سنوات مضت على غياب صاحبة الشخصية الغامضة الواضحة المتناقضة وصاحبت النبرة الشجية التي غنت "ليالي الأنس"، و"فرق ما بينا" و "يا ليالي البشر" و "رجعتلك يا حبيبي"، و"أهوى"، و"ليت للبراق عينا" و"أنا اللي أستاهل"، إنها المطربة العربية أسمهان واسمها الحقيقي آمال الأطرش، الجميلة الحسناء القوية، التي ملكت عقول وقلوب الرجال وكانت مثالا للأنوثة الطاغية. في هذا الإطار قام محرك البحث الأول عالميا "جوجل" بتغيير شعاره للوجه الحزين للمطربة أسمهان التي كلما تذكرناها أو استحضرنا صورتها نتذكر الصوت الشجي الحزين الذي لايزال يرن في الأذهان، ولاننسى شخصية المرأة الشرقية العربية المتمردة والمغامرة التي جعلت من حياتها القصيرة شريطا سينيمائيا مليئا بالأحداث، تأبى أن تنساه الذاكرة. أسمهان او آمال الأطرش، من عائلة كبيرة لعبت دورا بارزا في الحياة السياسية في سوريا ،أبرزهم سلطان الأطرش قائد الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي. هي ابنة لأب سوري وأم لبنانية، لديها ثلاثة أشقاء وشقيقة وهم: فؤاد وفريد الأطرش المطرب والموسيقار المشهور الذي أخذها إلى عالم الفن وجعلها نجمة إلى جانب شهيرات ذلك الوقت أم كلثوم، ليلى مراد وغيرهن. و كان لها شقيق ثالث يدعى أنور وشقيقة تدعى وداد. ولدت المطربة على متن باخرة كانت تقل العائلة من تركيا ثم انتقلت إلى سوريا لتضطر والدتها الأميرة علياء بعد مدة المغادرة إلى مصر. على إثر نشوب الثورة الدرزية وانطلاق الثورة السورية الكبرى لتقيم العائلة في القاهرة و معاناة بئيسة ، الأمر الذي دفع بالأم العمل كمغنية في حفلات الأفراح الخاصة لإعالة وتعليم أولادها الثلاثة. "إن أسمهان فتاة صغيرة لكن صوتها صوت امرأة ناضجة " هذا ماقاله الفنان محمد عبد الوهاب عن اسمهان وهي في سن السادسة عشرة. صاحبة مواهب غنائية وفنية مميزة ، بدأت الغناء منذ صغرها في البيت والمدرسة مرددة أغاني أم كلثوم و أغاني محمد عبد الوهاب وشقيقها فريد ،لتشاء الأقدار أن يسمعها الملحن داود حسني أحد كبار الموسيقيين في مصر تغني في غرفتها ليعجب بعد ذلك بصوتها، ولما انتهت قال لها "كنت أتعهد تدريب فتاة تشبهك جمالا وصوتا توفيت قبل أن تشتهر لذلك أحب أن أدعوك باسمها أسمهان" وهكذا أصبح اسمها الفني أسمهان. أميرة الجبل هكذا أصبحت تسميتها بعد زواجها من الأمير حسن الأطرش وانتقالها معه إلى جبل الدروز في سوريا لترزق بعد ستة سنوات بابنة وحيدة هي كاميليا، لكن حياتها في الجبل انتهت على خلاف مع زوجها، فعادت إلى مصر، لتعود من جديد إلى عالم الفن ولتدخل عالم التمثيل. "كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة" كانت أحد كلمات أغانيها الأخيرة معلنة نهاية أسمهان اللغز بعد أن انحرفت سيارة كانت تقلها وسقطت في الساحل مع اختفاء سائقها ليظل من يقف وراء موتها مجهولا إذ اتهمت فيما بعد المخابرات البريطانية التي يقال أن آمال تعاونت معهم في الكشف عن أسماء للمساعدة في تحرير لبنانوسوريا من قبضة النازية من جهة واتهم زوجها حسن الأطرش و أم كلثوم وشقيقها فؤاد الأطرش من جهة ثانية.