إذا كان من المتعارف عليه أن تنتفض أسر الضحايا للمطالبة بمن تسبب في وفاة أبنائهم، فإننا في حالة فاجعة واد الشراط وجدنا أن بعض عائلات الضحايا هي التي تطالب بإطلاق سراح الإطار مصطفى المتهم الوحيد الذي أراد المسؤولون تقديمه كمسؤول عن وفاة 11 طفلا غرقا في البحر بالمحاذاة مع واد الشراط. موقف تشكلت لأجله تنسيقية محلية بتوجه وطني ومن المنتظر أن تتقدم عائلات الضحايا بتنازلات عن متابعة الإطار التربوي الرياضي وهو موقف يمكن اعتباره قمة في الإنسانية والإعتراف بجميل شاب كان بمثابة الأب بالنسبة للضحايا. مقرب من المدرب المعتقل أفادنا بأن حالة الإنهيار التي يوجد عليها مصطفي ناتجة ليس عن مصيره ومآل محاكمته، بل هي حزن عميق على الأطفال الذين قضوا غرقا فقد كان بمثابة الأب بالنسبة اليهم والصور والفيديوهات التي نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي تبين ذلك. واعتبر متضامنون من رواد موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وأطلقوا حملة واسعة اختاروا لها شعار «مصطفى ليس بقاتل» ، أن المسؤولين هم من يجب محاكمتهم وذلك لتقاعسهم في وضع إشارات وعلامات في السواحل المغربية تشير إلى منع الاصطياف والسباحة في الأماكن الخطيرة، معتبرين أن المدرب الشاب لم تكن له نية إلا إدخال الفرحة في قلوب الاطفال للاحتفال بجوائزهم التي حصدوها مؤخرا، وذكر بعض المتضامنين بالإنجازات التي حققها مصطفى العمراني، وكيف أنه ساهم في تكوين أبطال، و إبعاد أجيال من المغاربة عن الظواهر السلبية في المجتمع كظاهرة التشرميل، بتحبيب التلاميذ في رياضة التايكواندو و تشجيعهم على ممارسة الرياضة بشكل عام ، وذلك في ظل شبح المخدرات الذي أصبح يشكل كابوسا يقض مضجع الأسر التي تخشى على أبنائها. هذه الحادثة فتحت نقاشا كبيرا بين أوساط الأطر التربوية العاملة في مجال التخييم و الرحلات ، نقاش تمحور بالأساس حول الحماية القانونية لهم في حال ،لا قدر الله ، حدثت واقعة ما؛ تساؤل منطقي ومعقول وإن كان جل العاملين في قطاع الطفولة والشباب بشكل تطوعي يجهلون المقتضيات القانونية التي تحميهم من المتابعة وتلك التي تدينهم، اللهم مايقدم في هذا الشأن من عروض حول الحماية القانونية للمدرب خلال تداريب وزارة الشبيبة والرياضة. غياب ضمانات قانونية لحماية الأطر التربوية خلال ممارسة مهامهم التطوعية « مصطفى العمراني ليس بقاتل» شعار يتداوله نشطاء الفايسبوك معلنين تضامنهم المطلق مع المدرب مصطفى العمراني الذي وجهت له تهمة القتل غير العمد الناتج عن الإهمال إثر غرق 11 طفلا من منخرطي الجمعية التي يرأسها بشاطئ الصخيرات في إطار رحلة ترفيهية . مصطفى العمراني يتابع في حالة اعتقال بسبب جريمة لم يرتكبها، جريمته الوحيدة كونه ضحى بوقته وجهده من أجل المساهمة في تربية وتأطير أطفال الأسر الفقيرة تجسيدا للأدوار الدستورية للمجتمع المدني.في المقابل صمتت وزارة الشباب والرياضة وتركت جمعية شريكة تواجه مصيرا مجهولا وهي التي حلت محل الدولة في تأطير أطفال وشباب المنطقة ، في ظل خصاص أزلي على مستوى بنيات الاستقبال والأطر المتخصصة. 11 طفلا غرقوا وهم يتمسكون بحقهم في الترفيه الذي لم تتحمل الحكومة مسؤوليتها في توفير وسائله وفضاءاته. مصطفى العمراني كان يساهم في ضمان حق أطفال الأسر الفقيرة لابن سليمان في الترفيه والاستجمام بأبسط الوسائل. وقد سعدوا فعلا، وماتوا سعداء، لأن مجهود العمراني كان نابعا من القلب يجسد ماهية العمل التطوعي وقيم التقاسم النبيلة. الجميع يستعيد الآن قضية احتراق طفلات داخل خيمة مهترئة بمخيم راس الما بإفران ذات صيف 2004. تم تحميل كامل المسؤولية كذلك للمؤطرة الشابة وأودعت السجن لعدة شهور فقط لأنها تحملت مسؤولية تأطير عشر طفلات داخل مركز اصطياف متداعي البنيات والتجهيزات. في الحالتين يتعلق الأمر بشابين من المجتمع المغربي لهما وضعهما الاجتماعي والمهني المستقر. يتعلق الأمر بنموذجين مشرقين للمواطنة الايجابية يجسدان صورة ومثالا لما تطمح إلى إنتاجه مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية المعطوبة . شابان آمنا بمسؤوليتهما إزاء أطفال وشباب مجتمعهما واعتنقا قيم التطوع النبيلة وانخرطا في المشروع المجتمعي لمنظماتهما التربوية ، تركا أسرهما ووظائفهما وفرص المتعة وقيم الفردانية المقيتة وراء ظهورهما وكرسا وقتهما وجهدهما وحبهما لقضايا نبيلة تختزلها فرحة طفولية بريئة تغسل وجه اليومي العابس. العمراني صورة لآلاف الشباب المغاربة الذين يسترون عورة عجز وزارة الشباب والرياضة عن توفير الوسائل المادية والبشرية الضرورية لتأطير ملايين الأطفال المغاربة أسبوعيا بدور الشباب وموسميا في إطار المخيمات الصيفية وما أدراك ما المخيمات الصيفية. أتلقى اتصالات هاتفية محملة بمشاعر الصدمة والاندهاش لأصدقاء قاسموني تجربة المخيمات الصيفية يرددون فكرة واحدة « بقليل من الحظ العاثر كان يمكن أن نكون مكان مصطفى العمراني». هكذا تجهز الدولة على قيمة التطوع باستقوائها على « الحيط القصير» ممثلا في الأطر التربوية ومناضلي الحركة التطوعية بالمغرب. فأين هي مسؤولية الحكومة التي لم توفر فضاءات الترفيه الآمنة لأطفال ابن سليمان ؟ أين هي مسؤولية السلطات الأمنية والمنتخبة بالمنطقة التي لم تجهز الشواطئ ولم تقم بوضع الإشارات الضرورية ولم تمنع السباحة في مصب واد الشراط الخطير؟ للأسف بدأت حملة التكالب على مصطفى العمراني ساعات بعد الفاجعة، ووصل الحد ببعض المنابر الإعلامية إلى مستوى النبش في صحيفة سوابقه. وضع نموذج مواطناتي مشرق في قفص الاتهام واختزلت المسؤولية في شخص المدرب. هكذا تنتفي الضمانات القانونية الكفيلة بحماية الأطر التربوية خلال ممارستهم لمهامهم التطوعية. يذهبون عراة إلى قدر مجهول وهم يكرسون جهدهم ووقتهم وحبهم لطفولة استقالت وزارة الشباب والرياضة عن تحمل مسؤولياتها الفعلية إزاءها. فدور الشباب يسير أغلبها أعوان خدمة في غياب الأطر، والمخيمات الصيفية يؤمن تأطيرها متطوعو الجمعيات في ظل حضور رمزي لأطر الشباب والرياضة الذين يختزلون في إدارة واقتصاد مركزيين وبعض العملة. « الحقيقة التي كانت غائبة عن الأطر التربوية هي وجودهم في حالة سراح مؤقت أثناء ممارستهم لمهامهم التطوعية بدور الشباب وداخل المخيمات الصيفية. أتذكر مفزوعا تحملي مسؤولية المئات من الأطفال بصفتي مديرا لمخيم صيفي. سأفكر كثيرا من الآن فصاعدا قبل الدخول في مغامرة من هذا القبيل» صرح للجريدة إطار تربوي أعلن مقاطعة المخيمات الصيفية 2015 تضامنا مع مصطفى العمراني. كلنا مشاريع للاعتقال على هامش فاجعة شاطئ الصخيرات و التي ذهب ضحيتها عدد من منخرطي إحدى الجمعيات الرياضية ببنسليمان، و التحقيق مع رئيس الجمعية في حالة اعتقال (تهمة الإهمال الناتج عنه القتل غير العمد). وإذا كانت القراءة القانونية لصك الاتهام هي اختصاص لأهل القانون من محامين وقضاة ومتخصصين، إلا أننا كمسؤولين جمعويين و كأطر تربوية تتطوع طيلة السنة في الإشراف على أنشطة الأطفال و اليافعين داخل دور الشباب و فضاءات التخييم والمنتزهات، نتساءل بكل وضوح، ما هي الضمانات القانونية لحمايتنا من واقعة قد تقع لا قدر الله في أي لحظة؟ ما هي النصوص القانونية التي يخضع لها أطر الجمعيات التطوعية إزاء الأطفال و اليافعين الذين يكونون تحت إشرافهم؟ يتحدث قانون العقود و الالتزامات في الفصل 85 مكرر عن مسؤولية موظفي التربية و التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن مسؤولية الإهمال الناتج عن سلوك صادر عن القاصر الذي يكون تحت مسؤوليته أو سلوكه تجاه هذا الأخير، و لم يتحدث أبدا عن المتطوع لعمل تربوي و لم يحدد آليات التأطير وعدد الأطر و مسؤولية المؤطر. ومن حقنا اليوم أن نسائل الحكومة عن البرامج التي تساهم فيها الجمعيات التربوية كالمخيمات والتداريب في فضاءات لا تتوفر فيها أدنى شروط السلامة من الأخطار، والحال أننا مسؤولون عند استلام الطفل إلى عودته مع نقله و تغذيته وتنشيطه وضمان سلامته الجسدية في فضاءات مفتوحة وتطبيبه والسهر على راحته. عن ماهي مسؤولياتها و ضماناتها لتوفير الشروط الصحية والموضوعية لنجاح هذه الاستحقاقات؟ إننا اليوم نخاف على أبناء المغاربة قاطبة و عن الأطر التربوية المتطوعة من فراغ قانوني يجعل كل واحد منا مشروع متهم إلى أن يعود كل قاصر إلى بيت عائلته. إننا نطالب الجسم الجمعوي وخصوصا الجامعة الوطنية للمخيمات واتحاد المنظمات المغربية التربوية، بالترافع من أجل قانون العمل التطوعي الذي يحدد المهام و المسؤوليات ويرتب الآثار القانونية لحالات الإهمال. كمال بختي جمعية المواهب للتربية الاجتماعية نطالب بالإسراع بإخراج قانون الفاعل الاجتماعي قضية مصطفى العمراني تحيي النقاش حول المركز القانوني للأطر التربوية العاملة بشكل تطوعي داخل المنظمات التربوية بدور الشباب والمخيمات الصيفية على وجه التحديد. فمنطق ترتيب المسؤوليات ارتباطا بفاجعة مصب واد الشراط التي راح ضحيتها أحد عشر طفلا من أسر متواضعة تشبثوا بحقهم في الترفيه بمعية مؤطرهم الذي كان يهديهم الفرحة بأبسط الوسائل، يؤكد وجاهة مطلب جمعية الشعلة للتربية والثقافة بضرورة إقرار قانون الفاعل الاجتماعي بالمغرب. تداعيات هذه القضية تضرب في العمق قيمة التطوع ومعها قوة الحركة الجمعوية المغربية. فآلاف الشباب يقومون على مدار السنة بتأطير أطفال وشباب المغرب بدور الشباب والهواء الطلق وداخل المخيمات الصيفية،إلا أنهم لا يتمتعون، على ضوء القضية الحالية وقضية مخيم رأس الماء سنة 2004 ، بأية حماية أو ضمانات قانونية تجعلهم بمنأى عن مصير مماثل. وبالتالي، ونحن على أبواب موسم الاصطياف 2015 الذي يعتمد نجاحه على انخراط وتضحيات الحركة الجمعوية التطوعية بالمغرب، ندعو المنظمات التربوية إلى الترافع من أجل مطالبة الحكومة بالإسراع بإخراج قانون الفاعل الاجتماعي حماية لشباب الحركة التطوعية المغربية من فراغ قانوني يتهدد مستقبلهم في أية لحظة. محمد قمار جمعية الشعلة للتربية والثقافة عوامل متعددة مرتبطة بمسؤولية السلطة العمومية ونحن على أبواب التخييم لموسم 2015 ، ما علينا إلا أن نسجل الاستقطاب الهام لمجموعة من الجمعيات والفعاليات التربوية والثقافية والمؤسسات الاجتماعية التي أصبحت تهتم بمجال التخييم في غياب سياسة استراتيجية لهذا المجال من طرف الوزارة الوصية، ويمكن القول ان المخيمات التربوية بالمغرب ومنذ عقد الاربعينيات الى اليوم ، مازالت تلعب دورا طلائعيا في رعاية وتنشيط الطفولة والشباب .و بفضل النضال المستمر للأطر الوطنية المنتمية للجمعيات أسست منظورا جديدا للمخيم ، حيث أصبح مؤسسة تربوية وفضاء للتكوين والتنشيط واكتساب المعرفة وتعلم الحياة ، بل إن المخيم ، في العقود الاخيرة، أصبح فضاء لترسيخ قيم المواطنة والمهارات الحياتية و فضاء حقيقيا للتربية والتكوين و إرساء دعائم التنشئة الاجتماعية. من هذا المنطلق سعت الفعاليات الجمعوية ، كل من موقعه أو في إطار اتحادات او جامعات، إلى وضع ترسانة من الضوابط و الأنظمة والقوانين التنظيمية للتنظيم والحفاظ على هويته التقييمية السوسيو تربوية ، وهو ما سعت إليه الجامعة الوطنية للتخييم ضمن منشورات، لكن غياب الجانب القانوني دفعنا إلى طرح السؤال التالي: ألا يستحق هذا المجال الذي بلغت نتائج الطلبات الواردة على الوزارة ضمن البرنامج الوطني للتخييم 2015 ما يفوق 468299 مستفيدا ، ألا يتطلب هذا وضع قوانين واضحة تربط العلاقة بين جميع المتدخلين وفق مقاربة تشاركية تشترك فيها جميع الأطراف؟ هل ننتظر الكوارث في كل لحظة لطرح السؤال من جديد؟ وفي ارتباطها بموضوع التخييم، فإن مسؤولية المرشد التربوي او المؤطر او المدرب فهي عديدة ومتنوعة ومرتبطة بتكوينه داخل الإطار الجمعوي الذي ينتمي اليه وتبقى السمة البارزة في هذه المسؤولية هي التطوع ، لكن المسؤولية القانونية تظل واضحة وخصوصا الجنائية . ولحماية الطفل خص القانون الجنائي مجموعة من الفصول وقد تصل العقوبة فيها إلى السجن المؤبد ، مع العلم أن المشرع المغربي لم يحدد صفة الجاني، بل ترك القاعدة تسري على مرتكب الجرم . الجرم في حق طفل أينما وجد سواء داخل المخيم أو خارجه. ويتبين أن المسؤولية القانونية داخل المخيم يتحملها المدير والمرشد في حالة وقوع حادثة أو كارثة ، مع العلم أن هناك عوامل متعددة ومرتبطة بمسؤولية السلطة الحكومية التي يرجع اليها اختصاص إدارة وتدبير وتنشيط المخيمات ومراكز الاصطياف. وبعيدا عن الجانب القانوني، فإن من أولويات المنظمات والجمعيات هو أن تنعم طفولتنا داخل المخيم بجميع الحقوق التي يضمنها النشاط التخييمي وتبقى اتفاقيات حقوق الطفل التي صادقت عليها الأممالمتحدة في عشرين نونبر 1989 وصادق عليها المغرب ،أهم مرجعية أساسية لحماية طفولتنا. عبد اللطيف البيدوري جمعية حركة الطفولة الشعبية