خلف القرار الذي اتخذه رئيس مجلس المستشارين رفقة رئيس اللجنة المؤقتة لتقصي الحقائق حول صندوق التقاعد عزيز بنعزوز عن حزب الأصالة والمعاصرة، والقاضي بمتابعة أربعة صحافيين نشروا خبرا يتعلق بعمل اللجنة بالإضافة إلى مستشار برلماني، موجة من الغضب في صفوف الجسم الإعلامي المغربي. واعتبر عدد من الإعلاميين، أن متابعة بنشماش وبنعزوز لأربعة صحافيين ومستشار برلماني عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، هو أمر يهدف إلى اخراس الصحافة ومنعها من حق دستوري يضمن حق الحصول على المعلومة، معبرين عن أسفهم لخطوة المتابعة التي قد تصل عقوبتها ل 5 سنوات سجنا. وفي هذا السياق، وصف الإعلامي السابق وأستاذ القانون الدستوري عمر الشرقاوي متابعة هؤلاء الصحافيين ب "العبث والمسخ والقبح"، مستغربا من متابعة الصحافيين عوض متابعة من كانوا سببا في نهب ملايير صندوق التقاعد، وهو الشيء الذي دفع برئيس الحكومة السابق إلى اعتماد "إصلاحات مكفسة"، بحسب تعبيره. وعبر الشرقاوي في تدوينة على صفحته بفيسبوك عن أسفه لاقحام الصحافيين المتابعين في صراع بين البيجيدي والبام بسبب عمل اللجنة، مشددا على أن الصحافيين مارسو فقط مهنة البحث عن الخبر ولا شيء آخر، مؤكدا أن تجريم الحديث عن مضمون اجتماعات لجنة التقصي هو عبث قانوني يتحمله برلمان بنكيران وحكومته التي أعدته. من جهته، اعتبر الصحافي يونس مسكين أن إعلان وكيل الملك متابعته لهؤلاء الصحافيين بسبب الخبر الذي نشروه عن لجنة تقصي الحقائق، أثبت أن "الصحافيين عُراة"، وأن كتب التنظير لحرية التعبير والصحافة والمواثيق الدولية والعهود الأممية وقانون الصحافة والنشر، كل ذلك مجرد هباء منثور لا يحول دون جرجرة ربطة صحافيين ومعهم برلماني نحو قفص الاتهام كأي قطاع طرق أو تجار مخدرات. وأبرز الصحافي بيومية "أخبار اليوم" في تدوينة على صفحته بفيسبوك أن "ما يقع في المغرب منذ شهور له معنى واحد: لا وزن لدستور ولا قوانين ولا مؤسسات ولا ثوابت. هي الفوضى والعبث وعربدة الأقوياء المهيمنين". يشار إلى أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، قرر أمس الثلاثاء، متابعة برلماني بتهمة "إفشاء السر المهني والمشاركة في نشر معلومات تتعلق بعمل لجنة تقصي الحقائق حول التقاعد"، واستدعاء 4 صحافيين للمثول أمام المحكمة بتهمة "نشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق". ويتعلق الأمر بكل من المستشار البرلماني عن الكنفدرالية الديمقراطية عبد الحق حيسان، والصحافيين محمد أحداد، عبد الحق بلشكر، كوثر زاكي، عبد الإله ساخير. الصحافي أحداد أوضح في تدوينة له أن هذه التهمة التي وُجهت لهم تتراوح مدة عقوبتها ما بين عام حتى خمس أعوام سجنا نافذة مع غرامة مالية، مشيرا إلى أن الجلسة الأولى للمحاكمة ستكون يوم 25 يناير الجاري بالرباط. يأتي ذلك بعدما كانت مصادر متطابقة قد كشفت أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، استدعت، عبد الحق حيسان، قصد الاستماع إليه بسبب "تسريب معلومات عن عمل لجنة تقصي الحقائق الخاصة بالتقاعد"، هذه الأخيرة تم تشكيلها من قبل مجلس المستشارين حيث كان حيسان عضوا بها. يُشار إلى أن الصحافيين المذكورين كانوا قد تطرقوا في مواد صحفية إلى موضوع عمل لجنة تقصي الحقائق حول ملف التقاعد بالمغرب، حيث تقدم رئيس لجنة تقصي الحقائق عزيز بنعزوز بشكاية إلى رئيس مجلس المستشارين حكيم بن شماس، قبل أن يحولها الأخير إلى وزير العدل السابق مصطفى الرميد. وينص الظهير الشريف رقم 1.14.125 المتعلق بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 085.13 حول طريقة تسيير اللجان النيابية، على المعاقبة ب"غرامة من 1.000 إلى 10.000 درهم وبالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص قام، مهما كانت الوسيلة المستعملة، بنشر المعلومات التي تولت اللجنة جمعها، وتضاعف العقوبة في حالة نشر المعلومات المتعلقة بمضمون شهادات الأشخاص الذين تم الاستماع إليهم، وذلك دون الإخلال، عند الاقتضاء، بالعقوبات الأشد التي قد يتطلبها تكييف الفعل الجرمي".