتوصلت جريدة "العمق" بشريط فيديو، أنجزه المشاركين في القافلة التي انطلقت فكرتها من تفاعل شباب على "فيسبوك" و"واتساب"، أكد خلاله "زايد عدوش" وهو أحد الرحل الذين كانوا عالقين وسط بمنطقة "أمسمرير"، "كنا قاب قوسين من فقدان الأمل، فعلا أخذنا احتياطات لمواجهة الثلج، لكن فوجئنا بكميته واستمراره أكثر من المعتاد، وبدأت المؤونة تنفذ والبرد يشتد، وانقطعت الاتصالات بأهلنا في الدوار، كان ذلك صعبا". ويقول زايد الذي كان هو وزوجته ضمن نحو ثلاثين عائلة كانت عالقة بين الثلوج الأسبوع الماضي بتيلمي، "ليس لدينا مكان نذهب إليه، ولا نعرف مهنة غير رعي الغنم"، وحول عدم مغادرتهم للمكان خلال فترة التساقطات الثلجية بالرغم من التحذيرات أضاف قائلا: "حتى ولو علمنا بتساقط الثلوج، إلى أين نذهب، هل نذهب إلى أراضي الغير ليطردونا منها". وتابع المتحدث ذاته، "هذه أرضنا وهكذا نعيش" "تعبنا من هذه الحرفة لكن ليس هناك بديل" ويضيف "نتمنى من الدولة ان تغيثنا ببعض الدعم والأعلاف، وإلا هلك ما تبقى من قطيعنا وأفلسنا". ويسترسل في الحديث قائلا: "الأمر كان استثنائيا، لم نعهده أبدا، فعلا هناك رحل غادروا المكان، لكننا فضلنا البقاء، لأننا لم نتوقع أن تكون التساقطات بهذه الكمية، وكذلك لأن المناطق التي نرعى فيها عادة في هذا الوقت ليست معشوشبة بما فيه الكفاية لنرحل اليها"، مضيفا "هناك شيوخ من الرحل أكدوا لنا أن مثل هذه التساقطات لم تحدث منذ الستينيات عندما توفي رحل أيت سيمو بمنطقة أوسيكس بالثلوج شهر مايو". من جهتها، قالت زوجة "زايد عدوش"، "ليس لدينا لا كهرباء ولا مذياع، والهاتف لا يعمل كي نخبر الأهل والأصدقاء بمحاصرتنا ومكاننا"، مضيفة ردا حول تشكيك البعض واتهام الرحل بالمبالغة في الاضرار للحصول على الدعم والمساعدات فقط "هل هناك من يسعد بالاستجداء وادعاء الفقر". وحيدة مع حفيدتيها الصغيرتين، داخل كوخها المصنوع من الحجارة، والمكون من غرف للماشية وغرفة للطبخ، وجد المشاركون في القافلة الحقوقية، العجوز "عائشة" التي تعاني من ضعف البصر، حيث قالت ردا على سؤال لهم عن كيف يتدبرون حالات مرض أحدهم أو قرب ولادة حامل "نبقى صابرين إلى أن نشفى أو نهلك". وردا على المشككين في نسبة الخسائر والأضرار نتيجة التساقطات الثلجية، يقول أقجي محند، فاعل مدني بامسمرير، "فعلا هناك من يبالغ، وهناك بعض التحسن، لكن الآن وقعت الكارثة، (إجرى بو يستيغن إسول خوب ن واضو )، هناك فعلا حالات فقر مدقع ومعاناة حقيقية لا يمكن إنكارها أو إخفاؤها، فمن يعيش مثلا من رعي بعض المواشي، وتوفيت كلها بموجة الثلج، ولا يملك مسكنا، ماذا سيكون مصيره، لقد انتهى أمره ما لم يتدخل أحد لمساعدته". مجهودات ومشاريع في الأفق من جانبه، قال أحساين اوعنوز، رئيس المجلس الجماعي لتلمي، أن الجماعة التي تعتبر من الجماعات القروية الفقيرة، والتي يمثل الرحل نسبة مهمة من السكان، بإمكانياتها القليلة والإمكانيات التي وفرتها مصالح الإقليم ومجموعة الجماعات، قامت بمجهودات هامة لفك الحصار وإغاثة المحاصرين بالثلوج، بمعية المصالح والسلطات الاقليمية". وأضاف أعنوز أنهم برمجوا ضمن برنامج عملهم إنشاء مأوي جماعية للرحل، وتصور للدعم المباشر للرحل، كما أبرز أهمية الترافع من أجل إضافة باب خاص بالطوارئ والإغاثة في الكوارث ضمن ميزانيات الجماعات الترابية، لأن المجالس المنتخبة تجد مشكلا لصرف أو تحويل الاعتمادات في مثل هذه الحالات". وأشار المصدر ذاته، أنه تم إنشاء لجنة لتقييم وتتبع الخسائر والأضرار بهذا الخصوص للترافع لدى الجهات الوصية لعل المتضررين يستفيدون من بعض الإعانات. في الحاجة إلى "خريطة" و"بنك معلومات" حول الرحل ويؤكد كريم إسكلا، رئيس مرصد دادس للتنمية والحكامة الجيدة، "من خلال رصدنا لواقع الآثار السلبية لموجة البرد والثلوج الأخيرة على الرحل وسكان المناطق الجبلية بمنطقة أمسمرير وتيلمي، واجهنا مشكل تضارب الأرقام والتصريحات في الكثير من الأحيان، وصعوبة قياس وتحديد الخسائر والأضرار، خاصة على مستوى نفوق المواشي، إذ اكتشفنا أنه ليست هناك إحصائيات دقيقة للرحل، وغياب لسجلات دقيقة لتصنيفهم ووضع خريطة لتنقلاتهم وأماكن رعيهم وعدد الماشية التي يمتلكون". وأضاف إسكلا، في تصريح لجريدة "العمق" "اكتشفنا كذلك أن نسبة الرحل الفعليين تتناقص، أي الرحل الذين لا يستقرون ولا يملكون مساكن ويعشون على الترحال فقط، وظهرت فئة يمكن أن نسميهم "نصف رحل" أي رحل استقروا حديثا ببعض الدواوير أو قربها ويملكون مراعي، قد تكون قريبة أو بعيدة، وتكون العائلة مقسمة الى مجموعتين، ثم فئة الكسابين الذين يقومون فقط بالرعي ومراقبة قطعان يمتلكها أشخاص اخرون مستثمرون". ويضيف كريم إسكلا "يتطلب الأمر أولا، وضع ما يمكن أن نسميه بنك معلومات عن الرحل بالمنطقة، الى جانب خريطة لأماكن تواجدهم وتنقلاتهم مرتبط بالأقمار الاصطناعية، وكذا وضع منظومة تواصلية للطوارئ ودراسة المخاطر بتشارك معهم حتى يمكن تجنب فقدان الاتصال بهم أو تحديد أماكنهم".