الكثيرون ممن تعاطف مع البيجيدي أو دعمها خلال محطة انتخابات 7 أكتوبر سواء من المحافظين أو اليساريين سيخرج بخلاصات متأخرة بعد مؤتمر الحزب الذي أفرز رئيس الحكومة أمينا عاما للحزب ونفس الخلاصات قد يخرج بها مناضلوا وأعضاء هذا الحزب، لكن في المقابل كمتتبع للشأن الحزبي في هذه البلاد السعيدة أورد بعض الملاحظات السريعة: 1- قبل البلوكاج وحتى ولو كان بن كيران رئيسا للحكومة كان سعد الدين العثماني مرشحا فوق العادة للأمانة العامة للبيجيدي، ولكن ما لم يكن يتوقعه الجميع هو أن يكون سعد رئيسا للحكومة. 2- أغلب أنصار البيجيدي سواء من كان مع الولاية الثالثة أو ضدها انخرطوا بقصد أو بدون قصد في مرحلة ثانية من البلوكاج الحكومي، خصوصا بعد المعركة الطاحنة التي كانت بين دعم الحكومة وإضعافها واشتدت مع قرب استحقاقات المؤتمر واستغلال الأحرار لإعفاءات الوزراء في إعادة توزيع بعض الوزارات وتمثيليتها. 3- مجموعة من التدوينات التي كتبها أنصار الولاية الثالثة وأنصار التحديد كانت أغلبها متهورة وتزيد في الاحتقان خاصة من بعض من يحسبون على قيادات الواجهة بالإضافة إلى الكولسة الناعمة التي كان ينهجها الطرفين عبر مختلف الوسائط (واتساب، رسائل خاصة،…). 4- البيجيدي انحدر إلى مستوى ملغوم في نقاشاته السياسية وهذا يظهر بشكل جلي من خلال خطابه الرسمي وهذا يدل على أن الحزب سيعود إلى حجمه الطبيعي قبل 2007. 5- البيجيدي لأول مرة منذ تأسيسه بدون أطروحة سياسية وحتى لو تم صياغة أطروحة جديدة فالغالب أنها ستتجه نحو المهادنة لضمان تواجد في الحكومة المقبلة. 6- خسر البيجيدي بعد مؤتمره عدد من القيادات التي تشكل ثقلا اجتماعيا مهما في التواصل السياسي والإعلامي ومن المتوقع أن نسبة إقناع الخطاب لدى الحزب للمواطنين ستنخفض إلى درجة عالية خلال السنوات المقبلة بانخفاض نوعية التواصل. 7- حزب بدون خصم جديد لن ينتج إلا إلى مزيد من الصراعات الداخلية والانتقادات الموجهة، وتوجيه المدفعية نحو خصم تقليدي "البام" لن ينتج إلا مزيدا من إضعاف المصداقية ومزيد من النشاز في المشهد السياسي. 8- أصوات 2 مليون ناخب مغربي في محطة 7 أكتوبر ستتوارى مع المحطة الانتخابية المقبلة خصوصا بعد القابلية للإخضاع للسياق الذي أبانت عنه القيادات الحالية وتقبلهم للتراجع والتضحية بشعبية الحزب مقابل الركون إلى معطيات لم تكشف عن كل خباياها التي قد يتبين فيما بعد أنها معطيات كيدية تخدم أجندات التوجه لتقننة الأحزاب أي تحويل الأحزاب السياسية إلى أحزاب تدبيرية ويسير الحكومة حزب إداري يحظى برضى داخل الدوائر العليا.. وفي الأخير يبقى السؤال المطروح الآن: هل سيكون البيجيدي استثناء من بين الأحزاب التاريخية السابقة ويخرق القاعدة المعروفة التي تقضي بنكوص وتراجع وتواري الأحزاب الوطنية إلى الوراء كما حدث للاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية؟ أم أنه سيمشي على نفس الوثيرة والشاكلة التي أدت إلى صراعات وانقسامات داخلية أضعفت الأحزاب داخليا وخارجيا؟ ثم في حالة تراجع شعبية العدالة والتنمية كيف سيصبح المشهد السياسي وأي بديل يمكن أن يؤثث هذا المشهد؟ أم أننا سنرى نسقا سياسيا جامدا سيبعث على القلق خلال العشر سنوات المقبلة أم انبعاثة جديدة؟ كل هذه الأسئلة وغيرها ستكشف عنها الأيام المقبلة.