في اللحظة التي تستمر فيها الجارة الجزائر تصرخ ببوق خارجيتها: "المغرب فاعل .. المغرب تارك"، كان وزيرها الحاج عبد القادر مساهل يكثر من الترماش تحت نظارته من أثر "البلية"، فالسيغار الهافاني لم يعد حلوا بعد رحيل الرفيق فيديل كاسترو، الذي كان من زبانيته، عفوا، من زبائنه الأبرار، بومدين وبوتفليقة، اللذان لهما طريقتهما المعروفة في نفث دخان السيغار. الأول لطول قامته كان ينفثه تحت، والثاني لقصر قامته كان ينفثه فوق، لكن الأخير كان غالبا ما ينهي نفثه بالسعال القوي لضيق صدره. أما الحاج عبد القادر مساهل فإنه "مبلي" لدرجة أنه جلس يوم الخميس يُرمش بسرعة قياسية أمام هورست كوهلر، المبعوث الأممي إلى صحراءنا، خلال لقاء جمعهما بالعاصمة الألمانية برلين، اللقاء الذي لم يكن بالشكل والأهداف المرجوة التي تريدها الجارة الخَصُوم في ملف قضيتنا الوطنية، خصوصا وأن ألمانيا لم تعد اليوم هتلرية ولا نازية تحتاج إلى جنود غلاظ شداد أقوياء من المغرب الأقصى، للدفاع عن مصالحها الأوروبية، بل أضحت بلدا آمنا مؤمنا بالسلام الذي نادى به شاعرها العظيم غوته. وزادت حرقة البلية لدى الحاج عبد القادر عندما عرض أمامه المبعوث الأممي نتائج المشاورات التي أجراها مع الرئيس الرواندي بول كاغامي، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي ومسؤولين من مفوضية الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، الذين حبذوا الحكم الذاتي في إطار جهوية موسعة في صحرائنا المغربية. وما سيزيد بلية الحاج مساهل بلة، علمه من كوهلر بمساهمة الاتحاد الإفريقي في تسوية النزاع حول الصحراء على ضوء الدعوة التي أطلقها الاتحاد الإفريقي من قمته الأخيرة، مطالبا باستئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب وأبناء صحرائه الغاضبين، أولئك الشبان الذين سممتهم جزائر بومدين وليبيا القذافي، زمن الحرب الباردة، وسمتهم جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. وسيضيق صدر الحاج مساهل كثيرا، وستزيد رغبته إلى طلب البلية أكثر، حين علمه أن فخامة الرئيس دونالد ترامب، رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، قرر تخفيض مساهمات بلاده لبعثة القبعات الزرق؛ "المينورسو"، الموجودين حاليا بمدينة العيون للإشراف على عملية وقف إطلاق النار بين بلدنا وخصوم وحدته الترابية. والفاهم يفهم!