هدية من 5 مليون مهاجر إلى من بإقصائهم جَاهَرَ يتفاخر. في سابقة لم يشهد مثلها جسدي العليل، وقع على حين غِرة صراع في بيتي المتواضع الذي أسميته في كتاباتي السابقة ” قصر النملة ”. لقد استيقظت صباح يوم متوجها إلى بيت الراحة أو المرحاض كما تعارف عليه أغلبنا و بينما أردت قضاء عادتي اليومية السيئة وقع جدال و صراع بين أعضاء جسدي كان سببه ذلك الرأس المغرور و قد نطق قائلا : ” أنا الحاكم الفعلي لك أيها الجسد، خد راحتك عني لحظة و اظفر بساعة التخلص، لكن وما إن سمعته باقي الأعضاء حثى أثار قوله حفيظتها و تحولت مرحاضي الكئيبة إلى برلمان اللمة على وزن الأمة، فتعالى الصراخ و ترامى الكلام الموجه و المرسل فتعالى السب و القدف هنا و هناك ” . نطق الرأس قائلا : صمتا أيها الإخوة لما ترفضون زعامتي ؟ ، و أنا حامل الدماغ وهو أيقونة الفكر و الأوامر الذاتية و أحوي عينين و لسان و شفتين هما القن السري لملذات الحياة ، إذن أنا من له صلاحية الزاعمة أيها الجسد العليل . لم تصبر اليدين فقالت للرأس أدنو لتسمع مني، لا أكثرت فأنا من يمدك بالمدد و أمنع عنك المس من كل أحد … و في خضم الصراع ضحكت البطن قائلة : على رسلكما أيها المسكينين، لا تعجبا بنفسيكما كثيرا !!! فأنا حاوية مادة الحياة و معمل الجسد و مضخة الدم و الأكسيجين فبدوني أنتم فانون لا محال لكما… احتدم الصراع و لم تجد رجلي لحوارهم عزما، فصرخت بصوت عال اهتزت على إثره أرضية المرحاض ثم قالت : ” يا قطعة من هذا الجسد العليل، أنا الزعيمة بلا جدال و لا منازع لأنني من يحملك و يبطش لك حيث أنقلك لما فيه خير لك و أهرب بك من كل شر وشيك سيداهمك” . اشتد الصراع و أنا في عسرة من أمري ثم وقع ما لا يحمد عقباه ، فقد صدر صوت حرك جدران المرحاض و اعترى المكان صمت رهيب فلا تجد أحد يتحدث إلا همسا و تكلمت مؤخرتي بصوت منخفض قائلة : لا تُتعبوا أنفسكم، فأنا الزعيم الشرعي لهذا الجسد الحبيس مند وقت طويل لكن تواضعي لم يزدكم إلا غرورا، انفجر باقي الجسد بالضحك و انقسم بين مستهزئ و مستنكر من هذا الكلام فما كان لمؤخرتي إلا أن قامت و منعت خروج المنبوذ المنتضر، فتحول المشهد إلى ولادة متعسرة بين الأمعاء في هذه اللحظة الأكثر من حرجة و اكتفت مؤخرتي قائلة سنرى لمن الزعامة اليوم . و في توقيت لم يتراوح مدته بعض ثوان احتار العقل و قل النضر و عجز اللسان عن النطق و لم يبالي السمع و ارتفعت اليد اليمنى احتجاجا و اليسرى اكتفت بالضرب على الحائط من شدة الحرج و البطن أضاء كالضوء الأحمر كإشعار منه بانفجار وشيك و أصيبت الرجل ببطء في الحركة إن لم أقل تغيرت مشية الجسد و صمت الكل في وقت قالت المؤخرة كلمتها الخيرة : ” من يتزعمك أيها الجسد العليل ؟ “ أجابها الجسد العليل التابع المسكين : نعترف لك أيها الزعيم اللطيف أنك حاكمنا و لك منا السمع و الطاعة … و هكذا أُطلق سراح الجسد و تمت عملية التخلص من فضلات ليلة بأكملها و ارتاح الجسد و بات الكل في صحة يتمايل فرحا في ضل ديمقراطية المؤخرة… للأسف هذا ليس أسلوبي في الكتابة و لكنه مجرد رد بسيط على بعض من ينصبون أنفسهم زعماء جماعات مرموقين بعض ممن يمثلون حركات الفكر و التحرر… تذكير ككل مرة ، كلماتي ليست قرآنا منزل و لكنني أكتبها لا لأعود إليها و لكن ليعيد تصحيحا الآخرون..