الكل يجمع ان هناك أزمة هيكلية في قطاع التربية والتكوين ،والدليل هو كترة البرامج و المخططات و السياسات الاستعجالية التي كلفت الدولة أمولا طائلة. ازمة خطيرة تهدد مستقبل أبنائنا و بناتنا، لان الرأس المال البشري هو أهم ثروة تملكها الشعوب و تراهن عليها الأمم لتقدمها ورقيها. بيد أن أهم الركائز والدعائم التي لا يتم تسليط الضوء عليها بالقدر الكافي، سواء من طرف من يأخذون على عاتقهم مسؤولية اصلاح منظومة التربية والتعليم بمدارسه ومعاهده وجامعاته ،هي تلك المتعلقة بعلاقة المجتمع المدني و التطوعي و المدرسة المغربية, لان جل خبراء التنمية البشرية يجمعون، أن العمل غير مدفوع الأجر والتطوع هو حجر الزاوية لإيجاد مدارس وجامعات تستشرف المستقبل وتكون ناشئة سليمة قادرة على الإبداع والعطاء،فبعد فشل المؤسسات الرسمية التي تشرف على تسيير القطاع ،وما يشهده الوضع من سوء تسيير وقرارات و مدكرات لا تمس الجوهر وتجلب التوتر في قطاع حساس وخطير ، لا يقبل التجاذبات السياسية، من قبيل منع النقاب والتشهير بالمتغيبين وعدم تكوين المتعاقدين. فالأصل هو أن تنكب الوزارة الوصية على الأوراش الكبرى كإعداد مناهج ومقررات سليمة متوافق عليها ،ومفتوحة في وجه كل الأطر التي لديها غيرة وتريد الإسهام في رقي منظومتنا التربوية والتعليمية، الإصلاح الحقيقي هي مشاركة كل القطاعات الوزارية، لتوفير بنية تحتية ملائمة وسط و حول المدارس لتوفير الأمن و نقل مريح خصوصا لمدارس المغرب العميق ،وربح رهان العصرنة عبر الانفتاح على التكنولوجيات الحديثة وتوفير الوسائط. أمام هدا العجز وأمام تلك السياسات الفاشلة، فالرهان المتبقي هو إسهام الجمعيات المواطنة ومساهمات الأشخاص و تشجيع الإحسان العمومي,فأعرق الجامعات العالمية أسست من طرف أشخاص هدفهم نشر العلم و المعرفة أو الحرية ،فجامعة القرويين أسست من طرف امرأة صالحة ،أما جامعة السوربون التي طالما تصنف ضمن أحسن 20 جامعة في العالم فمؤسسها هو " روبرت دو سوربون"، وكدلك جامعة {ستانفورد} العريقة التي اسسها الزوجان"ليلندوجينستانفورد" إكراما لابنهما الدي توفى ولم يكمل دراسته في هارفارد، أما الجامعات التي أسست طلبا للحرية والتخلص من البيروقراطية، فكثيرة أهمها جامعة كمبردج التي تُعتبر ثاني أقدم جامعة في بريطانيا، وتأسست بواسطة مجهودات طُلاب وأكاديميين وأساتذة تركوا جامعة أوكسفورد، وكدلك جامعة "بادوفا " في إيطاليا، أنشأها الطلاب والأساتذة بعد الانشقاق عن جامعة "بولونيا"، حيث أرادوا تكوين مؤسسة أخرى أكثر حرية وأكاديمية. فعندما ترتب الجامعات في العالم الغربي لا يؤخذ فقط المنتوج العلمي ولكن يحتسب توفر الوسائط والمعدات البيداغوجية و جودة المرافق والسكن الجامعي وأعمال التطوع و المبادرات التي تقوم بها الجامعة خدمتا للمحيط ، أما في المغرب فقليل من رجالات الأعمال من جهز كلية أو قام ببناء دور للطلبة، و كم من مجموعة تجارية و مصرفية و صناعية كبيرة قامت بتجهيز مدارس في أقاصي الجبال أو قدمت منح للطلبة ، نعم قد يستثمرون في التعليم الخاص فقط لحلب جيوب طبقة وسطىلإنهاكها ، وأباء وأمهات فقدن الثقة في مدارس عمومية رغم أن المدارس الخاصة تعطي نفس المنتوج والفرق فقط في الواجهة،أما الطامة الكبرى هو القطاع الخاص بالمغرب الدي غالبا ما يبحت عن الريع فقط ،وكمتال بسيط ،مكتبة نيويورك العامة التي يشتغل فيها أكتر من 3000 عامل وتبلغ ميزانيتها أكثر من 50 مليون دولار تدار شراكتا بين القطاع الخاص و العام، إنه الاستثمار الحقيقي في المعرفة والعلم. ولقياس العمل التطوعي و أهميته ، خصوصا بعدما أصبح السلم المجتمعي مهددا من صحة وتعليم ومرافق ضرورية وفي ضل غياب أو تغييب الأحزاب وبعد مطالبات عديد، فاقت الحكومة من سباتها واهتدت أخيرا للدور المحوي الدي يمكن أن تقدمه الجمعيات وتعهدت بتكوين أطرها و السماح بتوظيف خمسة أشخاص في حدود 10000 درهم والتكفل بالضريبة على الأجر وتغطية نفقات التأمين على المرض و التقاعد. الكل الأن يطالب بتبسيط المساطر ،لآن الجميع يقر بصعوبة تكوين الجمعيات و ضرورة المرور من مكاتب مختلفة لوزارة الداخلية وأن وصل الاشتغال يصبح حلما خصوصا إن كان الفاعل عضو نشيط في منضمات حقوقية و أحزاب لا تنضر لها السلطة بعين الرضا. وتعتبر جمعية أباء وأولياء التلاميذ احد أهم صلات الوصل بين المدرسة و المحيط،وعلاقة مباشرة بين المدرسة و الأسرة. متى سيرجع، كل إطار أصيل من عمله و رئيس مخلص من فوق كرسيه،لمدرسته القديمة ويتأمل قليلا، ويقدم أقلام تلوين لتلاميذمعوزين ويساهم في شراء سيارة نقل لتلاميذ يقطعون ساعات للوصول إلى مدارسهم. متى سيتطوع طبيبعاش طفولة صعبة لفحص عيون أطفال أبرياء مجانا إكراما لمدرسته القديمة. فواهم من يعتقد أن إدخال ابنه إلى مدرسة خاصة هو الحل ،فالمدرسة الخاصة و العامة سواء في المغرب ،إدن فليساهم ولو بالقليل لمدرسة عمومية درس بها قديما. وأخيرا متى ستتأسس جمعية تهتم بجميع مكتبات المدارس ان وجدت أو انشائها في مدينة ما ،متى نجد جمعية هدفها فقط بستنة مدارسنا و جامعاتنا، متى نجد في مقرراتنا دروس تربي أبنائنا وتعلمهم الدور الكبير للعمل التطوعي و الخيري، متى ستتطوع جمعية هدفها زيارة المدرسة وتقديم عروض وورشات الرسم والمسرح ومحاضرات دينية ودورات البرمجة وعلوم الحاسوب لفلذات أكبادنا ، وكخلاصة إن لم يتطوع الآباء ويأخذون زمام المبادرة من خلال جمعيات الآباء و الاشكال التطوعية الأخرى، فلن يصلح التعليم أبدا في ضل أحزاب ضعيفة ومؤسسات ينخرها الفساد إلى أخمص القدمين. * باحت في علوم الإعلام و الإتصال