صور وفيديو: مراد ميموني من رحم المعاناة "الثلوج حاصرتنا لمدة 22 يوما..هنا قسوة الطبيعة..هنا المعاناة"، هكذا لخص حساين موحدا، واحد من بين المئات من الرحل، في جماعة تلمي على الحدود بين تنغير، وميدلت، مأساة المغاربة الرحل، الذين يعيشون حياة "خارج التاريخ"..الطبيعة مصدر رزقهم، ومصدر ألمهم أيضا. موحدا، كشف ل"اليوم24″، الوضع المزري للرحل، وقال: "الرحل يعانون كثيرا من الثلوج.. لقد تكبدوا خسائر كبيرة في الماشية، ولا يعرفون ممارسة حرفة غير امتهان الكسب، وإذا ماتت ماشيتهم سيعانون كثيرا لأنهم لا يعرفون حرفة أخرى". وكشف المتحدث نفسه، أنهم فقدوا في الموقع الذي يتواجد بالقرب منه، 100 رأس على الأقل من الماشية، ولازالت الماشية تموت بسبب هذا الوضع، رغم أن الجماعة قامت بفتح المسالك ووزعت عليهم بعض الأعلاف. على بعد عدة كلمترات، مرورا بمركز أمسمرير، وعبر طريق غير معبدة، وأمام المستشفى العسكري الذي نصب بمركز الجماعة، للتخفيف من معاناة الساكنة، يقع "كوخ"، عائشة داوود، التي تعيش هي الأخرى حياة الترحال، في هذه الجبال التي تخالها تقترب من ملامسة السماء. "3 أيام ونحن محاصرون تحت الثلوج، حتى تدخل رجال القبيلة"، تقول داوود التي فقدت زوجها السنة الماضية، ل"اليوم24″ قبل أن تضيف :"كنت لوحدي مع بناتي، والكل هناك كان حريص على أبنائه.. وفقدنا هناك بسبب الثلوج 3 جمال و 4 حمير، التي كانت وسليتنا المستخدمة في النقل". ولم تكن مناطق الرحل وحدها من حاصرتها الثلوج فحتى التجمعات السكانية الواقعة في السفوح:"كنا نفكر فقط في فك العزلة عن الدوار، حتى جاءتنا صرخة تفيد أن هناك رحلا محاصرين في منطقة افري اوراغ، على بعد ساعتين من المشي على الأقدام من مركز أمسمرير"، يقول عبد الموجود أمبارك، الذي عايش الحصار الذي فرضته الثلوج طوال الأسبوعين الماضيين على هذه المناطق، والذي لم يفك إلا بشق الأنفس، بعدما كادت الثلوج أن تفتك بحياة عدد من الرحل. القبيلة تتدخل بعد توصلهم بنداء الإستغاثة، توجه السكان إلى السلطات والجماعة، من أجل التدخل بواسطة المروحية بحسب عبد الموجود، لكن الأحوال الجوية لم تكن تسمح وحتى الآليات لا يمكنها أن تسلك المسالك المؤدية إليهم، والتي كانت مقطوعة بسبب تراكم الثلوج بشكل لم يشهده سكان هذه المناطق منذ عقود: "حينها تطوع أشخاص من قبيلة إمنوارك وبالتنسيق مع رئيس جمعية الرحل، ومجموعة من الأشخاص في إطار الاذرع البشرية، من أجل إنقاذ هؤلاء الرحل من ذلك المكان، والذين أحضروهم بين الحياة والموت"، يضيف عبد الموجود. وبحكم العلاقات الإجتماعية التي تربط بعض نساء الرحل ونساء بعض التجمعات السكنية من خلال تبادل بعض المنافع، تدخلت نساء هذه التجمعات أيضا لتقديم الدعم والمؤازرة، حسب نفس المتحدث. أرقام وخسائر كبيرة حسب حساين أعنوز، رئيس جماعة تلمي، فإن عدد سكان جماعته أكثر من 12 ألف نسمة، حوالي 35% من السكان، يعيشون حياة الترحال. ورغم أن الإحصائيات حول الخسائر التي تكبدها الرحل في مواشيهم غير متوفرة، فإن العديد منهم يؤكدون بأنهم فقدوا العشرات بل المئات من رؤس الماشية: "هناك رحل صرحوا بأنهم فقدوا 200 رأس و 150 و100 رأس من الماشية، كل واحد حسب وضعيته وخاصة في صفوف قطيع الماعز". هذه مطالبنا إذا كان أعنوز، يؤكد بأنه سيترافع من أجل أن تعوض وزارة الفلاحة، الرحل الذين فقدوا مواشيهم، فإن عائشة داوود، تقول بأن الدعم الذي وصلهم حتى الآن هو بعض أكياس الأعلاف التي حصلت عليها بمساعدة أبناء المنطقة. مطالب الرحل وسكان هذه المناطق حسب عبد الموجود، لا تقف في الحقيقة عند التعويض والمساعدات، وإنما تتعداها إلى بناء مأوى لهم في المناطق الجبلية التي يرتادونها، للاحتماء فيها من ظروف الطبيعة القاسية، وهذا ليس بالأمر الصعب إذا ما توفرت الإرادة السياسية لدى الجماعة والمجلس الإقليمي والجهة والبرلمانيين، بحسب نفس المتحدث. وإذا كان الناس في المدن والقرى على الأقل يمكنهم أن يبعثوا بأولادهم إلى المدارس، فإن داوود تتمنى أن تبعث هي الأخرى بنتيها عندما تبلغان سن التمدرس إلى المدرسة، لكن هذه الحياة وظروفها القاسية يجعل هذا الأمر غير ممكن، وحتى إذا فكر الرحل في إرسال أبنائهم إلى المدرسة وفق حسن أدار، رئيس جمعية أمسسا للتنمية الشاملة، بأمسمرير، فإن المدارس بعيدة كلمترات عديدة. حتى نشاط الكسب هذا لم يعد في نظر الرحل أنفسهم مجديا، حتى أن عائشة داوود أبدت استعدادها لترك هذا النشاط لو توفرت لها الفرصة لذلك، ويؤكد أدار أيضا بأن المراعي لا تسمح بأن يكون القطيع في صحة جيدة وهو ما يؤشر على أن المراعي تراجعت ولم تعد تكفي لرعي المواشي.