تصدر المرشح المستقل، "ألكسندر فان دير بيلين"، الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية النمساوية التي جرت اليوم الأحد، متقدما على منافسه مرشح اليمين المتطرف "نوبرت هوفر"، بعد فرز 90 في المائة من الأصوات حسب التلفزيون النمساوي الرسمي، وسط فرحة عارمة للجالية المغربية والجاليات المسلمة. وتقدم "فان دير بيلين" الذي يعتبر الإسلام جزءاً من النمسا ويدافع باستمرار عن المسلمين واللاجئين، نتائج الانتخابات بنسبة 53.6 في المائة من الأصوات، مقابل 46.4 في المائة ل"هوفر"، في انتظار نتائج الدوائر المتبقية. وأقر اليمين المتطرف بهزيمته، حيث قال الأمين العام لحزب الحرية "هربرت كيكل" للتلفزيون النمساوي: "أرغب في تهنئة فان دير بيلين بهذا الفوز"، كما هنأ المرشح اليميني "هوفر" خصمه "فان دير بيلين" بفوزه. فرحة الجاليات الناشط السياسي المغربي عبد العاطي كريمي، قال في تصريح لجريدة "العمق" من داخل مكتب المرشح الفائز، إن هناك فرحة عارمة تسود النمساويين وخاصة الجاليات المسلمة بعد ظهور النتائج الأولية، مشيرا إلى أن عددا من أفراد الجالية المغربية أذرفوا الدموع تعبيرا عن فرحتهم. وأضاف أن النمسا الآن تجاوزت مرحلة الخطر، مشير إلى أنه لأول مرة توجهت الجاليات المسلمة بكثرة لمراكز التصويت من أجل انتخاب الرئيس "دير بيلين"، وذلك لأن الكل كان يشعر بالخطر، وفق تعبيره. وتابع قوله: "تلقينا هذا الفوز غير المنتظر ببكاء ودموع وفرحة كبيرة للجاليات المسلمة بهذا الفوز غير المنتظر"، لافتا إلى أن "دير بيلين" هزم اليميني في معاقله، "وهذا دليل على أن النمسا ترفض التطرف وستكون بوابة خير لأوروبا"، حسب قوله. وأوضح كريمي أن الرئيس الفائز كان ذكيا في حملته الانتخابية التي استعملت فيها جميع الوسائل، واصفا "دير بيلين" بأنه رئيس جميع الديانات والاتجاهات والجاليات وجميع النمساويين، مبديا اعتزاز المسلمين في النمسا به. رئيس يدافع عن الإسلام كريمي أشار إلى أن المرشح الفائز "فان دير بيلن"، له مواقف إيجابية مع المسلمين، ويعتبر صديقا للجالية المغربية بالنمسا، مشددا على أنه أكد أكثر من مرة على أن الإسلام جزء من النمسا، كأول دولة أوربية تعترف بالإسلام رسميا. واعتبر أن الجالية المغربية ومعها الجاليات المسلمة في النمسا، صوتت على "دير بيلين" لأنه "يمثل صورة النمسا التي عرفناها، النمسا التي تكرس التعدد الثقافي العرقي وتحترم الحريات والديانات، وتقوم على التسامح والتكافل الاجتماعي الإنساني". وأوضح المتحدث، أن "فان دير بيلن" يقدس العنصر البشري بعيدا عن وساخة الإثنيات، وقد استقبل اللاجئين الذين توافدوا على البلاد بحفاوة كبيرة، عكس منافسه اليميني "هوفر" الذي يعتمد خطابا عنصريا عدائيا يعادي الأجانب بشكل عام، ويكره الإسلام والمسلمين بشكل خاص، حسب قوله. وأضاف أن "فان دير بيلن" قال في تجمع جماهيري بوسط العاصمة النمساوية فيينا، خلال افتتاح الحملة الانتخابية، بمشاركة أطياف واسعة من المجتمع المدني والأجانب المجنسين، (قال) إن هناك صدمة كبيرة بانتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية مع احترامه لنتائجها، محذرا من "انتقال هذه العدوى إلى أوربا، وألا تصبح النمسا بداية للتطرف اليميني في القارة العجوز"، حسب قوله. وأضاف المتحدث الذي يُعتبر مقربا من الجالية المغربية وصديقا للمسلمين، أنه سيكون رئيسا لجميع النمساويين بتعدد أشكالهم وألوانهم وديانتهم، مشيرا إلى أن النمسا يجب أن لا تفقد لونها الحيادي وتوجهها الدولي، لأنه بتولي اليمين المتطرف زمام الأمور يكون مصير الدولة والشعب إلى الهاوية، وفق تعبيره. إعادة الانتخابات وكانت المحكمة الدستورية النمساوية، قد ألغت في يوليوز الماضي، نتائج انتخابات الرئاسة بعد أن تقدم حزب الحرية اليميني المعادي للأجانب والمسلمين، بطعن في نتائجها، بذريعة وجود مخالفات كثيرة في عملية فرز بطاقات الاقتراع المرسلة من خلال البريد، وذلك بعد أن فاز المرشح المستقل والزعيم السابق لحزب الخضر "ألكسندر فان دير بيلن"، بالمرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة نهاية ماي الماضي، بعدما حصل على 50,3% من أصوات الناخبين، متقدما على منافسه "هوفر" بنسبة 0,6% فقط. وقررت المحكمة المذكورة إعادة إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية اليوم الأحد، حيث كان يحظى المرشح "فان دير بيلن" بدعم الرئيس الحالي للنمسا، هاينز فيشر، الذي حث المواطنين على التصويت بقوة على "بيلن"، إضافة إلى الدعم القوي الذي يحظى به بين المسلمين واللاجئين في البلد. يُشار إلى أن النمسا أول دولة أوربية تعترف بالإسلام رسميا، حيث تمنح المسلمين مكاسب واضحة، مثل وجود هيئة تمثلهم رسمياً أمام السلطات، وإمكان حصول مؤسساتهم التعليمية والتربوية والاجتماعية على مساعدات مالية رسمية عالية، وإدراج مادة التربية الدينية الإسلامية للتلاميذ المسلمين في المدارس العامة، حيث يتلقى أكثر من 40 ألف تلميذ مسلم في النمسا حالياً، تعليماً إسلامياً على أيدي مائتي معلِّم مسلم، تشرف عليهم الهيئة الدينية الإسلامية.