يتجه حزب العدالة والتنمية خلال الفترة المقبلة، بعد انعقاد مؤتمره الثامن، والذي سيكون محط جدل كبير داخل الحزب وخارجه، إلى اعتماد أربع توجهات أساسية من أجل تدبير مرحلة بعد المؤتمر، حيث كشفت وثيقة "مشروع التوجهات العامة للمرحلة المقبلة" والتي سيتم عرضها أمام أعضاء المجلس الوطني والمؤتمر الوطني، عن أهم معالم طريقة عمل الحزب خلال الخمس سنوات المقبلة. وتشير الوثيقة التي حصلت جريدة "العمق" على نسخة منها، أن الحزب سيعمل ضمن هدف الأول على "مواصلة النضال من أجل تثبيت المسار الديمقراطي وصيانة مكتسباته"، وذلك من خلال التطبيع الكامل مع قواعد العمل والممارسة الديمقراطية، عبر مواصلة التأكيد على أن احترام الإرادة الشعبية المعبر عنها من خلال انتخابات نزيهة وشفافة هي أساس الاختيار الديمقراطي والضامن لقوة ومصداقية المؤسسات المنتخبة. وأوضح الحزب أنه سيعمل كذلك على تحقيق تداول ديمقراطي على السلطة بناء على برامج سياسية واضحة، وذلك عبر الدعوة إلى تفعيل سمو الإرادة الشعبية كما هو معبر عنه في الدستور حين ربطه للمسؤولية بالمحاسبة، مبرزا أن تحقيق هذا التوجه يقتضي توفير الضمانات الكفيلة بضمان الحرية اللازمة ومنع أي شكل من أشكال التدخل أو التوجيه أو التأثير بالوسائل غير القانونية وغير المشروعة. واعتبرت الوثيقة ذاتها أن تحقيق التداول الديمقراطي على السلطة يقتضي أيضا إعادة النظر في النظام الانتخابي بما يؤدي إلى عقلنة المشهد السياسي والحزبي وإعمال مبدأ التداول على السلطة تداولا ديمقراطيا، مشيرة أن الحزب سيعمل أيضا على الإسهام في إطلاق دينامية إصلاحية جديدة مستوعبة للمكتسبات ومثمّنة لها، وراصدة للإعاقات والسلبيات ومعالجة لها، والعمل على تأمين المكتسبات الديمقراطية وتطويرها. أما التوجه الثاني الذي يتجه الحزب لتأكيده خلال المرحلة المقبلة، هو "إنجاح التجربة الحكومية بدعمها وإسنادها وتأطيرها"، حيث اعتبرت وثيقة الأطروحة السياسية للحزب أن المسؤولية السياسية والوطنية، تقتضي من الحزب باعتبار رئاسته للحكومة، وباعتباره مكونا أساسيا من مكونات أغلبيتها، أن يُسهم في تقويتها والرفع من أدائها، بما يجعلها رافعة من رافعات مواصلة البناء الديمقراطي، بما يحقق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. وسيعمل الحزب في توجهه الثالث، وفق ما جاء في المشروع ذاته، على الارتقاء بأداء الحزب التدبيري في الحكومة والبرلمان والجماعات الترابية، "وذلك من أجل أن يُساهم تدبير الحزب للشأن العام بشكل فعال في تعزيز البناء الديمقراطي وخدمة مصالح الوطن والمواطنين وتعزيز مسار الإصلاح، كما يسهم في الاستعادة التدريجية لثقة المواطنين في العملية السياسية والمؤسسات المنتخبة". واعتبرت الوثيقة أن تواجد البيجيدي في مواقع التدبير "يجعل جزءً كبيرا من عملنا من أجل الدمقرطة والإصلاح يمر عبر ما نتمكن من إنجازه بشكل ملموس لدى المواطن في إطار القيام بمهامنا التدبيرية، كما أن هذا الارتقاء يعتبر شرطا كي يظل حزبنا قاطرة للإصلاح والريادة في جميع هذه المجالات، وأن يحافظ على تصدره للمشهد الحزبي، مع ضرورة العمل والنضال من أجل إعطاء الجهوية والديمقراطية المحلية المدلول الدستوري المنشود". ويكمن التوجه الرابع والأخير في تدبير المرحلة المقبلة في "تأهيل منظومتنا الحزبية في أفق استكمال بناء حزبي عصري نموذجي، وهو ما يقتضي مواصلة تأهيل الحزب فكريا ومنهجيا وسياسيا وتنظيميا للقيام بمهامه الدستورية باعتباره فضاء لتأطير المواطنين وذلك من خلال؛ النهوض بالحوار السياسي الداخلي من أجل تطوير ثقافة سياسية مشتركة في التعاطي مع المتغيرات السياسية. كما تقترح الوثيقة أيضا "توسيع نطاق التأطير الفكري والمنهجي والأخلاقي حفاظا على القيم المؤسسة للحزب والتي تعتبر من أبرز مظاهر قوته وضامنة لاستمراره؛ وتعزيز انفتاح الحزب على الكفاءات المجتمعية من خلال توسيع بنيات الاستقبال مع النهوض بمهام التكوين من أجل تعزيز وتقوية الجاهزية النضالية، وتطوير المنظومة التنظيمية الحزبية بما يتناسب مع الأدوار والمهام المنتظرة من الحزب في أفق بناء حزب عصري".