تفيد الدراسات التي خصصت لتناول ظاهرة الاحتجاج في العالم أنه كلما ضيقت السلطات هامش حرية الاحتجاج الا وطورت الشعوب وسائل احتجاجها ودفاعها عن كرامتها وحقوقها لترتقي الى مستوى المقاومة المدنية السلمية، ولكل شعب إبداعه في هذا المجال عبر التظاهر ورفع الشعارات واللافتات او اختيار نهج الاحتجاج الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولقد أبدع حراك الريف احتجاجه ونجح في ايصال رسالته ومطالبه بشكل حضاري، ولكن المثير أنه عوض فتح حوار جدي حول دفتر مطلبي واضح المعالم، تسائل البعض مرعوبا : لماذا طال أمد الاحتجاج؟ عوض التساؤل لماذا طال امد المظالم والمنع وقمع الحريات، ولماذا الامعان في التنكر لمطالب شعبية مشروعة تساءلوا" لماذا طال أمد الاحتجاج وكانهم كانوا يترقبون اخواننا وأهلنا في الريف ان يتظاهروا من أجل المطالبة بالمزيد من القمع والاعتقال، والمزيد من إهدار مستقبل أجيال جديدة ولدت ونشأت في محيط وبيئة مقفرة تنسف حتى الأحلام البسيطة في حياة كريمة، لذلك فان اللجوء الى الاحتجاج ييقى من تحصيل حاصل، بعد ان اغلقت كل ابواب الحوار والتواصل وسادت لغة التعنيف المصحوبة بالاعتقالات التي تزيد الامور تعقيدا، خصوصا وان السلطات اعتادت على اللجوء الى الحلول السهلة المعتادة منذ زمن بعيد، اي السجن والعصا لمن عصى الاملاءات المخزنية التي هدفها الطاعة والولاء للأمر الواقع مهما كان بئيسا ومرفوضا بمقياس القيم الانسانية المتعارف عليها عالميا، وهو ماينسف بالاساس شعارات الديمقراطية المفترى عليها والدساتير المحبرة على الورق، ووهم الانفتاح الذي الذي يبيعونه للأجانب بعد ان نفذ مفعوله في كل مدن وقرى المغرب الموبوءة بهوامش وأحزمة الفقر والتفقير والبؤس المفروض. انها ظروف مأساوية ولهذا نطالب اولا باطلاق سراح معتقلي الريف ومن بينهم ناصر الزفزافي ورفاقه وكذا انهاء مظاهر العسكرة والحصار والتوقف الفوري عن تلفيق التهم لحركة الاحتجاج السلمية، والاستجابة للمطالب الاجتماعية العاجلة والمشروعة للساكنة، ولا املك الا التضامن مجددا مع ابناء الريف البررة الذين منحوا للإحتجاج والنضال الجماهيري المغربي نفسا جديدا من اجل الحرية والكرامة.