بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    المغرب التطواني يفوز على مضيفه اتحاد طنجة (2-1)    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    العسكريات يضيعن لقب أبطال إفريقيا بعد الخسارة من مازيمبي 1-0    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الإمارات: المنتخب المغربي يفوز بكأسي البطولة العربية ال43 للغولف بعجمان    المنتخب الوطني المغربي يتعادل مع الجزائر ويتأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء        التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    الجزائر تعتقل كاتبا إثر تصريحاته التي اتهم فيها الاستعمار الفرنسي باقتطاع أراض مغربية لصالح الجزائر    مكتب "بنخضرة" يتوقع إنشاء السلطة العليا لمشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب في سنة 2025    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    الشراكة الاستراتيجية بين الصين والمغرب: تعزيز التعاون من أجل مستقبل مشترك    استغلال النفوذ يجر شرطيا إلى التحقيق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة بالجديدة يحتفل ذكرى المسيرة الخضراء وعيد الاستقلال    انخفاض مفرغات الصيد البحري بميناء الناظور    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الاتحاد الاشتراكي» تدخل سجن عكاشة وتلتقي بالطلبة المعتقلين
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 24 - 09 - 2014

الطلبة ، بمجرد ذكر اللفظ تحضرنا بصورة آلية المعاهد والجامعات ، لكن ألا يمكن أن يحضرنا السجن ؟ وإن استحضرنا الصورة المتناقضة فكيف يمكن للواقع أن يجلوها هو المتميز بغرابته التي تفوق الخيال؟
على أبواب الكليات والمعاهد العليا ترى الطلبة زرافات ووحدانا بأيديهم الكتب والكراسات ، لكن هناك طلبة في مكان آخر لا يسلط الضوء عليهم ، طلبة في السجن ، تتعدد أسباب ولوجهم له لكن القاسم المشترك بينهم أنهم بين أسواره العالية وحيطانه الصماء تمسكوا بقشة الدراسة وجعلوها الرابط بالحياة في الخارج فمنهم من اعتقل من الكلية ومنهم من دهته شواغل المواقف عن إتمام تعليمه بعد الباكلوريا ولما استفاق وجد نفسه بين القضبان ومحكوما بمدة طويلة فقرر أن يستمد منها الدعم والقوة ، لقد أجمعوا في كل الحالات على تحدي وضعهم وخلق الاستثناء فتعالوا معنا نستجلي حكاياتهم وكيف قرروا الدراسة في وسط ليس بالطبيعي لذلك ؟ وكيف هي ظروفهم أي هل ساعدت سياسة إعادة الإدماج على تحقيق حلمهم ؟ كيف يعيشون ؟ وبما يحسون؟ وهل لقب طالب يمنحهم وضعا اعتباريا في الحبس ؟ ما سر تمسكهم بالدراسة؟ وما يحلمون بالحصول عليه منها؟
حتى نتبين الموضوع زرنا السجن المحلي عين السبع عكاشة بالبيضاء وتحدثنا لطلبة شاءت الأقدار أن تعوض في حالتهم طاولات الكلية بقضبان الزنازين وأن يمتحنوا بدلا عن أقسام في الكلية ب( أقسام) داخل السجن ، بابه الأزرق العالي يصيبك باختناق في التنفس ويشعرك بأنك تفقد الصلة بالمحيط الخارجي بمجرد أن تقفل دفتيه. وهذه شهاداتهم :
أول طالب قرر مشاركتنا تجربته هو م.ب أصغر المعتقلين الذين حادثتهم تبدو عليه دماثة لا تنتمي لذلك المكان، عمره 24 محكوم ب 10 سنوات عن تهمة محاولة القتل التي اقترفها في عمر 18 سنة بمجرد حصوله على الباكلوريا .
وتابع تعريفه لنفسه " أنا الآن أحاول التسجيل بسلك الماستر لكن يبدو أن الأمر صعب لاشتراط الكليات الحضور الإجباري من دون أي اعتبار خاص لوضعيتنا حتى مع تدخل مؤسسة محمد السادس للتضامن" .
ويقول "إن الطلبة داخل السجن لهم وضع اعتباري خاص يتمثل في جناح مقصور عليهم ، ما يوفر الاحترام المتبادل والنقاء الفكري ".
وفي معرض رده عما أحدثته فيه صدمة دخول السجن بجناية وهو التلميذ الغض أجاب "ولوج الحبس شكل بالنسبة لي صدمة كبيرة فأنا لم أكن أتوقع أن أدخل هذا العالم في تلك السن المبكرة فقطاف شبابي لم تكن قد أينعت بعد ما أصابني بلوثة اكتئاب حاد استدعت تدخل أخصائي نفسي ولمدة عامين كي أتجاوزها فمكنتني من القبض على مكانيزمات التفكير المتفائل في المستقبل ، وأمسكت بحلمي في إتمام دراستي علما بأني وطيلة مساري الدراسي كنت أحصل على نقط ممتازة فصرت أعترف بخطئي و أتقبل واقعي لكن يلزمني التقدم وللأمام ، وهدفي المرسوم أمامي هو أن أدرس الماستر ولم لا الدكتوراه من بعده أيضا وعندما أقف خارج أبواب السجن سأقوم بإنشاء مقاولة خاصة بي. وسأستلهم في هذا مسار سجناء سابقين حققو نجاحاتهم من دون مركبات نقص واستفادوا من دعم مؤسسة محمد السادس للتضامن التي تقدم دعما ماليا يصل ل 10 ألف درهم بشرط تحقيق مشروع اقتصادي مدروس جيدا ويلائم حاجيات السوق وفي هذه النقطة هي أيضا تساعدهم في إعداد دراسة ميدانية ".
وعن سبب تفضيله لمشروع خاص به قال إن العمل مع الدولة يقتضي أن تمر 5 سنوات للحصول على رد الاعتبار .
ويصف غصة أهله بسجنه : "أهلي كانت رصاصة قاتلة أصابت أملهم في ودمرت كل أحلامهم في مستقبلي ومع ذلك لم يتركوني للدمار الذي اصطدته بغفلتي وتهوري ، ولجت الإصلاحية ومنذ البداية كنت مع الطلبة حتى قبل أن يكون هناك جناح خاص بالطلبة بسجن عين السبع المحلي ".
"هناك تخوف من عدم تقبلي من طرف المجتمع بعد مغادرتي السجن لكن إصراري أكبر على النجاح وتجاوز الماضي وإن سامحني المجتمع فبها ونعم وإن لم أحظ بهذه الفرصة فسأخلقها جاهدا بعملي ووسيلتي لتحقيق هذا هي الدراسة وإثبات أني أصلحت وصرت ناجحا ".
ويختم قائلا "مساري في السجن طويل وصعب أن أوجزه في كلمات لكني سأركز على الجانب الإيجابي منه فقد تعلمت المرونة والتكيف مع كل المواقف مهما كان مقدار صعوبتها ، وصرت أملك ناصية التحكم في ذاتي وغدوت أقدس العمل ثم العمل فالعمل ، وتزودت بمناعة ضد إصدار الأحكام المسبقة على الناس مما اقترفته من زلات في الماضي بل بما يفعله الآن : سجين قتل قبل 15 سنة صحيح أنه قتل ولكنه عوقب وتاب وأضحى أفضل مما كان عليه قبل الحادثة وأصلح حاله وتنقى تفكيره فلما لا نسامحه ونمده بفرصة للانسجام داخل مجتمعه .هذه عبرة هي عصارة تجربتي الذاتية .
لو عاد بي الزمن ما تعاركت ولكنت أتممت دراستي لكني تحديت وضعيتي ولم أترك أبواب السجن تحول بيني وبينها.
أناشد الكل برسالتي التي هي منح السجين فرصة أخرى وألا يلفظه المجتمع لأنه بهذا يسد كل المنافذ في وجهه. "
تلاه السجين ب.ر ذو 38 سنة والمحكوم ب 15 سنة سجنا نافذا بتهمة الضرب والجرح المؤديين للقتل دون نية إحداثه "عند تاريخ صدور الحكم كان عمري 92 سنة حينها ، والآن لم يتبقى لي سوى 3 سنوات و10 أشهر من محكوميتي لأني سبق وأن استفدت من العفو الملكي لأربع مرات على النحو الآتي : في عيد فطر 2008 أخذت عفوا من شهرين وسنة 2009 إبان عيد العرش صدر إعفاء بحقي مدته عامين وأعفيت من شهر سنة 2012 بمناسبة عيد الفطر وآخرين سنة 2014 عن نفس المناسبة قبل أن أدخل السجن كنت أعمل بالميناء" . كانت هذه أولى عباراته.
ويتابع "عندما علمت بوفاة الشاب الذي تعاركت وإياه أحسست بالدمار يدكني وبينما القاضي ينطق الحكم القاضي بحبسي 15 سنة انتابني شعور جارف بأن حياتي توقفت و أن كل العالم تعطل وأحلامي اندثرت ورحل كل شيء بهيج ، لقد ضعت ."
ولما استفسرناه عن ما يختلج في نفسه بين القضبان باح لنا "أنا الآن أعيش حسرة دائمة بل لم أعد أعرف على ماذا لا أتحسر هل على عمري الذي ضاع أم على السنوات التي تحترق منه الآن ، فلان فعل فلان ترك هذه الأخبار تصلني فأتأكد أني دونهم بل وواقف في مكاني لا أتزحزح عنه والأدهى أني كنت إنسانا بحياة عادية مثلي مثل كل الناس وفي لحظات وبصدفة وقع تحول رهيب عراك في 10 دقائق تنتج عنه جريمة قتل ثمنها 15 سنة من عمرك."
هيجته الذكرى فاستبطن أعماق نفسه " لما ولجت السجن تأكدت أن حياتي اتسخت وانسلخ النقاء عنها ،ولما أقفل باب السجن شعرت أن" صافي كلشي طرق " والحياة توقفت عند تلك النقطة ومن يومها أصبحت أقتات فقط على الذكريات ، فما مضى هو الرصيد وهو المأسوف عليه إنه إحساس صعب ورهيب "- أحنى رأسه عندما نطق هذه الجملة وكأن مرارة الذكرى أثقلت عليه بوطأتها - وختم لن أنسى ذالك اليوم ولكن اتدرين أني لم أسائل نفسي أبدا عن إحساسي لما علمت بوفاة الشاب وأني صرت قاتلا عما اختلج بين جوانحي في تلك اللحظة حتى سألتني الآن "
ويتابع ساردا معاناة أسرته ""والدي الله يسمحلي منهم ، هم من في السجن الحقيقي والعذاب الأصح وبالرغم من كل هذا لم يتخلوا عني " و "ما فقدته في السجن هو القدرة على البوح ومشاركة أسراري مع الناس خشية الندم فهنا صعوبة كبيرة جدا في عقد علاقات بشكل طبيعي ويكون أساسها الثقة ، هنا تجد خليطا من الناس هناك المجرم صاحب الحس الإجرامي وهناك أيضا الذين قادتهم الصدفة للخطأ ، في بدايتي هنا لما صادفت الصنف الأول كنت ساخطا على وضعيتي المأساوية ذهنيا وجسديا ولكني أدفع ثمن تسرعي ويلزمني الصبر ، في الأول صدمني أن أجد نفسي في زنزانة واحدة مع تاجر مخدرات و الأنكى أن عيشك معه مفروض عليك عكس الأمر في الخارج إذ يمكنك الرحيل من قربه و تغيير المكان أما هنا فأنت ملزم بغير إرادة منك على التعايش معه وتقبل اختلافهم الصارخ و إياك في العقلية ونمط السلوك ، وتصرفاتهم التي يؤطرها التفوق المادي الذي هم مستعدون للتضحية بكل غال من القيم والمثل لتحقيقه ، وهي مثل من نتاج تجربتي الخاصة إذ جمعني المكان الضيق مع تاجر مخدرات معروف كان في كل مرة لما يتم تسريب مخدرات إليه يتناولها فيكون ذاك اليوم يوما مأساويا نذوق فيه أشكال السباب والشتم ومرة طفح بي الكيل فبادلته المصطلحات من نفس المعين لكن رأفة الرب حالت دون تطور الأمر إلى اشتباك" .
وعن كيف قرر متابعة دراسته بعد أن كان قد توقف عنها و إن كان الأمر وسيلة ليضمن عدم تنقله من السجن أجاب نافيا الفرضية بتاتا ، فحاولت أن أتمالك نفسي ، بعد 3 سنوات من مجيئي للسجن ، و أقف من جديد على رجلي فأتممت دراستي ،من حيث وقفتها لما بدأ غيي وطيشي يسيران أيامي، من الثانية ثانوي فحصلت على الباكلوريا وأنا الآن في عامي الثالث من سلك الإجازة في القانون الخاص ".
ليتابع "الدراسة كانت وسيلتي لأثبت أني مازلت حيا لنفسي قبل الناس وأني لم أترك أيامي تضيع سدى في السجن ، وبها نلت احتراما خاصا من لدن موظفي السجن وبها حظينا بدعم الموظفين لنا هنا مفروض وأيضا لوضعنا الاعتباري بوصفنا طلبة ".
وفيما يخص إمكانية الدراسة في السجن وظروفها وصف السجن بأنه كان صعبا في البداية أما الآن فهو شبيها " بالخيرية" إذ حسبه أصبحت المؤسسة السجنية متغيرة حاليا عما كانت عليه في السابق الذي لم يكن إبانه دعم معنوي ولا قسم تطبيب أما اليوم فقد تبدل الوضع ليصير بأقسام طبية والدعم المعنوي والمدرسة داخل السجن .
ويضيف "نظام الدراسة هنا شبيه النظام في الخارج ندرس يوميا من 9 صبحا إلى 12 وفي الفترة المسائية نلج القسم من 2 زولا إلى 4 والنصف ماعدا الجمعة مساء التي تخصص للزيارة وعطلة السبت والأحد هذا فيما يخص الثانوي أما الكلية فالدروس تصلنا عن طريق المشرف الاجتماعي المكلف وتزورنا الدكتوراه " فريحي " وتعطينا الدروس داخل المؤسسة ".
وصرح لنا أن السجن غير منه سلوكيات كانت خاطئة واكتسب فيه أخرى جيدة " في السجن صرت مداوما على الصلاة وأقلعت عن التدخين و كذا بمجرد ولوجي من بابه صمت شهرين متتابعين طبقا للقرآن لأني قتلت نفسا ، فالعبادة مثلث بالنسبة لي الحل الأنسب للخروج من تيه النفق المسدود الذي صرت فيه فالإنسان مثل ساعة في الخراج يعمل وفي هذا المكان يتوقف ويحاول الثبات برابط مع الحياة إن بالرياضة أو الدراسة أ و العبادة ،وفيه تعلمت أن ألجم غضبي رغم أن مثيراته كثيرة في هذا المكان ، والجلد وقدرت حب الوالدين وعمق الرابطة معهم "
على أنه يقول " في الخارج أشتاق لعائلتي لأبي خاصة الذي بسببي مرض وقطعت له رجلاه من هول صدمته في هو الذي كان يعمل بمندوبية وزارة الثقافة ".
هل تفكر فيما ستفعله بعد أن تخرج من هنا ؟ وما يثير مخاوفك ؟
أجاب " كلما فكرت في مصيري ما بعد انقضاء مدة حكمي ومغادرتي لهذه الأسوار يهصر أنفاسي تخوف رهيب من عدم تقبل المجتمع لي ، بالنسبة للعمل سأصطدم بسجلي العدلي الذي به 15 سنة سجنا نافذا بتهمة القتل في القطاع تلزم الوساطة وفي العام انت ممنوع حتى استيفاء شروط معينة إذن فما مصيري وأنا أتمنى أن أعمل كأنني لم اكن سجينا يوما ما لذا أخطط لإنجاز مشروع خاص بي فيه لن يعيرني رئيسي غدا ما غضب مني ذات يوم بأني مجرم وسجين سابق "
ويردف متمما "لما تود إجراء مقابلة عمل يكون الجواب الذي تصفع به " سير دبر على راسك" مع تبرير "راه مسخوط ، راه قتال بعد عليه "
ويسترسل قائلا" أصلا باستثناء أسرتي الكل تخلى عنى وحتى أعز و أقرب خلاني ، ما ترك بي حسرة وغصة لا توصف ،لأني وعيت حينها أنك لما يحكم عليك ب 20 أ 15 سنة سجنا فأنت صرت في عداد الموتى في تصورهم ، ومنهم من لما رأى اقتراب انقضاء محكوميتي غدا يرسل لي السلام مع أهلي، فأي نفاق هذا ؟ وكيف تبلع مرارته؟"
ويرغب في " أن يسامحني أهلي أما المجتمع فهو ليس مدينا لي بشيء ولن ينفعني أو يضرني لأني أدرك تمام الإدراك ان هناك من سيتقبلني وهناك من سينبذني لكني أتمنى أن يكونوا فئة قليلة ويضعوا في حسبانهم أني نلت عقابي وقاومت كثيرا لأظل حيا بل وتحديت وضعي ودرست وطول مدتي لا بد و أن يكون رادعا لم حتى من لم يفكر يوما في الارتداع"
ولو عاد بي الزمن فلن أتعارك " بل سأشكره حتى وإن ضربني " وما كنت لأقتله .
بعده دخل المكتب شاب طويل البنية قوي العضلات ك . ع السن 36 سنة مراكشي محكوم ب 10 سنوات بتهمة الضرب والجرح المؤديين للموت دون نية إحداثه ، "دخلت السجن وعمري 28 سنة و قضيت 8 سنوات من المدة التي حكم علي بها ، حصلت داخل السجن على الباكالوريا هذه السنة تسجلت بالكلية في السنة الأولى من شعبة الاقتصاد، قبل ولوجي إلى هنا كنت أعمل في شركة ".
راجعا بذاكرته للحظة التي تمت إدانته فيها "عند النطق بالحكم بكل صدق أحسست أن الألطاف الإلهية كانت بجانبي فلربما كانت السنوات مضاعفة أو كان الإعدام فيصلا وهو ما كنت أنتظره وأخشاه،لما قتلت أحسست بالدنيا ادلهم لونها في عيني فأنا لم يبق لي وأن لامست عالم الإجرام قط فإذا بي وفي غمضة عين أتربع على عرش أفعاله الشنيعة ، لقب مجرم دمرني وهد كل قواي ، يشغل ذاكرته معبرا " أتذكر يوم جاء البوليس للقبض علي أمي كانت تبكي دما و تتمسك برجلي مبقية إياي في البيت كنت أتمزق لمنظرها أقبض على يديها أقبل رأسها وأحاول مواساتها يالله إنه شعور رهيب -واغرورقت عيناه بالدموع ، فغضهما ربما خجلا من شناعة الذكرى- بيد أن عائلتي دعمتني ولم تتخل عني ، وأعيش هنا في وضع جيد بل وأتيحت لي فرص ماكنت لأحظى بها في الخارج وأولها مراجعة نفسي وغيرت من فكرتي التي حالت بيني وبين متابعة الدراسة وهي أني كبرت على الصف" .
وسرد يقول "وبالرغم من هذا ففي السجن المرارة هي الطعم الوحيد والحزن هو العنوان الأبرز فأينك هاهنا من حنان الأسرة ؟ فلا أنت تصبح على أمك ولا أنت تأكل طبيخها ولا أنت تتسار مع والدك ، فالدفء العائلي هنا مفقود ، بل وأينك من عمرك الذي يتلاشى عنفوانه أمام ناظريك وأنت واقف في مكانك. "
وكتوقع لوضعه في الخارج بعد ماحدث " ما أريد إفهامه للناس أنه وبصدفة أقدار حمقاء قد تغدو مجرما على إثر خصومة او حتى ممزاحة سمجة غير محسوبة ومن دون أدنى نية في ارتكاب ذالك الجرم،هنا في السجن لامست تفهما لوضعيتنا من لدن موظفي السجن باعتبارنا لسنا مجرمين أو تجري في عروقنا دماؤه و إنما "صيدتنا الصدفة وولينا مجرمين"
خالصا إلى أن "السلوك الجيد الذي رسخته سنين السجن في هو كظم الغيظ والصبر ، لكني في المقابل صرت حساسا و " حساسبي" فقد صرت أكثر سؤالا عن من يدعمني من سأل عني ومن تخلى عني على وعد مع نفسي أن أعاملهم بالمثل عندما أعود إليهم ، وللصراحة فأنا أعاني بقسوة رهيبة تهاون بعض من أعزائي عن السؤال في لأنه يعضد لي أني لم أكن أعني لهم شيئا وأن حبهم لي كان نفاقا ومداهنة وإلا فلما نسوني هم الذين لطالما تغنوا بأن المجمع من دوني ناقص وممل؟ وما باله الآن أضحى مكتملا رغم غيابي؟"
ويشرد قائلا "لو أتيحت لي فرصة أن أعود بالزمن إلى الوراء ما كنت أبد لأحمل سكينا في يدي ولا كنت سأطعن خصمي في بطنه بكل ضراوتي ، ولأتممت دراستي ولأخذت " ديبلوما "يسهل علي العمل وكفاية نفسي حاجياتي ثم تدرجت في أسلاك الجامعة - ولكي يبدد مأساوية اللحظة قال - "وكنت اعتنيت بشعري ولما صرت أصلعا ".
وصف تجربته وراء القضبان قائلا " في السجن حزازات لكنها تضبط لكي لا تتحول لمشاكل كبيرة ، ولم يعتدي علي أحد هنا" و تابع "اشتقت خارج أسوار السجن لوالدي وما يذكي جذوة لوعة الاشتياق أن تقوم في صباحات وتجد سجينا معك يبكي فتسأل ما باله فيقرع الجواب أبواب مخاوفك كلها " لقد ماتت أمه وهو حزين لأنه السبب ولم يستطع حتى توديعها وطلب السماح منها " فيحز في نفسك أن مشاغل الحياة كانت تبعدك عنها وتهصر روحك أمنية أن يطول عمرها لتخرج وتحنو عليها وتخدمها ، وافتقدت طعم الحرية فهنا نفس المكان ونفس الوجوه والأيام تتوالى من دون جديد بل لا تملك حتى حرية الاختلاء بنفسك ".
و ذكر عن ما ينتظره من صعوبات تتحدى حماسته في الانسجام من ثانية في المجتمع "رد الاعتبار يخلق مشكلا لدى السجين فهذا السلوك يؤكد أن الدولة لم ترحم السجين ، وهذا اللاتراحم يضاعفه المجتمع بنظرته السلبية والناقصة لكل من دخل السجن من دون دراية بالحيثيات ،و فيما يخص المجتمع فلا أمل لدي فيه الآن ف 50 سنة قد لا تكفي لتتغير النظرة السلبية عن السجين ويسامح لما يدفع ثمن ما اقترفه."
سألناه في الختام عما يود تبليغه فانبرى يقول "كلمتي الأخيرة هي طلبي من الدولة أن تدرس بعمق أكثر ملفات العفو وتتمعن في سبب مجيئه وسوابقه وسلوكه في السجن فليس من المعقول أن يمنح سجين العفو ليعود بعد أشهر بجرم أكبر مما فعله في الأول في حين أن سجينا لا حس إجرامي لديه وإنما في انفعال ارتكب فعلا إجراميا من دون إصرار أو نية منه لإحداثه ".
ليدخل المكتب تلوه السجين : ر.ط طالب في السنة 2 من شعبة الدراسات الإسلامية وحاصل على 2 باك 34 سنة محكوم عليه ب 10 سنوات مضت منها 5 سنوات و 4 أشهر بتهمة تزوير العملة .
يحكي عن ما حدث له " لما كان عمري 26 سنة ذات ليلة سكرت فلم يظهر أمامي سوى طبع الأوراق المالية من فئة 20 درهم و 50 درهم فحصلت على مبلغ 2000 درهم وصرت أرميها على الكنبة كأي غني وافتضح أمري لما عاركت صديقا لي فوشى بي ولما جاءت الشرطة فتشت سيارتي وحجزت على المبلغ و أخذوا حاسوبي الخاص وآلة الطباعة التي أتوفر عليها والتي في المحضر كتبوا أني استعملتها في التزوير رغم أنها بلا "سكانير " فكيف لي أن أطبع بها ، ووجدوها من دون أن أعالجها والشرطة هي من قصتها لكي يتسنى لهم إكمال الملف" .
ويتمم "صدر الحكم في حقي وعمري آنذاك 29 سنة أي في عز شبابي وكانت عندي شركة خاصة بآلات المعلوميات بعد عامين من حياة زوجية هانئة أثمرت ابنة رائعة تركتها في عامها الأول، يوم الحكم خلت نفسي شبحا فقد أضحيت غير موجود ، فقدت كل شيء في رمشة عين ، لا أنكر خطئي لكني أعتبر نفسي متهورا لا مجرما و أشعر بظلم للحكم علي ب 10 سنوات فأنا لم أروج ما طبعته فقط كان جنونا ورغبة في تحدي الآلة " أنا خبير بالمعلوميات و هذه الأموال أمامي أفأعجز عن ترويضها و إخراج ما أشتهي منها ويشعرني بنشوة الغنى في لحظة سكر طافح ولعلي شاهدت فيلما ? وضحك- لحد الساعة لم أعرف لم فعلت ذلك " .
وعلق وألوان الغضب تتماوج على قسمات وجهه " محامي طالب بعرض الكمية التي قيل أنها تم تداولها فلم يتم ذالك لأنها ليست موجودة أصلا ، و لم أدرك خطورة التهمة الموجهة إلي إلا حين حكم علي ب 10 سنوات سجنا نافذا ."
راسما صورة لتجربته السجنية : "بنا 18 عشر سجينا في الزنزانة ، صحيح أني لم أتعرض للتعذيب أثناء التحقيق لكني أكتوي بنار العذاب القاسي كل يوم بفقدي لحريتي فالسجن عالم آخر له أبجدياته وثقافته الخاصة التي لم أفهمها في البداية وكانت غريبة عني فلم أجد سوى العزلة وسيلة للمقاومة هذا الغول الداهم ، وصرت أرقب ما يحدث في اندهاش مقيت لكي أستوعب كيف الوضع هنا وكيف تسير الأمور ومن يحكم فلاحظت أن هناك مرضى برانويديين سيكوباتيين همهم التحكم وحب السيطرة فنومك وأكلك يجب أن يصير رهن أوامره وإن تجرأت و عاكستها فغفوت من دون إذنه يوقظك ، بكل اختصار يصير ملكا وأنت رعيته التي عليها الطاعة العمياء ولعل الفرج جاء بعد أن قامت إدارة السجن بتصنيف السجناء فمنحت غرفة نموذجية للسجناء الجدد ومنضبطي السلوك" .
وتتسارع كلماته في لهوجة "عائلتي كانت في اضطراب شل كل قوتها وبالرغم من قساوة الشرخ الذي أحدثثه في حياتهم لكنهم ظلوا على وفائهم ومساندتهم لي فزوجتي لم تتخل عني وتحاول إلى حد الآن مواساتي بكل الطرق فتكتم ضعفها وتسطر كل ملامح الصبر والقوة على وجهها وهي آتية لزيارتي رغم علمي التام أنها هلكت وحبها لي هو ما يبقيها على قدميها ، بعد عامين من زواجنا تركتها تواجه الحياة لوحدها وتصارع تساؤلات ابنتي ونظراتها الزائغة بحثا عن أبيها الذي لم تشبع من أنفاسه ، ابنتي عمرها الآن 6 سنوات ولا أعلم هل أخبرها أني سجين أم أصمت وأتابع كذبة أني مسافر ولما جائتني زائرة في المرات الأخيرة لمست من سلوكها و إلحاحها علي بالعودة للبيت أنها تعلم ما يحدث لكنها لم تصرح به واكتفت بأسئلة تحرق روحي من دواخلها " واش مغاتجيش أبابا؟ راه كاع صحاباتي باواتهم تايسافرو ولكن تيجيو دغيا وعلا ش أنت لا ؟ " استنكارات من ابنتي لبعدي عنها فكيف سيكون حالها لما يعيرها زملاؤها حين غضبهم الطفولي منها بابنة المجرم و "المحابسي" ، بمجرد ما يخطر ببالي هذا أعلم أني وصمة عار على ابنتي ووسخت سمعة عائلتي أصاب بحالة اكتئاب تدرجني في سهو يمتد لأيام لا أذوق خلالها أكلا و لا أنطق حرفا ".
سألناه عما افتقده في العالم الذي كان تهوره سببا في خروجه منه فتمتم " أحن في الخارج للهواء النقي الحقيقي ، للألوان الطبيعية لأزرق البحر وأخضر العشب ورمادي السماء للإحساس باختلاجة المشاعر الحقيقية فهنا أعد نفسي أرى ألوانا مصطنعة وفضاء مصطنعا وتبعا لها فكل ما ينتابني مصطنع ودائما ما أهجس في حوار مع نفسي هل أنا هو أنا لقد فقدت هويتي ولم أعد أدري كنه نفسي"
وإذا تعلق الأمر بخططه المستقبلية فهو يرى أن "هنا الوقت هو المتوفر ولتجزيته صرت أضع أهدافا أصبو لتحقيقها بعد الخروج كأن أقوم بإنشاء مدرسة خاصة ، لكن سرعان ما يتكفل طول المدة المحكوم علي بها بنسف كل ما أبنيه ، ولا تحفيزات بالعفو مثلا تركك متمسكا بالأمل "
وتأخذه حلاوة الحلم فيسترسل "إن خرجت من هذا المكان حيا فسأتغير، وسأستغل كل لحظة من عمري الباقي في العيش مع أسرتي ومحاولة لرتق الشرخ الغائر الذي تسببت فيه لهم ، فلا وقت لي لأضيعه في ارتكاب حماقات أخرى وأعيد حياة أسرتي لسابق عهدها وسكتها الطبيعية ولبيتنا الذي غادرته لما سجنت والتحقت ببيتي عائلتي للعيش تخفيفا من المصاريف المادية وتوفيرا لحاجيات فلذة كبدي التي تكبر"
لما رأينا تأثره تركنا له مجال البوح من دون مقاطعة "لو عاد بي الزمن لأحسنت اختيار الرفقة فقد تعلمت الصبر ونضج حس التمييز لدي وانتفت عني رذيلة التسرع ".
"داخل هذه الحيطان المرتفعة والأبواب المغلقة تعلمت الانضباط وأن الوقت كنز يلزم استغلاله بما ينفع وعدم التهور فكم من شخص شاركني المكان هنا جاء لأخطاء تافهة وحماقات غير محسوبة ضيعوا هدموا على إثرها كل مابنوه وما بنته أسرهم".
"لدي هاجس يظلم لون النهار في عيني لما يحضرني هل سيقبل بي محيطي الاجتماعي عند مغادرتي هل سيسامحونني أم ينبذوني كمصاب بفيروس معدي فنظرة المجتمع لها دور مهم بل وقد تحصرك في زاوية اليأس ففي الغرب ما تزال النظرة القاتمة هي نصيب السجين ، وتعيق تقدمك بيد أن الاطمئنان لدعم أسرتي هو ما يثلج صدري ويفك عقد الحسرة عني"
"أتمنى لو أحصل على عفو يختزل مدة حبسي ويطير بي إلى أحضان مجتمع يعي ظروفي و يرضى عني وسأقدم له ما بوسعي من خدمات تفيد كضمانات وعربون على قراري بالانخراط السليم فيه".
من طينة أخرى
يصفون أنفسهم بالمعتقلين السياسيين منهم م . أ المنتمي للحركة الثقافية الأمازيغية الذي كان الوسيط بيننا وبينه في الاتصال الخياط محمد عن لجنة دعم المعتقلين السياسيين للحركة الأمازيغية ، ووصلنا لومه للإعلام الذي حسبه لم يهتم بتغطية معاناتهم و إضراباتهم عن الطعام من جرائد وطنية معينها الأساس هو هموم وأفراح المغاربة أفلسنا مغاربة؟
قال بأنه " مورس علي العنف أثناء الاعتقال ولم يأخذ القضاء بأدلة براءتنا فنحن حوكما لقناعاتنا السياسية وليس لما نسب إلينا ظلما ومن دون دليل من قتل ، جرى اعتقالي في سنة 2007 أنا و 18 زميلا لي من بيتنا ، ووقعنا بالعنف على محاضر لم نعرف ما بها. تهمة القتل العمد دفعت عنها من عمري 10 سنوات ومع ذلك لم أستسلم وكما كنت طالبا أثناء تمتعي بحريتي فأنا طالب في السجن الذي لم ينل من عزيمتي قيد أنملة فأتممت إجازتي من داخله في الفيزياء ولأنه ليس لنا حق الولوج للماستر لإجبارية الحضور التي لا تراعي وضعنا لم يكن أمامي سوى الحصول على إجازات أخرى فصار عندي 3 منها بالإضافة للأولى فلدي ثانية في علم الاجتماع وثالثة بالقانون الخاص وأدرس بالسنة الثالثة من مسلك العلوم الرياضية وأيضا لدي 3 شهادات للباكالوريا وديبلومان واحد في تخصص الكهرباء والثاني في الإعلاميات".
ووصف ظروف عيشه " في سجني أذوق يوميا مرارة حرقة الإحساس بالظلم وألتاع بسياط صدمة أهلي مما جرى لي وأذكر قول أبي لما وصله النبأ "سآتي إليك وإن تأكدت أنك فعلا ارتكبت ما اتهمت به فأستنكر لك ولست لي ابنا ولن أكون لك أبا أبد الدهر و أن كنت بريئا فسأدعمك بكل ما لدي من جهد "ولما تبين له من الأدلة أني بريء ساندني هو وسائر أهلي و أصدقائي بل وقال لي أبي " لا تتخلى عن قناعاتك فأنت مظلوم" .
ثم أردف غصة الظلم ما تزال جاثمة على صدري ولن أنتقم بل سآخذ حقي بإعلام الكل بقضيتي ولن أصمت وصوتي سيصل مداه إلى المنظمات الحقوقية الدولية إن صمت عنه آذان بلدي .
قال "وطنت نفسي على المقاومة حتى آخر نفس و تقبل الأمر الواقع بطريقة إيجابية فبدل أن أنصاع للإجرام في محيط يغدق عليك من بحر فيضه الكثير اخترت أن أقاومه بالعلم فغدا صديقي الوحيد هو الكتاب، و ما نريده هو الاعتراف بأننا أدنا ظلما ونود أن نعوض على ما تعرضنا له من عنف ".
وفي موضوع ما بعد المرحلة السجنية من حياته "ومخططاتي المستقبلية لما بعد السجن منذ الآن أرسمها فلم يكن حصولي على إجازة في العلوم الرياضية ،التي الخصاص بها معروف ،اعتباطا وإن ضاقت بي السبل فسأنجز مدرسة خاصة ،صحيح أني الآن لا ألمس صعوبته لكني سأحاول ألا يقصم ظهري الوقع المر.
مثال نير عن من أفلت من براثينه
هناك من الطلبة من ولج السجن وهو طالب لكنه بدلا من أن تثبط عزيمته ويصبح طالبا سابقا اختار أن يكمل المسار ويكون طالبا باحثا أو دكتورا.
ولنقارب هذه الفئة التقينا ي. ه معتقل سياسي قضى سنة ونصف سجنا نافذا وكان عمره حينها 20 ربيعا وفي سنته الأولى جامعية وهو الآن يعد الدكتوراه في الجيولوجيا مرت 6 سنوات على سجنه ومع ذلك صرح أن حرقة ما مضى لم يطفئها بعد الزمن ولم يستطع رتق جراحاتها فالظلم والعذاب اللذان مورسا علي تركا ندوبا لن تندمل أبدا وبالذات 3 أيام التي قضيتها في التحقيق وأعقاب السجائر تكوي جلدي والعنف بنوعيه الرمزي والعاطفي كانا من نصيبي واتهامات باطلة دفعت ثمنها بحريتي وعمري لكني أفتخر بثباتي وأن الأزمة لم تنل من قناعاتي "
"في حبسي كان التحدي الذي يطارد فكري يوميا هل سأعود للدراسة بعد الانفلات من براثين هذا الغول الذي يلتهم من عمري وطاقتي لكني كنت في مستواه فلم ألبث سوى 15 يوما بعد انقضاء محكوميتي وعدت لأدراج الكلية بل ونفس الكلية التي كنت بها من قبل الحادث .لأني في السجن حرمت من الدراسة فنحن العلميين لدينا الأعمال التطبيقية والتي لا يمكن إنجازها في السجن مما يحول بيننا وبين ما نصبو إليه " .
طلبنا منه التحدث عما عاناه في سجنه من مضايقات فقال "عانيت داخله من لمز الموظفين لي بالمجرم حتى قبل أن تدينني المحكمة هم تكفلوا بإدانتي ، والأدهى كنت مع سجناء الحق العام- بعيدا عن رفاقي - الذين منهم من يفتخر بأعماله الإجرامية من قتل واغتصاب في زهو وكنت في زنزانة وسط 32 سجينا أنام في شبر إنه تدريب لنا على الموت بالحياة فأين الشروط الإنسانية لطلبة يدرسون ؟ ولم يمر شهودنا لنفي التهمة عنا ، ما اضطرنا أنا وزملائي لخوض إضراب عن الطعام لمدة 24 يوما نقلت على إثره إلى المستشفى في حالة حرجة . "
صدمة دخوله الحبس علق عليها بقوله "أنا درست فقط الدورة الأولى من سنتي الجامعية الأولى وجرى اعتقالي ما شكل صدمة لي فأنا لم أكن حينها قد فهمت ولو الإطار الذي أنا فيه أما أهلي فكان الأمر طوفان جرف كل أمانيهم التي كانت لما أرسلوني للدراسة من قرية ، أمي وطوال مدة حبسي كانت في كل زيارة تبكي وأمام ناظري بحرقة تهصر أنفاسي وتدك أسوار جلدي - تلألأت الدموع في عينه التي تلون بياضها بالأحمر القاني - " لا تعبير يفي ما عانيته من ألم ومرارة فقد عدمت كل أفراحي وقتها جئت بأمل الدراسة وسط طلاب نيري الفكر لأجد نفسي بين أسوار السجن ووسط القتلة ومدخني الحشيش كنت يوميا أتمنى الموت على تلك الحالة المزرية التي وجدت نفسي ظلما فيها فقد فقدت كل شيء دراستي وحريتي ".
سألناه كيف استقبله محيطه بعد خروجه من السجن "محيطي تفهمني واعتبرني بطلا لم ينحني للصاعقة وحافظ على مبادئه وليس مجرما كما تم تسويقي فأنا في أعينهم " درويش ما يقدر يآذي حتى نملة"
بماذا خلصت كعبرة من مما وقع لك "تجربة السجن مكنتني من سبر أغوار صبري ومنحتني نفسا أعمق للدراسة فصارت نقطي في سلم تصاعدي بعدها ، و أما خلالها فرأيت جانبا من الحياة وتبينه عن قرب رغم مأساويته الممضة وأثرت في الناس إذ نشرت أفكاري وعلمت أنها كبيرة وتستحق التضحية من أجلها بالغالي والرخيص وأني مسؤول عنها"
عبرة من فم طالب جعلته بصمات التجربة المرة ينطق بالحكمة "وكلمتي الأخيرة أوجها لكل الطلبة وأقول فيها أن الساحة الجامعية فضاء للعلم وينبغي أن يكون الصراع على التفوق الأكاديمي والوسيلة في ذلك العمل الجاد وعليهم أن يتمثلوا في سلوكهم أن لا لأحد يملك الحقيقة المطلقة وأن الخلافات تحلحل بالنقاشات الهادفة ومقارعة الحجة بالحجة فالطالب حامل للفكر وليس للأسلحة ويشترط هذا حس النقد البناء لإنتاج نخبة مثقفة لا أن يكون النقاش بالعضلات ويفرخ مجرمين و" شمكارة" .
"العنف مرض ينخر فبدل الكتاب يصير السلاح هو العقيدة ويضطر الطرف النابذ للعنف لرد الفعل بالعنف ما يجعلنا نتوه في دوامة ما لها من نهاية ، وأصل العنف يعود لرغبة طرف في إقصاء الأطراف التي تخالفه أو تختلف عنه "
طلبة مسجونون أم سجناء طلبة لا يهم الفارق الدلالي بينهما إذ أنهما معا تمسكا بقشة الدراسة وجعلوا منها عصا سحرية تمكنهم عند رؤية ضوء الشمس الهارب في الخارج من تكسير ثمثلات سلبية راسخة عن السجين وتتيح لهم تعبيد المسالك لاندماج طبيعي في المجتمع قدموا عربون رغبتهم الملحة فيه بإصرارهم على المقاومة وتحدي الظرفية على أمل أن تساعدهم الدولة ولا يتنكر لهم محيطهم الاجتماعي.
من دلاء علم النفس الاجتماعي
لملامسة سر اللوعة الحارقة لدى الطلبة وارتجاجهم أمام زلزال النطق بحكم يدخلهم حيطانا صماء لا تهتم لشهقاتهم ولا تهتم لنزف قلوبهم حاورنا الدكتور مصطفى السعيتلي أستاذ باحث في علم النفس الاجتماعي بجامعة القاضي عياض الذي أوضح قائلا إن المقاربة الأمنية والقانونية مهمة جدا حيث إن تطبيق القانون هو حفظ للسلم الاجتماعي ولكن على السياسة السجنية أن تنتهج بدلا من تدمير السجين والتضييق على حقوقه منعا لحريته مرفوقا بحوافز ومنح لفرص أخرى للنجاح تخص المعتقل بالاستفادة من حقوقه الأساسية المكفولة له قانونيا وتكوينات تمده بمهارات لا يفقد معها الأمل في تكوين مستقبل بعد مغادرة المؤسسة .
ويقول إن السجن يشكل صدمة قوية لهم على المستوى السيكولوجي وقد تنتج عنها اضطرابات عقلية ونفسية خطيرة قد تصل حد التفكير في الانتحار خاصة بالنسبة للمحكومين بالمدد الطويلة بسبب فقدان الأمل ، والأمل هو الإنسان فلا حياة له من دونه وعند ضياعه من الفرد يسقط في اللامعنى والتشاؤم، وهذا الأمل مشروط بالحرية إذ هي من تمكنه من تجاوز ما عاشه في فترة سجنه
ويضيف " السجن لا يؤدي فقط لفقدان الأمل بل إلى تدمير الذات على المستوى الوجداني والمعرفي وكذا السيكولوجي ينضاف إليه عامل فقدان الروابط الاجتماعية المألوفة في الوسط الطبيعي وهي التي تشكل الرأسمال بالنسبة للفرد.
معتبرا أنه "ينبغي التعامل مع السجين انطلاقا من أنه إنسان بغض النظر عما اقترفه من سلوكيات أي تتم أنسنة معاملته وبهذا سيتحول السجن لمؤسسة للاندماج والتكيف وسيحاكم السلوك لا الإنسان ومنه تكون الفرصة سانحة أمامه لإعادة النظر في أخطائه وسلوكياته الجانحة عن القانون وهذا يتأتى بالدعم النفسي للطالب السجين وعدم حرمانه من حقوقه المكفولة له في المواثيق القانونية درء لما يمكن أن ينتج عن ذلك من مآسي يولدها الحقد الذي ينمو كبركان نائم قد ينفجر في أي لحظة وتحرق صهارته الأخضر واليابس".
ويلفت انتباه المشرفين الاجتماعيين إلى التنبه بعناية عند ظهور أعراض باتولوجية على الطالب المعتقل وإيفائها ما تتطلبه من علاج ومساعدة بالدعم النفسي لأجل التشافي من مجموعة من التمثلات السلبية حول الحياة والمجتمع والذات والتي يمكن أن تكون رواسب التجربة السجنية وبصماتها التي طبعتها في تصورات المعتقل السابق مع إمكانية أن تنحو به لارتكاب أفعال عدوانية واتخاذ مواقف برفض الاندماج في البنية الاجتماعية بعد أن عانى الفراغ عاطفيا ونفسيا ولمدة طويلة .
تطرقنا في حوارنا مع الدكتور لإشكالية يهجس بها تفكير كل سجين وخاصة الطلبة منهم فصرح لنا أن تكيف الطلبة مع المحيط بعد السجن يتفاوت تبعا لاختلاف شخصية السجناء وقدرتهم غلى مقاومة القلق و الضغط وأيضا للوسط العائلي المنتمى إليه .
ويتابع " فخروج الطالب من السجن يكون مصحوبا بمواقف إما إيجابية متفائلة تغذيها الرغبة في طي صفحة الماضي وتحويل التجارب النفسية السلبية إلى مناعة تكفيه لبناء مشروع مستقبلي للحياة ويمكن أيضا أن تكون المغادرة مصحوبة بمواقف ارتكاسية تنهل من معين السلبية والعدمية انتفاء الرغبة في مواصلة مشوار الحياة بفقدان التقدير الذاتي وعدم تمكنه من كفاءات و مهارات مهنية وتصورات ذهنية لمواجهة الحياة واحباطاتها ما يصعب الانسجام بل ويجعله مستحيلا في ظروف معينة".
و هاجس العودة لأحضان المجتمع ، في رأيه ، يتأطر بعاملين الأول منهما ذاتي بؤرته المركزية هي طموحات المعتقل و طباعه كما استعداداته الفطرية والعقلية و كذا ميولاته العاطفية وآخر موضوعي يتمثل في ما يقدمه المجتمع بمؤسساته من فرص ومهارات مواكبة للسجين وإن تضافر العامل معا في جدلية تفاعلية قد نحصل على سجين أفضل في عطاءاته وانضباطه ممن لم يدخل السجن .
ومنه فالمفروض على الجهات والمؤسسات المعنية بإعادة إدماج السجناء التفكير بجدية في الآليات اللازمة لخلق التوافق بين السجين ومجتمعه وتسهيل الانغماس فيه لأن الحرمان والإحباط يولد قنابل موقوتة يسهل اقتناصها من قبل انتماءات وجماعات متطرفة لا تؤمن إلا بالعنف والانتقام وتدمير الآخر وتهشيم السلم والسلام.
مسطرة رد الاعتبار
حسب القانون يحق لكل شخص صدر عليه حكم من إحدى المحاكم الزجرية من أجل جناية أو جنحة الحصول على رد الاعتبار، الذي يعمل سواء بقوة القانون أو من القضاء على محو الآثار الناتجة عن العقوبة وحالات فقدان الأهلية المترتبة عنها.
يكتسب المحكوم عليه رد الاعتبار بقوة القانون ما لم يصدر ضده داخل الآجال المحددة فيما بعد أي حكم جديد بعقوبة سالبة للحرية من أجل جناية أو جنحة.
1 -العقوبات بالغرامة، بعد انتهاء أجل سنة واحدة تحسب من يوم أدائها أو من يوم انتهاء الإكراه البدني أو انصرام أمد التقادم.
2 -العقوبة الوحيدة الصادرة بالحبس لمدة لا تتجاوز ستة أشهر بعد انتهاء أجل خمس سنوات إما من يوم انتهاء العقوبة المنفذة على المحكوم عليه وإما من يوم انصرام أجل التقادم.
3 -العقوبة الوحيدة بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين أو فيما يخص عدة عقوبات لا يتجاوز مجموعها سنة واحدة، بعد انتهاء أجل عشر سنوات تبتدئ حسبما هو منصوص عليه في القانون.
4 -العقوبة الوحيدة بالحبس لمدة تتجاوز سنتين من أجل جنحة أو فيما يخص عقوبات متعددة يتجاوز مجموعها سنة واحدة من أجل جنح، بعد انصرام أجل خمس عشرة سنة تحسب بنفس الطريقة.
5 -العقوبة الجنائية الوحيدة أو العقوبات الجنائية المتعددة، بعد انصرام أجل عشرين سنة ابتداء من يوم انقضاء آخر عقوبة أو انصرام أمد تقادمها.
يرد الاعتبار كذلك بقوة القانون لكل محكوم عليه بعقوبة حبس أو غرامة مع إيقاف التنفيذ، وذلك بعد انتهاء فترة اختبار مدتها خمس سنوات ما لم يقع إلغاء إيقاف التنفيذ، تحسب من التاريخ الذي أصبحت فيه العقوبة مكتسبة لقوة الشيء المقضي به، وفي حالة ازدواجية العقوبة بالغرامة النافذة والعقوبة السالبة للحرية الموقوفة التنفيذ، يحتسب الأجل الساري على الحبس الموقوف لرد الاعتبار.
يقدم المحكوم عليه طلبا برد الاعتبار لوكيل الملك بمحل إقامته الحالي أو بآخر موطن له بالمغرب، إذا كان يقيم بالخارج ويبين بدقة في هذا الطلب:تاريخ المقرر الصادر في حقه والمحكمة التي صدر عنها؛ والأماكن التي أقام بها المحكوم عليه منذ الإفراج عنه.
يطلب وكيل الملك شهادات من ولاة أو عمال الأقاليم أو العمالات أو المفوضين من قبلهم بالأماكن التي أقام بها المحكوم عليه، ويتعين أن تحتوي على مجموعة من البيانات:مدة إقامة المحكوم عليه بكل مكان؛سيرته أثناء هذه الإقامة؛وسائل معيشته خلال نفس المدة، علاوة على ذلك يمكن لوكيل الملك أن يأمر بإجراء بحث تقوم به مصالح الدرك أو الشرطة بالأماكن التي أقام بها المحكوم عليه.
كما يسعى وكيل الملك للحصول على:نسخة من الأحكام أو القرارات الصادرة بالعقوبة؛ وملخص سجل الاعتقال في المؤسسات السجنية التي قضى بها المحكوم عليه مدة عقوبته، ورأي المدير أو رئيس المؤسسة السجنية حول سلوك المحكوم عليه خلال مدة الاعتقال؛ تم البطاقة رقم 2 من السجل العدلي.
المسطرة القانونية لرد الاعتبار تتطلب مددا طويلة للحصول على سيرة حسنة ما يعقد أمر اندماج الطالب المعتقل و يضائل من فرص حصوله على عمل جيد يتلاءم وما جهد للوصول إليه من مستوى دراسي.
فالسجن بهذا يصبح مؤسسة تربوية لتصحيح الذات ومعالجة ما اعوج من سلوكياتها و مختبرا لتحويل السلبي لإيجابي بمنح هوية جديدة مستقبلية لمغادري زنزاناتها تحترم إنسانية الفرد وتكنس صدأ المعاناة عن ذواتهم وتمسح عفونة لقب مجرم وتعيد للطالب آماله المتفتحة التي بها ولج كليته ومدرسته قبل أن تقبض بتلابيبه أنياب الخطإ أو تترصده عيون الظلم الغادر لكنها خميأة تتطلب تكاملا في الأدوار بين الفرد والمجتمع بكل روافده وكذا المساطر القانونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.