بعدما خسرت الدولة العميقة معاركَها الأولى يومَ نسفتِ التحالفَ الحكومي الأول ، و دحرتِ الضرباتُ الموجعة لرئيس الحكومة طليعتَها التي سُمِّيتْ زلّةً "معارضة صاحب الجلالة" خلال الجلسات الشهرية تحت قبة البرلمان ، و انكشفت عورتها يوم 4 شتنبر المشهود تحت رجّات زلزالِ أصواتِ شعبٍ سوّقتْ طوابيرُ التغليط و مكاتبُ التشويش و اجتماعاتُ الأروقة ، عبر وسائلها المكشوفة ، أن الأخيرَ قد فقدَ ثقتَهُ في الحكومة و رئيسها ، ها هو ذا التنظيم العام للفساد و الاستبداد يَنْقُلُ المعاركَ المتفرقة إلى حربٍ شاملة معلنة على حزب العدالة و التنمية ، تحت قصف عنيف دنيء ، يستهدف المخزون الأخلاقي و هو قوة الحزب و شركاءه ، قصفٍ تقوم به أجهزةُ الدولة بالوكالة و بعيدا عن الحياد ، من "فرقة وطنية" مُتعقِّبة لزواجٍ في طور التوثيق ، و كأنه مشكلةُ المغاربة الرئيسي و سببُ الهشاشة والتخلف النّاهِشيْنِ للعباد و البلاد على مدى 60 سنة ، إلى بيانات مترادفة متهافتة لوزارة الداخلية و مواقع إعلامية مُلحَقةٍ مأجورة تَضْمَنُ "غطاء جويا" للإدارة الترابية ، للتقدم إلى الأمام قصد إتاحة فرصِ تسويق مرشحي التحكم للمواطنين في الجبال و الواحات و الأدشرة ، إلى إعطاء "توجيهات صارمة للقياد و البشوات لدعم مرشحي حزب وزارة الداخلية" و الذي يربطه حبلٌ سُرِّيٌّ بالشخص المعلوم ، صاحبِ نُطفةِ الحزب المعلوم في رَحِمِ الحركة المعلومة ، إلى منع استكمال الأشطر الأخيرة من أوراش الشأن المحلي ، إلى منع كل أنشطة الجمعيات الخيرية المستقلة من قيام بدورها الراتب على مدى سنوات تجاه الفئات المستفيدة. كل هذا صار أجندةَ قيامةٍ قامتْ بأروقة "حُكْمِ الظلِّ" ، من أجل أن يُقبَر حزب العدالة و التنمية الذي أصبح مُؤرِّقا لكل مَنْ جعل مِن الوطن مَحْمِيَةً خاصة له على مدى عقود ، و أراد القطع َ مع عهدٍ مضى ، عهدٍ كان يُرسَمُ له فيه حجمٌ غيرُ حَجْمه و تُحدَّدُ له مساحةٌ بات يرى أنها لا تكفي لشعبيةٍ متنامية أكدتها و لا زالت تؤكدها ، رغم كل الهجمات الإعلامية المُغالِطة ، نتائجُ الاستحقاقات المتتالية. إن الإستراتيجيا العامة للحرب الشاملة على حزب العدالة و التنمية لاشك أن مهندسيها واعون تماما بطبيعتها ، لذا فإن الخُطط المُصمَّمة هي بقدْر السيناريوهات التي سترسمها صناديق السابع من أكتوبر ، و لعل من بينها ، في حال تعذر على حزب العدالة و التنمية تشكيل تحالف حكومي أغلبي ، سيناريو المناداة على "جوكر الدولة المخضرم" إدريس جطو ، تماما كما اسْتُقدِمَ سنة 2002 و إنْ اختلف السياقُ العام خصوصا مع فارق دستورين ، و ذلك لغياب الكاريزما في الترتيب الموالي لترتيب الأمين العام لحزب العدالة و التنمية أو تخفيفا لسخط يمكن أن يعم في أوساط الناخبين و عودة الاعتصامات و اتساع فئاتها من جديد و لغاية أعمق بكثير و هي تحرير بند دستوري ينظم تعيين رئيس الحكومة بقاعدة : ينتفي القيد إذا دبر الخطب.