بعد الهزيمة المدوية التي مني بها اليمين المتطرف في انتخابات الرئاسة بالنمسا، تزايدت حدة التهجم على الإسلام والمسلمين من طرف منظمات وهيئات كانت تدعم المرشح اليميني "هوفر" في انتخابات دجنبر. وخرجت مظاهرة أمس الأحد شارك فيها العشرات من أعضاء الحركة النمساوية المتطرفة التى تطلق على نفسها "حركة هوية النمسا" في وسط مدينة "جراتس" عاصمة مقاطعة "شتايرمارك"، رافعين شعارات ضد النقاب ومطالبين بوقف ما أسموه بمحاولة "أسلمة" البلاد. وردد المتظاهرون، هتافات مسيئة للإسلام والنقاب والحجاب، بجانب شعارات مناهضة للأجانب والمسلمين، حاملين لافتات كتبت عليها عبارات من قبيل "هل النقاب هو مستقبلنا"، و"أوقفوا الأسلمة". واعتبر المتظاهرون أن "السياسيين والإعلام والخبراء والقساوسة روّجوا لأعوام طويلة أن التكامل الثقافي والتعدد الديني سيحقق إسهامات للبلاد"، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر فقدانهم لدينهم وثقافتهم، حيث يتكاثر المسلمون في أوربا وتتكاثر كذلك مساجدهم وجمعياتهم، مطالبين الرئيس الجديد باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لوقف الزحف الإسلامي نحو أوربا، حسب وصفهم. وكان المرشح المستقل "ألكسندر فان دير بيلين"، قد تصدر الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية النمساوية التي جرت يوم الأحد 4 دجنبر الجاري، متقدما على منافسه مرشح اليمين المتطرف "نوبرت هوفر"، وسط فرحة عارمة للجالية المغربية والجاليات المسلمة. وتقدم "فان دير بيلين" الذي يعتبر الإسلام جزءاً من النمسا ويدافع باستمرار عن المسلمين واللاجئين، نتائج الانتخابات بنسبة 53.6 في المائة من الأصوات، مقابل 46.4 في المائة ل"هوفر". وأقر اليمين المتطرف بهزيمته، حيث قال الأمين العام لحزب الحرية "هربرت كيكل" للتلفزيون النمساوي: "أرغب في تهنئة فان دير بيلين بهذا الفوز"، كما هنأ المرشح اليميني "هوفر" خصمه "فان دير بيلين" بفوزه. الناشط السياسي المغربي عبد العاطي كريمي، كان قد قال في تصريح لجريدة "العمق" من داخل مكتب المرشح الفائز، إن هناك فرحة عارمة تسود النمساويين وخاصة الجاليات المسلمة بفوز "فان دير بيلين"، مشيرا إلى أن عددا من أفراد الجالية المغربية أذرفوا الدموع تعبيرا عن فرحتهم. وأضاف أن النمسا الآن تجاوزت مرحلة الخطر، مشير إلى أنه لأول مرة توجهت الجاليات المسلمة بكثرة لمراكز التصويت من أجل انتخاب الرئيس "دير بيلين"، وذلك لأن الكل كان يشعر بالخطر، وفق تعبيره. كريمي أشار إلى أن المرشح الفائز "فان دير بيلن"، له مواقف إيجابية مع المسلمين، ويعتبر صديقا للجالية المغربية بالنمسا، مشددا على أنه أكد أكثر من مرة على أن الإسلام جزء من النمسا، كأول دولة أوربية تعترف بالإسلام رسميا. واعتبر أن الجالية المغربية ومعها الجاليات المسلمة في النمسا، صوتت على "دير بيلين" لأنه "يمثل صورة النمسا التي عرفناها، النمسا التي تكرس التعدد الثقافي العرقي وتحترم الحريات والديانات، وتقوم على التسامح والتكافل الاجتماعي الإنساني".