كان في أيامنا هذه ما كان، من عجيب قصص هذا الزمان! وليس من أساطير أيام زمان، ولا سابق الدهر والأوان! يمامة خفيفة عند العد والحسبان، لكنها تتبختر فوق ظهر حصان، وتعمل منقارها في سنبلة غنية الأفنان، وتتقدم أو تتأخر على جرارها، حسب مقتضيات الدهر والزمان، تريد أن تطفئ نور مصباح، وإن أمكن قد تزيحه من المكان، وتفرق بينه وبين ميزان، ضارب في الزمان والمكان، وتمحو حروف كتاب طالما، استعصت على الضمور والنسيان، رغم قسوة وأهوال الزمان، وتقضم وردة قد كان لها، شأن عظيم في سالف الأوان، ورب حامل وردة يتغزل بيمامة، طالما خصها بتنقيص وامتهان! فمن يفك هذا اللغز منكم، يا حضرات الرجال والنسوان؟ فهل بكت تلكم الحمامة أم غنت، على فروع الأشجار والأغصان؟ غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِيسَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنَّت عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ؟ صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْبَ فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ؟ خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ الأرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ وقَبيحٌ بنَا وإنْ قَدُمَ العَهْدُ هَوَانُ الآبَاءِ والأجْدادِ سِرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً لا اخْتِيالاً عَلى رُفَاتِ العِبادِ رُبّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْداً مراراً ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأضْدادِ وَدَفِينٍ عَلى بَقايا دَفِينٍ في طَويلِ الأزْمانِ وَالآباد