تفاعلا مع قضية بائع السمك المرحوم محسن فكري أسبح باسمك الله، وليس سواك أخشاه، وأعلم أن لي قدرا سألقاه... علمتني الحياة على إيقاعات ألحانها الجميلة : نموت نموت ويحيى الوطن لكنها بالمقابل علمتني أن الوطن لا يحيى إلا بأهله، وأنا أهله ، نعم ،أنا وأنت وأنتم وهم... علمتني أن المسؤولية ليست ترفا ولا حلية،بل حسابا كاملا غير منقوص عند عزيز مقتدر، علمتني أن أصحاب الكراسي الدوارة ممن يستأسدون علي، ويقتاتون من ضعفي ، ويمعنون في تحقيري ، شردمة تصحبهم لعنتي إلى مزبلة التاريخ ، أصحاب الضمائر الحية، لست اسما من ذوي الجاه ولا الشهرة ،ولست من خدام الدولة ولا من ذوي الحظوة باختلاف مسمياتها .... بل لعلي في عرفهم قرين "هلفوت" ليس إلا،إسمي نكرة، وعنواني حكرة... لأني ما فتئت باسم قاسمنا المشترك ،أسألهم جرعات عدل وغلالة إنصاف ، ولما نفذ صبري وجثم سوء الطالع على صدري، استعرت كل أشكال الاحتجاج الواعي ،لكنهم بالمقابل استعاروا كل أصناف العذاب والتنكيل القاسي.... فأنا ولا عجب، الآهات التي في الشوارع انطلقت ، وبالوجيعة وسمت.... أنا من عاش في القهر والفقر، أنا من مات ولم يجد القبر طوال عمري وأنا أحمل كفني على رأسي، وأحمل عزيمتي في صدري أصحاب الضمائر الحية هل كثير علي أن أجزع وأفزع أم كثير علي أن أندد وأتوعد؟؟؟ وقد أمعنوا في إيدائي و تقزيم أشيائي طوال ستين سنة مضت،فكم من مجالس انعقدت و كم من مجالس انفضت؟؟ كم من قوانين صيغت وكم من قوانين جمدت وحنطت؟؟؟ كم من رجالات عاصرت ، وكم على كثير منهم صليت ؟؟؟ كم وكم وكم ؟؟؟ وأنا باق أحيى وأكابد بجلد ، أرقب كراسيهم الدوارة ، وأطماعهم المدمرة ووعودهم الواهية ودبلوماسيتهم المفضوحة و البالية. أنا الشعب،بل أنا النصف المظلم من الشعب أنا من أذوذ على نفسي بنفسي ، أنا من لأجل وحدة الوطن حاربت ، فسال دمي سنينا وسالت دموعي وديانا أنا من في عنفوان شبابي ترملت، أنا من في المهد يتمت، أنا من حرثت وزرعت وعند الجني أبعدت أنا من أفنى شبابه في المعامل والمناجم، ولما شاخ ومرض كسوه برداء المآتم... أنا من تناوبوا طوال سنين على امتطائه كالبعير مقابل قنينة ماء وحفنة شعير... أنا أيوب في الصبر والجلد على الداء والبلاء، أنا من رفع يديه إلى السماء وقال:" ربي إني قد مسني الضر" أنا شعاري "الله الوطن الملك" وهم شعارهم " طحن مو" "ديه يتربا" أصحاب الضمائر الحية نعم سيرحل بعض رجالي كما نسائي غير مأسوف عليهم،وهي سنة الله في خلقه، لكني أستحلفكم بالعزيز المقتدر أن تكفوا إبرهم المسمومة عمن بقي مني ، عمن لم يجد بدا عني ، عمن يؤمن بحرمة الأرض و الوطن.... أن لا يعبثوا بجراح هذا الوطن ، أن لا يعبثوا بجراح هذا الوطن.