حاول وزير الداخلية لفتيت أمس امام مجلسي البرلمان، خلال جلستي الأسئلة الشفوية، تبرير فض وقفات ومظاهرات بالقوة العمومية، ومنع أخرى، وتوعدها وتهديد الداعين إليها، مستعرضا ما تنعم به البلاد من حرية لا مثيل لها في العالم، ترجمت احتجاج 50 حسب زعمه بمعدل جماعي يومي يمر بسلام، وهو على كل قول مناف تماما للحقيقة المعاشة، التي اساسها وثابتها المنع والرفض، والفض بالقوة، والتهديد والوعيد لاي تعبير جماعي، بمجرد وصول خبره للسلطات، وما دون ذلك إستثناء، عكس المطلوب والموجود في الدول التي تحترم نفسها، فالدول والأنظمة العادلة تقام فيها القيامة، لمنع حالة، وحيدة، ولا تلتفت لعدد ما نظم او سمح بتنظيمه، اما تلك المستبدة الكابحة للحرية فهاجسها عدد المظاهرات المنظمة، والمسموح بها، حتى لو اضطرت هي بنفسها، لتنظيم بعضها للرفع من العدد. والحقيقة أن التعبيرات الجماعية هي أفضل هدايا يقدمها المجتمع للدولة، لأنه يبين لها، دون جهد استخباراتي منها، ما يختمر داخله ويفكر فيه، ولا يبقى ذلك يتعاظم سرا، حتى ينفجر في وجهها يوما، وغالبا ما يكون ذلك بعنف، يكلف الدولة والمجتمع معا، وهو بذلك يوفر عنها إمكانات ومجهودات للرصد والتتبع، ويمنحها وقتا مهما لضبط سياساتها وتقويمها، وبلورة الناجع من الحلول والبدائل لصيانة الوطن، وضمان استقراره، إن كانت فعلا !حريصة على ذلك.